30/08/2009 - 10:51

حول الفعل الانتخابي في المؤتمر العام السادس لحركة فتح../ يونس العموري

حول الفعل الانتخابي في المؤتمر العام السادس لحركة فتح../ يونس العموري
ويدور كلام الكلام، في أروقة ودهاليز الجلسات الخاصة، وتلك المغلقة وربما في الأطر العامة، حول مصداقية العملية الانتخابية للأطر القيادية لحركة فتح في المؤتمر العام السادس، وهل بالفعل ما تم إعلانه من نتائج تمثل إرادة الناخب الفتحاوي؟؟ حيث الكلام البيزنطي والجدل الصاخب، وكل الذين أخفقوا بالعملية الانتخابية يرون أن ثمة تلاعبا قد تم بتلك النتائج، على اعتبار أن التفسير الوحيد الذي يملكونه لإخفاقهم هو فعل التزوير وعدم النزاهة وفقدان الشفافية، مع العلم أن من رشح نفسه للانتخابات قد بلغ ما نسبته 42% من عديد المؤتمر ككل.

وحتى نفسر هذه الظاهرة تفسيرا علميا لابد من أن نتناول هذه المسألة بشيء من التحليل المبني على أسس فعلية وواقعية لما جرى بثنايا الفعل الانتخابي وهو ما سنحاول مقاربته ومطالعته. وقبل كل شيء لابد من التأكيد على جملة من الحقائق والمدركات التي اعتقد أنها تشكل الفهم الأبجدي الأول في سفر تكوين حركات التحرر الوطني من خلال المسلسل التاريخي للفعل الوطني التحرري إذا ما جاز التعبير والفهم، وهو ما يتناقض مع ما جرى ويجري في أتون حركة فتح، فالفعل المسمى ديمقراطي على أساس انتخابي وفتح الباب على الغارب لكل من يريد أن يتبوأ المقعد القيادي لحركة نضالية من خلال صندوق الانتخابات أمر لا يستوي والفعل التحرري ذاته فقيادة واحدة من حركات التحرر لا يمكن التربع على عرشها من خلال ورقة الانتخاب ولا يمكن أن تستوي الأمور بهذا الشكل، خاصة إذا ما علمنا أن شروط الترشح لعضوية المناصب القيادية فضفاضة وواسعة ويمكن تفسيرها وتطويعها وفقا لرغبات الكل.

وبصرف النظر عن تلك الشروط لاحظنا أن المؤتمر العام السادس لحركة فتح قد كان مهرجانا انتخابيا بامتياز حيث أن جل فعل المؤتمرين وجهدهم قد انصب بالأساس على العملية الانتخابية وضروراتها وتحالفاتها حيث انقلبت معادلة انعقاد المؤتمر وما خرج عنه من أدبيات وقرارات سياسية اعتقد أنها قد ظُلمت ظلما كبيرا على حساب ما يسمى بالفعل الانتخابي للأطر القيادية التي لم تعكس بالضرورة وقائع ونبض الفهم الحركي النضالي التحرري على اعتبار نتيجة العملية الانتخابية بهكذا أجواء لم ترق برأيي إلى مستوى الأداء السياسي للحركة أو على الأقل ما خرج به المؤتمر من قرارات وبرامج عمل وهو ما يمكن اعتباره فعلا هجينا للنتائج حيث الأدبيات بواد والنتيجة القيادية بواد آخر.

وهنا أنا لا اتهم أو أقلل من قيمة أحد في الأطر القيادية للحركة إلا أن ثمة حقيقة واحدة اعتقد أنها ملموسة وواضحة حيث أن هذه القيادة العتيدة لحركة فتح يشوبها نوع من أنواع التصارع والصراع متعدد الأشكال، حيث صراع مراكز القوى التي تعزز نفوذها ووجودها، وبمكان آخر ثمة صراع متأجج يعكس وقائع الصراع السياسي ما بين منهجين متناقضين متناحرين لا يلتقيان بأساليب العمل ولا بتوصيف ماهية المرحلة ولا حتى بالهدف الاستراتيجي لهذه المرحلة، والتي تتعاطى معها فتح وفقا لما أقرته جلسات المؤتمر العام مما يعني أن الإطار القيادي لفتح والمتمثل باللجنة المركزية والتي أتت بها العملية الانتخابية بشكلها الراهن قد جاءت على أسس أخرى غير الفهم العلمي الدقيق لما خرج به المؤتمر من توصيات وقرارات سياسية، الأمر الذي أحدث فجوة عميقة وسحيقة ما بين نتائج المؤتمر سياسيا وما بين النتيجة النهائية للجسم القيادي المتبلور الآن في اللجنة المركزية والمجلس الثوري ...

من هنا يمكن تحليل العملية الانتخابية بشكل مجرد والتي يطعن الكثير ممن أخفقوا بها وبنزاهتها وهو ما يتطلب أولا رسم طبيعة الخارطة الفعلية للمؤتمر. حيث أن المؤتمر قد تم تعويمه بالأيام الأخيرة من خلال زيادة عديده وهو ما كان مقصودا حسب رأيي للتأثير بالصوت الانتخابي، أي أن المؤتمر ومن خلال أدوات الضغط للعديد من مراكز القوى قد أيقنت أن فرصتها في تعزيز نفوذها ومواقعها ضعيفة في ظل صيغة عضوية المؤتمر وفقا للمعايير الصارمة للعضوية الأمر الذي دفع باتجاه ممارسة الشغب والصخب من هنا وهناك وممارسة أقصى درجات الضغط التي هددت بعدم عقد المؤتمر مما دفع اللجنة التحضيرية للرضوخ للضغط متعدد الاتجاهات والتوجهات والذي أنتج بالنهاية مؤتمرا بالشكل الذي شهدناه فيه الكثير من الثغرات والنعرات وما يسمى بالتوازنات الجغرافية والإقليمية الأمر الذي خلق أطرا ليس لها علاقة بالتفاهمات أو الترتيبات السياسية لهذا المحور أو ذاك، وبرغم ذلك فقد أنتجت العملية الانتخابية مناهج سياسية متناقضة متخربشة وذاتها وجزء منها متناقض وأساسيات فتح ذاتها مما يعني أن الفعل الانتخابي لم يكن على أسس التوجهات الفتحاوية وما عكسته نبض قاعة المؤتمر وهو ما يلقي العديد من التساؤلات.

وعودة على بدء حول مسألة الفعل الانتخابي ونزاهة هذا الفعل لا بد أن نعترف أننا بعيدون كل البعد عن ثقافة الفهم الفعلي والعملي للديمقراطية وممارسة الحرية والتسليم بقوانينها والمسألة ليس لها علاقة بالتسليم بالنتيجة فحسب، بل هي عملية متكاملة متصلة لها العديد من الحلقات والدوائر أخرها فعل الاقتراع وهو ما لم نمارسه وبالتالي تأتي النتائج أولا مشوهة إلى حد ما وثانيا تأتي النتائج وكأنها من فعل التزوير والتلاعب على اعتبار أن الخلفية التي تحكم منطقنا تقوم بالأساس على التشكك والتشكيك وكوننا نمارس الديمقراطية المبتورة أو المشوهة الأمر الذي تعتبر معه عملية الاقتراع مشوهة أيضا ...

التعليقات