14/11/2009 - 10:19

لا سلام ولا أوهام../ د.جمال زحالقة

لا سلام ولا أوهام../ د.جمال زحالقة
لم ينقشع الضباب، الذي لف لقاء نتنياهو – أوباما قبل انعقاده. انتهى اللقاء وبقي الضباب كما هو، مما فتح الباب أمام كثير من التكهنات المتناقضة حول حقيقة ما جرى خلاله.

هناك من تحدث عن خيبة أمل أمريكية من اللقاء، وآخرون وصفوه باللقاء المتوتر والمحرج وغير ذلك. في المقابل وصف المقربون من نتنياهو الاجتماع بأنه كان ناجحاً وحصلت فيه تفاهمات كثيرة، وعبروا عن رضاهم ورضا نتياهو من أوباما ومن اللقاء. البعض وصل إلى استنتاج بعيد المدى: إما أن اللقاء صعب وفاشل وإما أنه حصل فيه اختراق هام، والحالتان تستلزمان التعتيم عليهما.

يبدو أن الأمريكان تعلموا الدرس من المؤتمر الصحفي الذي عقدته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مع بيبي نتياهو، والذي سبب ردود فعل غاضبة في الشارع العربي والفلسطيني، بعد أن عبرت كلينتون عن دعمها لمواقف نتنياهو، وأبدت إعجابها بتنازلاته „العظيمة” من اجل ما يسمى بالعملية السلمية. لذا لم يعقد مؤتمر صحفي بعد لقاء أوباما ونتنياهو، حتى لا يزيد الطين بلة بعد إعلان الرئيس أبو مازن عدم ترشيح نفسه لتعثر مسار المفاوضات، الذي راهن عليه ورفض أي بديل عنه.

خلال اللقاء لم يكن هناك ضباب في واشنطن، الضباب كان مصطنعاً. حين يكون الضباب مصطنعاً، يكون هناك هدف من ذلك. ما يهم نتنياهو، أكثر من أي أمر آخر هو الملف الإيراني، النووي أولاً ودعم قوى المقاومة في المنطقة ثانياً.

يعتقد نتنياهو أن العناية الإلهية اختارته لينقذ شعب إسرائيل من قنابل نووية إيرانية تنهال عليه. في هذه القضية تحديداً، تعمق فيما يبدو التفاهم بين الرجلين، ويبدو ان الضباب جاء ليغطي على تفاهمات لها طابع أمني، تخص إيران وغيرها، أكثر من التغطية على اختلاف في وجهات النظر في ملفات سياسية تخص فلسطين وسوريا.

حين يقول نتنياهو أن العلاقة مع أوباما وإدارته جيدة، فهو يقصد التفاهمات حول إيران وشروط أوباما تجاهها، ويقصد وقوف الولايات المتحدة دفاعاً عن إسرائيل في التعامل مع تقرير غولدستون، ويقصد أيضاً المناورات العسكرية التي شارك فيها حوالي 1400 مجند أمريكي وكذلك مساعدات عسكرية جديدة بكل ما يخص الأنظمة المضادة للصواريخ ومجالات أمنية مختلفة.

بالمجمل يعتقد نتنياهو ومن لف حوله أن العلاقات مع الولايات المتحدة قوية وتتحسن في المتن، وفيما تعتبره إسرائيل اليوم هوامش هناك بعض الاختلافات في وجهات النظر، لم ترتق إلى درجة الخلاف الجدي، ناهيك عن عدم وجود أي أزمة في هذه العلاقات لا في قضية الاستيطان ولا في غيرها.

لقد اعلن الرئيس محمود عباس عن عدم ترشيح نفسه لولاية ثانية، بعد أن اصطدم بانسداد في مسار المفاوضات، وبعد أن خاب أمله من رغبة وقدرة الولايات المتحدة على اختراق هذا الانسداد. هذا الانسداد ليس حالة عابرة، بل حالة دائمة، وقد كان قائماً منذ وقت طويل وجرى الالتفاف حوله بصناعة الأوهام.

نتنياهو ليس شريكاً لا في عملية السلام ولا حتى في صناعة الأوهام. الكل يقترب من لحظة الحقيقة، وها هو الرهان الأخير المتجسد بشخص براك أوباما يثبت أنه لم يغير شيئاً من الانحياز الكامل لإسرائيل. لقاء أوباما ونتنياهو لم ينتج حتى الحد الأدنى اللازم لاستئناف المفاوضات، حتى مفاوضات عبثية ووهمية. المطلوب فوراً هو إعلان فلسطيني وعربي رسمي عن دبلوماسية المفاوضات، على الأقل حتى يحصل تغيير جذري في الموقف الإسرائيلي، وهو لن يحصل في المستقبل المنظور. الكف عن الأوهام وطرح بدائل للمفاوضات هو مطلب الساعة. وهذا يجب ان يبدأ بمصالحة حقيقية وبناء استراتيجية مشتركة للنضال الفلسطيني وهو أمر قابل للتنفيذ بعد أن أعلنت حماس موافقتها على الورقة المصرية للمصالحة.

التعليقات