18/07/2010 - 11:19

نتنياهو – قراءة متجددة في الفكر والخرائط!../ نواف الزرو

نتنياهو – قراءة متجددة في الفكر والخرائط!../ نواف الزرو
ظن نتنياهو الذي كان يتحدث خلال زيارة له لمستوطنة "عوفرا" شرق رام الله عام/2001 أن عدسات التصوير مطفأة، فتبجّح بأنه هو الذي أوقف تنفيذ اتفاقات أوسلو، وعرضت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي وجه نتنياهو الحقيقي (المحتال)، حسب وصف الكاتب جدعون ليفي في صحيفة هآرتس- الجمعة 16/07/2010 التي نشرت التقرير بعنوان "محتالياهو"، وتساءل ليفي عن موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما فيما لو شاهد الشريط، وهو الذي أبدى الأسبوع الماضي ثقته بقدرة نتنياهو على "المجازفة من أجل السلام"، ورأى أن نتنياهو تفوّق على كل زعماء إسرائيل السابقين في "الخداع وتضليل أمريكا وبلبلة الفلسطينيين وتضليلنا جميعاً"، مضيفاً أن الشخص الذي يظهر في الشريط (نتنياهو) يشهد على نفسه بكلامه أنه محتال، مضيفا "دعوكم من خطبة بار إيلان، انسوا الإنجازات الموهومة في زيارته الأخيرة لأمريكا، هذا هو نتنياهو الحقيقي".
واعتبر ليفي أن هذا الشريط يشكّل نهاية المزاعم الاسرائيلية بأن الفلسطينيين مذنبون في فشل اتفاقات أوسلو، حيث كشف نتنياهو أمام مستضيفيه في عوفرا عن الحقيقة العارية: فهو قضى بيديه وبأفعاله على اتفاقات أوسلو، بل يفخر بذلك، بعد سنين حاولوا فيها إفهامنا أن الفلسطينيين مذنبون، كشفت الحقيقة من فم صاحب الشأن، وكيف فعل هذا؟ روى أنه اشترط توقيعه على اتفاق الخليل بموافقة أمريكية على ألا تقع انسحابات من "مواقع عسكرية محددة"، وأنه سيقرر ما هي هذه المواقع، مثل غور الأردن كله، ويتباهى نتنياهو "إنني وقفت منذ ذلك الحين ضد اتفاقات أوسلو"، وفي استصغار من شأن حليفته قال نتنياهو في الشريط أنا أعلم ما هي أمريكا، أمريكا شيء يمكن تحريكه بسهولة"، وقال عن الفلسطينيين "إنهم يريدون رمينا في البحر"، ويعقّب ليفي "لا يستطيع أحد إقناعنا بأنه (نتنياهو) متجه إلى تسوية مع اعتقاد بدائي كهذا".

قد نكتفي بما اورده ليفي هنا، فما يقوله عميق وحقيقي وخطير، وقد يقول الكثيرون ما لنا وما لوجه نتنياهو الحقيقي في هذه الايام، فكل الامور واضحة وضوح الشمس ولا حاجة بنا لنقرأ وجه نتنياهو من جديد، فكلهم في الكيان الصهيوني سواسية متفقون في الاستراتيجيات والأهداف.. وكلهم شارون أو نتنياهو فيما يتعلق بالقضية والحقوق... وقد يكون مع هؤلاء الحق الى حد كبير، غير أن إجماعنا نحن -وهذا جيد- على أنهم هناك في الكيان الصهيوني مجمعون ومتفقون على الإجهاز على القضية والحقوق لا يعفينا من ضرورة قراءتهم دائما ومتابعة فكرهم ومخططاتهم وأهدافهم.

فحينما يقول الرئيس الامريكي أوباما بعد لقائه بنتنياهو قبل اسبوعين:"بحثنا بشكل معمق وشامل فرص عملية السلام في الشرق الأوسط، وأعتقد أن نتنياهو يريد السلام ومستعد للمجازفة من أجل السلام، وخلال محادثاتنا كرر التزامه الخوض في مفاوضات جدية مع الفلسطينيين/7/7/2010"، فان الجميع يغدو بحاجة متجددة لإعادة قراءة نتنياهو واستحضار أفكاره وخرائطه ومواقفه الحقيقية تجاه قصة أوسلو والسلام، والجميع بحاجة متجددة للوقوف على الوجه الحقيقي لنتنياهو وأقطاب كيانه.

فمنذ البدايات الأولى لظهوره وحضوره على صعيد الليكود واليمين الإسرائيلي، كان نتنياهو واضحاً وصريحاً وجريئاً إلى أبعد حدود الوقاحة والاستخفاف والعنصرية والعنجهية، في التعامل مع الفلسطينيين وعملية المفاوضات، واستوعب الجميع أن نتنياهو يمثل الخلاصة المكثفة جداً للأباء المؤسسين والمنظرين والزعماء التاريخيين لمعسكر الليكود واليمين الصهيوني، وأنه قادم لطربدة ونسف "عملية السلام" و "أوسلو" والطموحات الوطنية الفلسطينية، والدفاع بالمقابل عن "أرض إسرائيل" والأحلام الصهيونية.

ولم يخيب نتنياهو ظن أحد كما تبين بعد فوزه في رئاسة الحكومة الإسرائيلية في انتخابات عام 1996، رغم أن وسائل الإعلام وبعض التحليلات التسويقية حاولت تصوير نتنياهو على أنه رجل براغماتي / عملي يختلف في موقعه كرئيس للحكومة الإسرائيلية عنه في موقع المعارضة.

فانتهج نتنياهو كما كان متوقعاً منذ البداية سياسة هجومية كاسحة ضد أوسلو والفلسطينيين، فتحدث تباعاً عن "فشل مفهوم أوسلو، وعن موت عملية السلام – هآرتس"، وكذلك عن "أنه سيواصل عملية البناء الاستيطاني وعن أن شيئاً لن يوقف عن هذا البناء لا في جبل أبو غنيم ولا في أي موقع آخر - الدستور الأردنية "، وبنى نتنياهو سياسته على افتراض "أن الفلسطينيين سوف يتأقلمون ويتعودون على خفض مستوى طموحاتهم الوطنية – معاريف"، في حين وجه غير مرة خطابات نارية ضد الفلسطينيين داعياً إياهم إلى "التكيف مع الواقع وإلى تقبل فكرة أن إسرائيل لن تنسحب إلى حدود الرابع من حزيران، ولن تقلص نفسها ببناء حائط برلين داخل عاصمتها - الرأي الأردنية".

ولم يتورع نتنياهو عن "أن يعلن ببالغ الوضوح عن أن الضفة الغربية يجب أن تكون جزءاً من إسرائيل - هآرتس "، بينما صرح وأكد في أكثر من مناسبة "أن السلام قد انهار وتحطم، وأنه لم يكن هناك عملية سلام، وقد شاهدنا انهيار الصفقة الأساسية لأوسلو – هآرتس/1998".

وخلاصة وصف فلسفة نتنياهو ومكوناتها "أنها استندت إلى منطق القوة والعربدة والاستخفاف وفرض سياسة الأمر الواقع وإجبار الفلسطينيين والعرب على التأقلم معه – تحليل سياسي، الدستور الأردنية 30/8/1997"، وقد نصح نتنياهو باراك بعد فوزه عليه بالانتخابات بانتهاج سياسة القوة قائلاً له: "عليك أن تتبع سياسة متشددة تجاه عرفات والأسد.. اقبض عليهما من خناقهما، وعليك أن تنتهج سياسة متشددة تخفض سقف الطموحات الوطنية الفلسطينية – صحيفة يديعوت أحرونوت".

لقد أنتجت وفرضت لغة القوة لدى نتنياهو كما هو معروف سياسة افتعال الأزمات والمآزق والمماطلة والتأجيل والتعطيل والمواجهات، التي توجت في حينه بأزمة النفق وانتفاضة الأقصى، التي أعقبها أيضاً اتفاق واي بلانتيشن ولعبة الخرائط والنسب التي أتقنها نتنياهو بامتياز.

كما أنتجت جملة من الخرائط والمشاريع المتعلقة بقضايا التسوية النهائية، فكشفت صحيفة معاريف العبرية النقاب عن خطة نتنياهو –1- تتعلق بالتسوية الدائمة كانأعدها نتنياهو في أعقاب أزمة النفق/1996 فيما يلي أهم بنودها :
1- سوف تنقل " إسرائيل " إلى الفلسطينيين ما بين 45-50% من مساحة الضفة الغربية على أساس خريطة المصالح الأمنية التي قدمها الجيش الإسرائيلي للحكومة.
2- ستحتفظ إسرائيل بغور الأردن وغوش عتصيون والقدس الكبرى وقطاع يمتد على امتداد خط التماس، ومعظم المستوطنات.
3- ستبقى القدس تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، مع إبداء الاستعداد لإدارة الأماكن المقدسة من قبل ممثلين دوليين ومن ضمنهم ممثلون فلسطينيون، ويمكن أن ترفع أعلام أجنبية إلى جانب العلم الإسرائيلي في الأماكن المقدسة.
4- في ظل هذه الشروط يمكن أن تعترف إسرائيل بدولة فلسطينية مجردة من الجيش والأسلحة، على أن يكون لها أيضاً تواجد في مطار الدهنية وميناء غزة البحري – صحيفة معاريف 21/3/1997".

وقد رفض الفلسطينيون هذه الخطة جملة وتفصيلاً.

و في الرابع من حزيران /1997، عرض نتنياهو أمام حكومته الأمنية المصغرة الأساسية المبادئ لخطته للتسوية الدائمة مع الفلسطينيين أطلق عليها اسم " ألون + "، نسبة إلى مشروع يغئال ألون المشار إليه سابقاً، فيما يلي أهم بنودها :
1- معارضة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
2- القدس الكبرى تحت السيادة الإسرائيلية إلى الأبد.
3- تحتفظ إسرائيل بتكتلات الاستيطان الكبيرة في غور الأردن وغوش عصيون وعلى امتداد الخط الأخضر وفي قطاع غزة، وكذلك بالطرق الحيوية، وبمصادر المياه – صحيفة هآرتس 5/6/1997".

وعزز نتنياهو خطوطه الحمراء وثوابته في التسوية الدائمة بعد ذلك، غير مرة، حيث أعرب على سبيل المثال عن " نيته ضم 64% من مساحة الضفة وغزة لإسرائيل – هآرتس".

وهناك جملة أخرى من الأفكار والمقترحات والخطط التي أعدها وعرضها نتنياهو على مدى فترة حكمه، الأولى، ما تزال تشكل كلها معا الوجه الحقيقي له، وتشكل اساس تحركاته السلامية المزعومة في حكومته الحالية.

نحتاج دائما الى قراءة ومتابعة ما يجد من افكار ومخططات وخرائط ومواقف واجندات لديهم.. فالصراع مفتوح...!

التعليقات