سيكون عبثاً عربياً آخر، لو قرأنا تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية ا تسيبي ليفني والداعية إلى ترحيل الفلسطينيين الذين باتوا يعرفون ب”عرب 1948”، البالغ عددهم نحو مليون نسمة، على أنها مجرد مزايدة انتخابية.
ال”ترانسفير” لمن تبقى في الجزء الفلسطيني المحتل عام ،1948 والذي عليه شيدت دولة العدوان هو فكرة ما انفكت تُداعب مخيلة القادة الصهاينة على تدرج أهوائهم السياسية.
هذا التدرج لا يصح التعويل عليه، لأن جوهر الموقف الصهيوني من الحق العربي هو واحد عند الأحزاب الصهيونية جميعها، وعند المؤسسة الدينية اليهودية ذات التأثير في صوغ القرارات السياسية المصيرية في دولة العدو.
قراءة التحولات في تفكير من تعاقبوا على الحكم في الدولة الصهيونية منذ تأسيسها، تسمح بملاحظة ذلك التزايد في الميول العنصرية واليمينية المتطرفة في المزاج السياسي للأحزاب “الإسرائيلية”.
فبعد أن كانت تتباهى بما تصفه بالفسيفساء التي منها تتكون الدولة العبرية التي استوعبت السكان الفلسطينيين، رغم أنها في حالة حرب مع الدول العربية، نجدها قد تحولت إلى المجاهرة بنقاء الدولة اليهودية.
وهو الأمر الذي لا يمكن تفسيره إلا بطرد من تبقى من فلسطينيين في ديارهم الأصلية التي كسبت العصابات الصهيونية الحرب عليها في عام 1948 بتواطؤ المجتمع الدولي وبالخذلان الرسمي العربي.
في مرحلة قريبة آتية سيكون موضوع ال”ترانسفير” أحد موضوعات المقايضة المريرة في أية مفاوضات ستتعرض للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وغزة.
وسيكون لسان حال المفاوض الصهيوني يقول: “يمكن أن نفكر في تفكيك بعض هذه المستوطنات، لقاء تهجير عرب 1948 إلى الأراضي التي يمكن أن تنشأ عليها دولة فلسطينية، أي إلى ما تبقى من الضفة وقطاع غزة.
ومع أن حلم قيام الدولة الفلسطينية يبتعد أكثر فأكثر، فإن الابتزاز الذي تنطوي عليه تصريحات ليفني واضحة، حتى لو تظاهرت بتراجع شكلي عنه.
ما من كلام سياسي يُقال في الهواء وبغرض الاستعراض كما يريد البعض أن يقنعونا.
الرسالة واضحة في ما قالته ليفني، فالمزيد من التردي في الموقف الفلسطيني أمام هشاشة الجبهة الداخلية في الساحة الفلسطينية المُنقسمة على نفسها، وعجز الموقف العربي، فإن الصهيونية ستستمر في إملاء شروطها، وما يبدو اليوم تصعيداً لفظياً من جانبه، هو بند أصيل في “أجندة” ما انفكت تفصح عن نفسها.
التعليقات