31/10/2010 - 11:02

تناقض في المواقف ورفض الحوار الثنائي../ مصطفى إبراهيم*

تناقض في المواقف ورفض الحوار الثنائي../ مصطفى إبراهيم*

فجأة أصبح الرئيس الفلسطيني محمود عباس متحمساً للحوار الوطني الشامل، ويصر على أن يكون الحوار شاملاً، والتنسيق الكامل مع كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، بناء على الدعوة المصرية لجولة جديدة للحوار من خلال الورقة المصرية، والمنتظر عقدها في التاسع من الشهر المقبل في القاهرة، ويرفض بشدة الحوار واللقاء الثنائي بين حركتي "فتح" و"حماس"، كما تصر الأخيرة.

وعلمنا من مصادر موثوقة أن الرئيس عباس يصر في الجلسات والاجتماعات المغلقة على أن تكون المبادرة اليمنية للمصالحة هي الأساس، التي اعتمدتها قمة الجامعة العربية في دمشق في شهر آذار (مارس) الماضي، وما يزال متمسكا بموقفه بخصوص تشكيل حكومة تكنوقراط، تكون مهمتها تنظيم انتخابات متزامنة مبكرة رئاسية وتشريعية، ومطالبته بوجود خبراء عرب لإعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

وكما ذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية أول من أمس أن الرئيس عباس يطالب العرب باتخاذ مواقف سياسية وقانونية عربية، في شأن ولايته التي تصر حركة "حماس" على انتهائها في التاسع من كانون ثاني (يناير) 2009.

الرئيس عباس ينسق مواقفه مع فصائل منظمة التحرير للذهاب للحوار بموقف موحد من الحوار، والورقة المصرية المقدمة للفصائل التي على أساسها سوف يجري الحوار، تباينت مواقف الفصائل منها، سواء المنضوية تحت إطار المنظمة، أو تلك التي خارجها، خاصة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".

فخلال الأسبوع الماضي عقدت اللجنة التنفيذية للمنظمة اجتماعاً في را م الله، ضم معظم فصائل المنظمة لتنسيق مواقفها من الحوار الشامل في القاهرة ومناقشة الورقة المصرية، والذهاب بموقف موحد في مقابل موقف "حماس" التي تصر أيضاً على عقد لقاء ثنائي مع "فتح" قبل بدء الحوار، وتقول إنه لا يوجد لديها خلاف مع بقية الفصائل، وان الخلاف مع "فتح" فقط، وكان واضحاً التناقض في المواقف والتباين في التصريحات والمواقف من الورقة المصرية.

وعلى رغم ذلك يصر الرئيس عباس على الظهور بموقف الحريص على تنسيق المواقف على أن يكون الحوار شاملاً، ويرفض بشدة الحوار الثنائي، ومع كل ما صدر من تصريحات ومواقف متناقضة بين فصائل منظمة التحرير من جهة، ومواقف بعض الفصائل الأخرى مع الرئيس عباس من جهة أخرى، يؤكد الرئيس عباس خلال مؤتمر صحافي عقده في القاهرة إثر إنتهاء الاجتماع مع الرئيس المصري حسني مبارك، صباح السابع والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) 2008، حيث قال: الرئيس عباس أن "كل فصائل منظمة التحرير وافقت على الورقة المصرية، ونحن ندعمها".
إلا أن بعض الفصائل الفلسطينية عبرت عكس ما صرح به الرئيس عباس.

وحسب المعلومات التي تحدث بها بعض وسائل الإعلام من أنه صدرت مواقف وتحفظات على الورقة المصرية من تلك الفصائل، وكذلك الموقف من حركة "حماس"، ففي حين تطابقت مواقف ووجهة نظر بعض الفصائل القريبة من الرئيس عباس من الورقة المصرية، اختلفت مواقف فصائل أخرى وتمسكت بوثيقة الوفاق الوطني 2006، واتفاق القاهرة 2005، كمرجعية للحوار وغيرها من البنود المتعلقة بالمقاومة، وشروط الرباعية الدولية المطالبة بالاعتراف بإسرائيل، وإعادة بناء المنظمة.

ولم تكتف الفصائل التي تحفظت على بعض بنود الورقة المصرية، وعبرت عن موقف مختلف من موقف الرئيس عباس، ونسفت كل تصريحاته في القاهرة حول موافقتها على الورقة المصرية، عندما عقدت اجتماعاً رباعياً في غزة ضم كل من الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لصياغة مواقف موحدة من الورقة المصرية، ما وضع الرئيس في موقف محرج، إذ تقاطع الفصيلان الأكبر في المنظمة بعد "فتح" مع مواقف "حماس" وليس مع "فتح" كما قال الرئيس كي يحرج "حماس".

ومع ذلك فأن الاختلاف يبقى طبيعياً في إطار العمل على إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني من جديد والمصلحة الوطنية، والانطلاق بعد عام وعام ونصف من الانقسام السياسي، والاتفاق على العودة للحوار على أسس سليمة من خلال الشراكة الحقيقة، والأساس هو الحوار الوطني الشامل، وليس الحوارات الثنائية المبنية على المحاصصة.

والمطلوب من الفلسطينيين جميعا أن تكون لديهم النية والإرادة الصادقة الحقيقة للبدء من جديد، وليس اتخاذ مواقف سياسية حادة ومتشنجة وتشبث كل طرف بموقفه ومصالحه على حساب مصلحة الوطن والقضية، فليس من العيب أن تصاغ مواقف موحدة على قاعدة الشراكة والثوابت، وليس تصريحات وشعارات تتحدث عن مواقف موحدة لفصائل المنظمة، ورفض اللقاءات والحوارات الثنائية، وفي الوقت ذاته الإصرار على تبني مواقف مسبقة من خلال التمسك بالمبادرة اليمنية، وحكومة تكنوقراط وإعادة بناء الأجهزة الأمنية، وتأجيل البحث في قضايا مصيرية وملحة كقضية إصلاح المنظمة وإعادة بنائها.

الفرصة ما تزال قائمة أمام المتحاورين في القاهرة، وهناك متغيرات دراماتيكية سياسية إقليمية ودولية، خاصة في ما يجري في الساحة الإسرائيلية من التحضير للانتخابات والجمود المتوقع في سير العملية السلمية التي ما يزال الرئيس عباس يراهن على الاستمرار في ذلك، و المضي فيها من دون أفق، ويجب استغلال الوقت من قبل الفلسطينيين لإعادة الوحدة وإنهاء الانقسام.

التعليقات