31/10/2010 - 11:02

فلسطين- ست حقائق كبيرة!!../ نواف الزرو

فلسطين- ست حقائق كبيرة!!../ نواف الزرو
تصوروا إلى أي مستوى ينحدر المشهد الفلسطيني...!
- مجزرة على شاطئ غزة ضد مقاتلي حماس جراء تفجيرات شيطانية إجرامية مبيتة اقترفتها أياد بالتأكيد ليست أياد فلسطينية نظيفة، وهي تفجيرات لا تخدم سوى الاحتلال بكل المقاييس...!.
- ثم اختطافات واعتقالات وتعذيب بالجملة للقيادات الكبيرة والمخضرمة وللكوادر الوطنية المناضلة لدى كل طرف من الطرفين...!
- ثم حرب إعلامية تشهيرية شرسة يخون كل طرف فيها الآخر على نحو لا يصدق...!
- والمؤشرات لا تبشر بخير بل توحي بتكرس هذا المشهد الفلسطيني المأساوي...!

طالب الدكتور محمد الهندي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بـ"الإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية وعن المعتقلين في قطاع غزة الذين ليس لهم علاقة بالتفجير على شاطئ غزة، وان يتم التزام الإجراءات القانونية في عمليات الاعتقال والتوقيف والملاحقات وأن يتوقف إغلاق المؤسسات"، ودعا الهندي إلى "أن تكون الأزمة الحالية مدخلاً ودافعا لحوار وطني حقيقي جاد ومسؤول يؤسس لترميم البيت الفلسطيني واستعادة وحدته، مؤكدا في الوقت ذاته أن استمرار الانقسام وإدارة الظهر لدعوات الحوار يؤسس لمزيد من النزاع والفرقة ويجعل من استعادة وحدة الشعب الفلسطيني أكثر صعوبة مع مضي الوقت، وفي ظل غياب أي إرادة عربية للمساعدة يصبح من واجب كل مسئول فلسطيني أن يدفع في اتجاه استعادة الوحدة وتقديم التنازلات هنا وهناك".

فهل ننتظر يا ترى استجابة لدعوة الهندي هذه من الأطراف المختلفة...؟!
كان الباحث الإسرائيلي المعروف ميرون بنفنستي كتب في هآرتس / 2007-10-11 يقول:" إن إسرائيل نجحت في تحطيم المجتمع الفلسطيني إلى أجزاء والفلسطينيون يساعدون في تكريس هذه الظاهرة، وعليه
فهم ليسوا بحاجة إلى نلسون مانديلا وإنما إلى جوسبا غريبالدي يظهر من بين صفوفهم ويوحدهم".
فهل هناك أصعب وأقسى من هكذا انحدار فلسطيني...!

تحملنا معطيات هذا المشهد إلى ما كنا كتبنا وعنه وحذرنا دائما منه...!
فربما لم يدر في خلد آبائنا وأجدادنا الذين حملوا رايات النضال والجهاد والتضحيات على امتداد القرن الماضي أن تصل الأوضاع الفلسطينية في مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني الاقتلاعي الالغائي الجارف، إلى ما وصلت إليه اليوم ونحن ما زلنا أمام الذكرى الستين للنكبة وإقامة الدولة الصهيونية من جهة أولى، وفي ظل الحملة الحربية الاحتلالية الشاملة ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة على حد سواء من جهة ثانية...!

وربما لم يأت حتى في حسابات و كوابيس وأحلام الأجيال المتعاقبة من أبناء الشعب الفلسطيني أن تدب الفوضى الشاملة، وان تتهدد الصراعات والخلافات الفلسطينية الداخلية المشروع الوطني التحرري الفلسطيني برمته، حتى قبل أن يتم تحرير شبر واحد من ارض الوطن، بل وفي ظل جحيم الاجتياحات والاغتيالات والمجازر الصهيونية المفتوحة....؟!

التجارب النضالية والتحررية التاريخية للشعوب الأخرى تفيد أن تلك الشعوب لم تكن لتقطف تحرير أوطانها من الاحتلالات إلا بعد نجاحها أولا في تشكيل جبهات واسعة عريضة ووحدة وطنية متماسكة...!
يبدو أن درس البديهيات النضالية التحررية لم يلتقط فلسطينيا مع بالغ الأسف حتى اليوم...؟!!!

هناك جملة حقائق كبير صارخة تحث الفلسطينيين على اعتماد لغة الحوار والتفاهم والوفاق والتوافق الوطني كلغة وحيدة لحل الصراعات والخلافات المحتدمة :

- الحقيقة الكبيرة الأولى الماثلة أمام الجميع أن فلسطين تواجه في هذه المرحلة اجتياحا صهيونيا بلدوزريا تجريفيا هو الأخطر منذ النكبة يستهدف النيل من الحقوق والتطلعات والأهداف الوطنية الفلسطينية إلى ابد الآبدين، بل إن الهجوم الصهيوني تمادى مؤخرا إلى درجة مطالبة وزيرة الخارجية الإسرائيلية بشطب حتى مصطلح النكبة من القرارات والمواثيق الأممية...!

- والحقيقة الساطعة الثانية انه ليس واردا في استراتيجيات الدولة الصهيونية لا تكتيكيا ولا استراتيجيا اي اعتبار أو احترام أو ندية لا مع السلطة في الضفة، ولا مع الحكومة في غزة....!

- والحقيقة الكبيرة الثالثة أن تلك المخططات والخرائط الاحتلالية لا تشتمل عمليا - كما يريد الاحتلال -إلا على هياكل سلطة تقوم بدور الوكيل الأمني للاحتلال والشاويش داخل المعتقلات – الغيتوات- الفلسطينية...!

- والحقيقة الكبيرة الرابعة أن الدولة الفلسطينية الموعودة - دولة خريطة الطريق ما تزال على الورق وفي الخريطة فقط ولكنها مع وقف التنفيذ، وإن أعلنت في أي وقت من الأوقات في المستقبل فإنها لن تكون سوى دولة خريطة الطريق، وربما وهذا الأرجح دولة خطة "الانفصال والتجميع أو الانطواء "أي دولة شارون وستكون مقطوعة الرأس والأطراف، وستكون بمضامين ومواصفات الخريطة... أي دولة فلسطينية مستقلة بسيادة إسرائيلية أو أمريكية – سيان – كاملة....؟!!

- والحقيقة الكبيرة الخامسة أن هناك في هذه المرحلة تفاهما وتعاونا وتحالفا ما بين الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية والأجندة السياسية الأمنية الأمريكية في فلسطين والعراق وعلى امتداد مساحة العرب هي الأجندة الإسرائيلية ذاتها...!

- والحقيقة السادسة الأكبر والأنصع أن مشروع الاحتلال يجري تطبيقه على الأرض الفلسطينية على مدار الساعة دون الالتفات إلى الفلسطينيين والعرب أو إلى المجتمع الدولي، وان الاحتلال يسابق الزمن في بناء وتكريس حقائق الأمر الواقع الاستيطاني التهويدي في القدس وأنحاء الضفة من جهة، في الوقت الذي يواصل فيه إقصاء الفلسطينيين رئاسة وحكومة وشريكا وشعبا له قضية وووجود وحقوق راسخة...!

لكل هذه الحقائق الكبيرة الخطيرة وغيرها الكثير، فإنه لمن بالغ الدهشة والغرابة الاستنكارية أن نتابع الصراعات والخلافات والمداهمات والاختطافات الفلسطينية – الفلسطينية في الوقت الذي تحتاج فيه المصالح الوطنية الفلسطينية العليا كل الحاجة إلى تفاهم ووفاق وطني عريض في مواجهة مشروع الاحتلال....؟!!!

- فلماذا تدب وتتصاعد وتتفاقم كل هذه الخلافات والصراعات الفلسطينية الداخلية في هذه المرحلة التي تعتبر الأصعب والأشد خطورة على القضية في ظل هجوم البلدوزر....؟!
- ولصالح من....؟!
- ولماذا ينشغلون بالحسابات الداخلية بدلا من الانشغال بالاحتلال وجرائمه...؟!
- وأية مغانم سياسية أو غيرها وعلى أي سلطة يتنازعون وعلى أية صلاحيات لا يملكونها بالأصل...؟!
- فمن يتحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية في نهاية الأمر...؟!
- ولماذا لا يستفيق الجميع هناك لإدراك المخاطر المرعبة المتربصة بالقضية والحقوق والجميع...؟!
- ولماذا لا يرتق الجميع إلى مستوى نبض الشارع الوطني والأهداف الوطنية العليا...؟!

الجميع يقرأ مخططات وخرائط الاحتلال والجميع يتابع تحركاته باستكانة مرعبة...!
الغريب أن الحركة الوطنية الفلسطينية هي الأطول والاهم والأوسع خبرة ودراية في تاريخ المنطقة والقيادات التاريخية الفلسطينية لكل الفصائل كبيرة مخضرمة مجربة، وهي الأكثر والأعمق تجارب وخبرة من غيرها... ورغم كل ذلك نراها تنجرف في الآونة الأخيرة وراء التجاذبات والصراعات والاعتقالات والاختطافات التي من شأنها أن هي استمرت أن تودي بالجميع إلى التدمير الذاتي بدلا من التفاهم والوفاق الوطني.......؟!! ولكن لصالح مشروع الاحتلال وتكريسه بدلا من مواجهته وتفكيكه....؟!!!

الاحتلال يراقب ويتابع ويتربص وأصابعه تلعب في كل مكان، وبلدوزر الاحتلال والإرهاب والتهويد يهدر بلا توقف، ومبضع الاحتلال يعمل في الجسم الفلسطيني على مدار الساعة...!

ألا تشكل هذه الحقائق المرعبة قاسما وجامعا بين كافة القوى والفصائل الفلسطينية لتقف وراء خطة وأجندة سياسية واحدة تؤجل الصراعات والمواجهات والاختطافات البينية الخطيرة إلى ما بعد إقامة الدولة السيادية على الأرض....؟!!!

ولذلك نؤكد: مؤسف ومخجل وعار أن تغدو فلسطين بين نكبتين: نكبة صهيونية مستمرة منذ نحو ستة عقود كاملة، ونكبة فلسطينية أقسى وأبشع واشد مرارة على شعب وقضية فلسطين....!

التعليقات