25/03/2024 - 21:13

من داعش إلى العمالقة إلى هامان...

هنالك تحذيرات من المس بالعلاقة مع أميركا، الصديق الأكثر إخلاصا لسياسات إسرائيل العسكرية والاحتلالية والتوسّعية، حتى هذه باتت تحت طائلة تهديد نتنياهو، فأعلن وقف سفر وفد إلى واشنطن بعد امتناعها عن استخدام الفيتو لأول مرة منذ بدء الحرب على غزة.

من داعش إلى العمالقة إلى هامان...

نتنياهو يقرأ نصا توراتيا يتحدث عن أسطورة عيد المساخر؛ قصة هامان الفارسي وإستر اليهودية (مكتب رئيس الحكومة)

يكاد الإسرائيليون الرّسميون سواء في السّلطة أو في وسائل الإعلام من خلال صياغة الخبر أو التعليق عليه أن يعبّروا عن فرحتهم بالجريمة النّكراء التي وقعت خلال حفل موسيقي في ضواحي موسكو، والتي نفّذتها عناصر قبضت ثمن جريمتها بالدولار، بحسب اعترافات عدد ممن ألقي القبض عليهم من منفذي الهجوم الإرهابي الذي راح ضحيته مئات بين قتيل وجريح.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

تكاد وسائل الإعلام الإسرائيلية وكتّاب مقالات أن يعربوا صراحة عن شماتتهم بالرّوس وبالرّئيس الرّوسي، فلاديمير بوتين، وذلك على خلفية موقفه من الحرب على قطاع غزّة الذي لا يتفق مع رغبة الإسرائيليين الذين اتّخذوا من عملية حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، رُخصة لحرب إبادة جماعية معلنة، وعلى لسان قادة السّلطة الذين أعلنوا أن لا أبرياء في غزّة ودعا بعضهم إلى قتل الأطفال والنساء وهدم غزة وتهجير من يبقى حيًّا من سكانها.

أتى الموقف الرّوسي المناوئ للحرب بعد سنوات من علاقة طيّبة بين نتنياهو وبوتين، إلا أنّ موقف إسرائيل من الحرب في أوكرانيا وانحيازها إلى جانب الغرب وأميركا والناتو وتزويد أوكرانيا بوسائل قتالية أثار حفيظة بوتين، إضافة إلى أنّ سياسة روسيا العامة وقبلها الاتحاد السوفييتي، دعت إلى تطبيق الشّرعية الدّولية بما يتعلق في القضية الفلسطينية ورفض منح الشّرعية للاستيطان في الضفة الغربية، وقطاع غزة والجولان.

ما وضع حول الهجوم في موسكو علامة سؤال كبيرة أنّه جاء بعد تصويت روسيا والصين بالفيتو ضد اقتراح قرار أميركي لوقف إطلاق نارٍ مُلتبس، يمنح إسرائيل شرعية في حربها على قطاع غزة.

داعش أعلن مسؤوليته عن الهجوم، ولكن المسلحين الذين نفذوا جريمة موسكو لا يعرفون من هي الجهة التي جنّدتهم ودعتهم إلى القيام بجريمتهم النكراء، فقد وجهتهم من بعيد من خلال التلغرام، ودفعت لهم مقدمة على الحساب بالدولار، مما يشير إلى أنّ هذا التنظيم المسمى "داعش" والذي تدخّل لتخريب الربيع العربي من قبل، مُوجّه من أجهزة مخابرات تعمل خفية على توجيهه متى وكيف ومن يضرب، وقد لعب ما يسمى بتنظيم "داعش" دورًا أساسيًا في تخريب الربيع العربي واختطافه من الشعوب العربية وتلطيخه، وكان أفراده يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، ثم تجري إعادتهم إلى داخل سورية للعب الدور القذر في تخريب الربيع من جهة، ومن جهة أخرى استنزاف طاقات الشعب السّوري، بحيث تستمر الحرب أطول فترة ممكنة.

إلا أن صفة الإرهاب لم تطلق على الحركات الإسلامية الجهادية، فقد أطلقت على كل حركة أو فرد تبنى نهج رفض الاحتلال ومقاومته، حتى ولو بالوسائل السّلمية.

قبل الحركات الإسلامية كانت حركات أخرى حملت طابعًا وطنيًا وقوميًا أو ماركسيا واشتراكيا وغيرها من أيديولوجيات، وبعضها ما زال موجودًا، وكلّها دُمغت بالإرهاب، وكانت حجّة للقتل والتدمير والمذابح.

آخر صرعات التوصيف كانت وصف نتنياهو للفلسطينيين بأنّهم مثل هامان في بلاد فارس الذي دعا إلى التخلّص من اليهود، ولكن اليهود اتحدوا وانتصروا عليه، وهو سبب احتفال اليهود بعيد "البوريم" (المساخر) الذي صادف في هذه الأيام.

يأتي وصف الفلسطينيين بهامان التوراتي بعد وصفهم بقبائل العمالقة الذين ورد ذكرهم في التوراة، وهي عشائر كانت تمثل تجسيدًا للشّر، وهذا كي يبرّر ويحلّل لجيش الاحتلال ما يمارسه من حرب إبادة على سكان قطاع غزّة.

إلا أن الثورة في وسائل التواصل الاجتماعي والطّفرة العالمية في نقل الصورة والخبر أدى إلى كشف صناعة الأكاذيب، وتقليص مساحة مناورتها.

عالم اليوم يختلف عن عالم الأمس، ويجري في مسار تصحيح متسارع، فعدة دول باتت تفكر في الاعتراف بدولة فلسطين كعضو في الأمم المتحدة، ولم تسلم هذه الدول من هجمات نتنياهو وتحذيرات وزير خارجيته لدول مثل إيرلندا وسلوفينيا ومالطا وإسبانيا.

الحقائق وجرائم الاحتلال تحاصر نتنياهو، والأخير ماض في غيّه وفي ما يخطط له، هنالك تحذيرات إسرائيلية من المس بالعلاقة مع أميركا، الصديق الأكثر إخلاصا لسياسات إسرائيل العسكرية والاحتلالية والتوسّعية، حتى هذه باتت تحت طائلة تهديد نتنياهو، فأعلن وقف سفر وفد حكومي إلى واشنطن بعد امتناع أميركا عن استخدام حق الفيتو لأول مرة منذ بداية الحرب في مواجهة قرار جديد لوقف إطلاق نار فوري في القطاع في رمضان، وفتح المعابر للمساعدات وإطلاق سراح الرهائن، كانت قد تقدمت به عشر دول لمجلس الأمن الدولي، فصوتت عليه أربعة عشر دولة وامتنعت أميركا.

التعليقات