03/08/2008 - 17:33

الفلسطينيون والقوانين العنصرية../ أبو العلاء عبد عبد الله*

-

الفلسطينيون والقوانين العنصرية../ أبو العلاء عبد عبد الله*
ليس تملقا لأحد ولا دفاعا عن الدكتور عزمي بشارة، ولكن الواجب الوطني يحتم علينا موقفا واضحا حيال القانون العنصري الذي سنته الكنيست، وخولت بموجبه وزير الداخلية والمستشار القضائي والمحاكم سحب مواطنة كل من توجه ضده تهمة تخترعها المؤسسة الحاكمة من اجل إكمال المشروع القديم الجديد( الترانسفير) بدعوى خرق الولاء الذي لم يعرف أصلا في القانون ويحتمل ألف تفسير وتأويل.

آلمني جدا التوجه نحو سحب مواطنة الدكتور النائب عزمي بشارة في معركة بدأت بمسميات وملامح جديدة لتعلن أن الوضع لا يبشر بخير أبدا، وإنما يدق ناقوس الخطر بحدة وعنف معلنا عودة الحكم العسكري من جديد بلباس يليق بحضارة القرن الواحد والعشرين، وفي ظل العولمة والقرية الواحدة لا بد من مساحيق ورتوش لتزيين هذا الوجه القبيح.,إنها حكومة إجرامية عنصرية راحت تتفنن باختراع أساليب التهجير والتشريد والطرد وتقطيع أوصال الشعب الفلسطيني بممارسات تسمى سن قوانين بطريقة ديمقراطيه لذر الرماد في العيون ومصادرة المزيد من الحريات كما هو شأنها مع الأرض.

بدأ هذا "المشروع" بالدكتور عزمي بشارة، ولكن السؤال المطروح بمن سينتهي وكيف سينتهي ومتى سينتهي؟.
وهل سنشهد حركة تهجير لقيادات سياسية ودينية واجتماعية وثقافية من أبناء الداخل الفلسطيني؟
وهل هناك "مرج زهور" آخر ليضم في أحضانه المطرودين بالحكم العسكري الجديد من وطنهم وبيوتهم، وجعلهم مشردين لاجئين معزولين عن أهلهم وعائلاتهم؟ أي أرض ستقبلهم؟ وأي سماء ستظللهم؟
أسئلة كثيرة في هذا السياق وعلامات استفهام كبيره بهذا الشأن، خصوصا وأننا نتعامل مع مؤسسة تستطيع بكل سهولة ويسر إلصاق التهم وحبك المصائد التي تجر المصائب على أبناء هذا الشعب.

إن هذا الوضع لينذر بسلسلة من الأعمال الإجرامية، وتكملة مسلسل التهجير والترحيل والقتل الجسدي والمعنوي بحق شعبنا لا يزال قائما بقاء هذه المؤسسة الإسرائيلية، وعليه فان الواجب يدعو كل فلسطيني للوقوف موقفا حازما تجاه هذا الأمر ترفعا عن المصالح الحزبية الضيقة وفوق الخلافات الشخصية، لأن هناك مصلحة عليا تتعلق بالأرض والهوية وهي مصلحة عليا لا تحتمل المزايدة ولا المراوغة السياسية، لأننا في الهم سواء نعاني خطر قوانين الكهانات المخفية في جلودها ومخططات التهجير والتشريد وإعادة سيناريوهات سابقة بأشكال أخرى.

وتحضرني المقولة في هذا الموضع بعدما قرأت مقالا لـ"مراهق فكري" نشر في أحد المواقع العربية محاولا تضليل الرأي العام العربي وخدمة أسياده في المؤسسة الصهيونية الحاكمة، راح يجري حسابا مع الدكتور عزمي ويتشفى فرحا بالظلم الواقع عليه وعلينا كأبناء شعب واحد ومصير واحد بمأساة حسمت نهايتها من البداية على نحو "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".

من يدري من ستكون الضحية القادمة ومن سيدفع فاتورة فلسطينيته من قيادات هذا الشعب أو مفكريه أو رموزه الدينية والوطنية لأن صنيع الدولة العبرية هو إعلان حرب على القادة والساسة والمفكرين ورجال الدين الفاعلين بقضايا وحقوق شعبهم وإرسالها رسالة واضحة بالطرد والتشريد إن لم يسر وفق مزاجية المؤسسة الحاكمة وفي تلمها مما يحمل في طياته أيضا رسالة خاصة لكل واحد منا ليرى نفسه مهددا بالطرد والتهجير، الأمر الملزم والملح على التضامن والتلاحم مع الأخوة في كافة الأحزاب وكافة ألوان الطيف الفلسطيني.

لست حزبيا ولا أنا انضممت يوما للإخوة في التجمع، ولكني أرى الأمور من منظار أعم وأشمل متجاوزا الحزبية والـ"أنا" لأن الذي تطرحه المؤسسة الصهيونية أمر خطير بمعانيه ودلالاته، فهو تهديد حقيقي لكل القيادات والعقول بالطرد لمجرد المطالبة بالحقوق والعمل على تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني، والحفاظ على الأرض والأملاك والمقدسات سيصبح جريمة يعاقب عليها القانون تحت سمع ونظر الجماهير العربية في الداخل أولا، والعالم العربي والإسلامي ثانيا، والمجتمع الدولي برمته ثالثا.

إن البكاء على الوضع القائم المأساوي لا يجدي نفعا، فلا بد من ردة فعل لهذه الهجمة المسعورة تقوم على تحرك عملي بمواقف واحده أو منسقه مسبقا بين جميع الفئات والأحزاب من أجل الحفاظ على ماء الوجه والكرامة، لأن صمت الجماهير العربية متمثلة بقيادتها من أعضاء كنيست عرب ( ممثلي الأحزاب العربية وليس الصهيونية) ورؤساء بلديات ومجالس محلية ورجال دين وأكاديميين وأصحاب جمعيات وفعاليات شعبية هو بمثابة موافقة وإعطاء شرعية وعون للمؤسسة الحاكمة الاستمرار بنهجها العنصري الحاقد، وأن وقوف جميع القيادات صفا واحدا لهو الكفيل والضامن الوحيد في سبيل البقاء والعيش الكريم وإبطال هكذا قوانين أو على أقل تقدير يحد من الهجمة المسعورة على جماهير شعبنا من خلال إظهار وعي وحساسية القيادة لكل التحركات على الساحة الإسرائيلية وردود الفعل العملية على ذلك.

تقتضي المرحلة الجديدة المتميزة بإحكام تضييق الخناق على شعبنا بالترفع عن الأنا والمصالح الحزبية وبعد النظر لما هو قادم، فإن يد البطش والظلم لن تفرق بين رئيس حزب وحزب، ولا دين ودين، ولا طائفة وطائفة، وتاريخ الشعب الصابر وتجربته العميقة الطويلة كانت كفيله بإعطاء الأمثلة والأدلة على جرائم الدولة العبرية بحقه دون مراعاة اختلاف أحزابه وديانتهم.

إن المتابع للشأن الإسرائيلي يرى أن هناك نهجا يتأصل يوما بعد يوم في سن قوانين عنصرية موجهة ضد الفلسطينيين في الداخل، لا بل إن "الكهانات" الصهاينة يتنافسون في إظهار عنصريتهم وكرههم وحقدهم علينا كأبناء الشعب الفلسطيني المزروعين في أرضنا رغما عن أنوفهم، لذلك تراهم لا يتورعون عن مهاجمة القيادات العربية والسباب على هذا الشعب في كل فرصة أو مناسبة تسنح لهم في محاولة لتضييق الخناق علينا وحملنا على الرحيل، وتقطيع أوصالنا وأطرافنا بجدار فصل عنصري وقوانين لمّ شمل وسحب هويات وحرمان من مواطنة.

والأمر كله مرهون بوعي وحساسية القيادة والجماهير العربية في التعامل مع هذا الوضع الخطير الذي يفرض أبجديات عمل جديدة من الوحدة أو على أقل تقدير عمل مشترك أو تنسيق مواقف حتى لا تضيع الجهود هباء منثورا ويحصل ما لا تحمد عقباه، فإن تهديدا حقيقيا ( لن يبقي ولن يذر) يتطلب منا الصحوة والتنبه وإسماع الدنيا صوتنا في كل مجمع ومحفل شرحا وتوضيحا إعلانا وتظاهرا واعتصاما وخطوات احتجاجية تصعد وفق للحدث يمكن أن تطرح كرد فعل نضالي شرعي للحفاظ على الكيان والهوية والبقاء حتى الممات على تراب هذا الوطن دون تفريط أو مزاودة أو استسلام وخضوع.

إن سن مثل هذه القوانين العنصرية يلزمنا التصدي لها بكل السبل الممكنة إضافة للعمل على صعيد العالم العربي والإسلامي من رأي عام وجمعيات حقوقية ومحافل دولية.

التعليقات