29/05/2010 - 14:17

أسطول الحرية: بداية النهاية للحصار الإسرائيلي../ هاني المصري

أسطول الحرية: بداية النهاية للحصار الإسرائيلي../ هاني المصري
من المفترض أن يتقرر اليوم مصير "أسطول الحرية" الذي يضم ثماني سفن تضم حوالي 800 متضامن دولي من أكثر من 40 دولة في العالم، وتحمل عشرة آلاف طن من المواد الإنسانية الضرورية لقطاع غزة المحاصر حصارا خانقا للسنة الرابعة على التوالي.

مهما كان التصرف الإسرائيلي إزاء السفن ستخرج إسرائيل مهزومة من هذه المعركة. فإذا منعتها من الوصول إلى غزة ستهزم؟ وإذا سمحت لها ستهزم؟ كيف ذلك؟

إذا نفذت الحكومة الإسرائيلية مخططاتها وتهديداتها وطبقت "عملية رياح سماوية" (بالأحرى شيطانية) التي تتضمن ردع ثم اعتراض السفن ومنعها من الوصول إلى غزة، وإذا لم ترتدع ستقوم بإيقافها وجرها إلى ميناء اسدود واعتقال ركابها ووضعهم في معتقل جهز خصيصا لهم، والتحقيق معهم وإعادتهم إلى بلدانهم وتفتيش البضائع التي يحملونها.

وفي هذه الحالة ستظهر إسرائيل على حقيقتها أمام العالم كدولة مارقة ومحتلة ومنتهكة للقانون الدولي عبر ارتكاب جرائم حرب جديدة، لأن فرض الحصار شكل من أشكال الحرب والعقوبات الجماعية.

لقد اعتبرت إسرائيل "أسطول الحرية" حركة عدائية "ومغامرة سياسية رخيصة"، زاعمة أن الحصار غير قائم على قطاع غزة، مثلما تزعم أنها ليست دولة محتلة، وأنها مستعدة لإيصال المساعدات التي تحملها السفن إلى قطاع غزة.
ولمنع "أسطول الحرية" قامت الحكومة الإسرائيلية بجهود دبلوماسية جبارة مع قبرص وتركيا وايرلندا واليونان ونجحت في إقناع قبرص التي رفضت مشاركة سفينة قبرصية في الأسطول، كما رفضت مرور السفن في المياه الإقليمية القبرصية.

وتستعد إسرائيل لحرف الأنظار عن حصارها الخانق لقطاع غزة من خلال إظهار "حماس" كعدوة لحقوق الإنسان ومرتكبة لجرائم حرب، عبر إقامة معرض يضم صواريخ القسام التي أطلقت على إسرائيل ونسخا من الرسائل التي أرسلها جلعاد شاليت إلى أهله، ووضع مجندات باللباس الأبيض في ميناء اشدود، وتعتزم استخدام جهاز الكتروني خاص يحول دون نقل الصور عن عملية ردع واحتجاز السفن واعتقال ركابها حتى لا يرى العالم الوحشية التي ستتعامل بها إسرائيل مع نشطاء دوليين يقومون بمهمة إنسانية.

وإذا نفذت إسرائيل مخططاتها وتهديداتها فهي معرضة للمقاضاة أمام المحاكم الدولية والأوروبية، وحتى أمام المحاكم الإسرائيلية. فهناك شخصيات فلسطينية تحمل الجنسية الإسرائيلية تشارك في "أسطول الحرية"، وهناك نشطاء من اليسار الإسرائيلي يؤيدون الحملة الدولية لكسر الحصار عن قطاع غزة، ويمكن أن يتظاهروا في ميناء اسدود لإظهار القرصنة الإسرائيلية أمام العالم بأسره.

فإسرائيل قلقة جدا من "أسطول الحرية" لأنه يمكن أن يساهم في كسر الحصار عن قطاع غزة، ويمكن أن يكون بداية النهاية لهذا الحصار، ويؤكد أن كل المحاولات الإسرائيلية وغير الإسرائيلية لعزل "حماس" وحكومتها في غزة باءت بالفشل أو لم تحقق جميع أهدافها على الأقل.

فإذا كانت "حماس" لم تحظ باعتراف عربي ودولي سوى من بلدان قليلة، فإنها تحظى بتعاطف دولي واسع من الرأي العام العالمي، لأنها تظهر كممثلة لمعاناة الفلسطينيين، وكضحية للاحتلال والعدوان والحصار الإسرائيلي.

إن "أسطول الحرية" شارك بتمويله والاستعداد له آلاف الأشخاص ما يدل على وجود حركة تضامن دولية واسعة جدا مع القضية الفلسطينية.

فإن مشاركة شخصيات لامعة ونواب ومثقفين ورجال دين من عدة بلدان في "أسطول الحرية" يعني أن القضية الفلسطينية رغم مرور أكثر من 62 عاماً على تأسيس إسرائيل، ورغم الخلاف والانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني، ورغم الأخطاء والخطايا، لا تزال تحظى بتأييد، بل أصبحت تحظى بتأييد لم يتحقق من قبل. فدماء أهل غزة المسفوكة بغزارة في عملية "الرصاص المصبوب" تلاحق إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية.

وإذا استجابت الحكومة الإسرائيلية للنداءات الدولية التي دعتها للسماح لأسطول الحرية بالوصول إلى غايته وإيصال المساعدات لقطاع غزة، خاصة للنداءات من البلدان التي يشارك بعض رعاياها بالسفن مثل تركيا ستعرض نفسها لتظاهره إعلامية عالمية تسلط الأضواء على الحصار الإسرائيلي الخانق لقطاع غزة، ما يشكل انتصارا معنويا كبيرا للفلسطينيين من شأنه أن يكون سابقة قابلة للتكرار بحجم أكبر، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى كسر الحصار.

إن الحملة الدولية لكسر الحصار عن قطاع غزة، والتي أخذت أشكالا مختلفة من التظاهر والاعتصام إلى جمع المواد الإنسانية الضرورية إلى الحملات القانونية والإعلامية إلى إرسال السفن إلى قطاع غزة، تعتبر جزءا لا يتجزأ من المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وهي معركة تضاف إلى معارك المقاومة والمقاطعة للاحتلال، مثل مقاطعة المستوطنات والبضائع الإسرائيلية التي يوجد بديل عنها، والى مقاومة التطبيع، والى الحملة الدولية لمعاقبة إسرائيل على جرائمها ونزع الشرعية عنها، وهي مقاومة مثمرة ومضمونة النتائج، إذا وضعت ضمن استراتيجية كفاح طويلة الأمد لا تنتهي إلا بدحر الاحتلال وانجاز الحرية والعودة والاستقلال.

التعليقات