14/06/2010 - 19:39

سياسة التنفيس العربية../ أحمد الحيلة*

سياسة التنفيس العربية../ أحمد الحيلة*
استقبلت غزة بحفاوة رسمية وشعبية الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى، وقلوب الفلسطينيين معلقة برفع الحصار، خاصة بعد أحداث أسطول الحرية، الذي وضع الأطراف المعنية أمام الحقيقة المرة، بأن هناك شعباً عربياً يتعرض لحصار وعقاب جماعي قل نظيره في التاريخ، وجريمته أنه مارس حقه في الانتخاب واختار بحرية حركة حماس ودفع بها إلى سدة الواجهة السياسية.

لقد شكل أسطول الحرية علامة فارقة في سيرورة الحصار النكد، عندما وضع مصداقية النظم الغربية المتشدقة بالديمقراطية على المحك، وعندما كشف حقيقة الاحتلال الصهيوني الإرهابي الذي مارس القرصنة في المياه الدولة ضد سفن تحمل مساعدات ومتضامنين عزّلا..

بمعنى آخر، إسرائيل برعونة وغباء مستفحل، وضعت حلفاءها في حرج شديد، كما وضعت نفسها في زاوية النقد والإدانة الدولية بصفتها دولة مارقة ومنفلتة من قيود القانون الدولي، الأمر الذي طعن في شرعية إسرائيل كدولة ديمقراطية تؤمن بالقيم الغربية.

تلك الصورة كانت الدافع الأساس لدعوة بعض الدول الأوروبية لرفع أو تخفيف الحصار، والاقتراح بفتح ممر بحري إلى غزة بإشراف ورقابة دولية، وذلك حرصاً منها على وقف التدهور في صورتها التي تشوهت بفعل الشراكة أو الصمت على الحصار المستمر منذ أربع سنوات.

التغيير في الموقف الأوروبي الرسمي كان إنجازاً نوعياً لأسطول الحرية، لكن بعض العرب لم يرق لهم الأمر، وساءهم أن يرفع الحصار وتفشل مخططاتهم بإقصاء المقاومة عن المشهد الفلسطيني، فسارعت مصر على سبيل المثال إلى الطلب من فرنسا عدم إجراء اتصالات مباشرة مع حماس، رافضة فتح ممر مائي برقابة دولية، كما قام عباس بإبلاغ الرئيس الأمريكي أوباما رفضه القاطع لفتح ممر مائي إلى غزة، أي أن المطلوب هو استمرار الحصار على غزة، ولا بأس من اتخاذ خطوات إعلامية تكتيكية خادعة لتنفيس الاحتقان المتعاظم لدى الرأي العام العربي والدولي، التفافاً على خيار رفع الحصار نهائياً، لتبقى حماس والشعب الفلسطيني تحت الضغط حتى الانصياع للشروط السياسية وفي مقدمتها الاعتراف بالاحتلال.

من هنا نستطيع فهم وتفسير الخطوة المصرية بفتح معبر رفح إلى "إشعار آخر" وليس بشكل دائم، ورغبة عباس في إرسال وفد إلى غزة من أجل المصالحة في الوقت الذي يتمسك فيه بالتوقيع على الورقة المصرية كشرط مسبق، وزيارة الأمين العام عمرو موسى إلى غزة ومطالبته بوجوب كسر الحصار، ونحن بدورنا نتساءل: إذا كانت مصر والدول العربية معنية برفع الحصار، وإذا كانت مصر تستطيع فتح معبر رفح لعبور الأفراد ولإدخال المساعدات بشكل مستمر كما هو حاصل الآن، فما المانع إذن من فتح معبر رفح بشكل دائم؟ وما المانع من فتح ممر مائي برقابة دولية وعربية إلى غزة؟!

المانع في تقديرنا هو تردد الاتحاد الأوروبي أمام الانحياز الأمريكي للاحتلال الصهيوني، وإصرار عرب الاعتدال وتحريضهم على استمرار الحصار. فإذا كانت النظم الغربية تخشى على صورتها ومصداقيتها أمام شعوبها، فإن دولاً عربية لا تخشى ذلك، فهي مكشوفة حتى العظم ولا يضيرها المزيد من الانكشاف.

التعليقات