31/10/2010 - 11:02

"أحادية الجانب" - فلسفة هجومية مفتوحة../ نواف الزرو

السؤال الكبير الذي فرض نفسه على الأجندات السياسية والإعلامية بعد أن اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارها بـ"وقف إطلاق النار بصورة أحادية" هو: لماذا اتخذت تلك الحكومة هذا القرار أحادي الجانب...؟!
وبعد أن دخل "وقف إطلاق النار حيز التنفيذ –اسرائيليا-" أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت " بعد وقف الحملة العسكرية ما زالت لدينا طلاقة اليد للرد على الهجمات".

إذن وفق الأدبيات الإسرائيلية هذا هو المضمون الحقيقي للخطوة أحادية الجانب"أن تبقى يد "إسرائيل" طليقة وان تحتفظ إسرائيل بمساحة مفتوحة من حرية العمل الحربي على اختلاف إشكاله في غزة أو في الضفة...!.
وليس ذلك فحسب، فان حكومة أولمرت وبالإجماع لا تريد عمليا أي اتفاق مع حماس وغزة، يلزمها بالتهدئة الكاملة في غزة وفي الضفة معا، ويلزمها وهذا الأهم برفع الحصار و فتح المعابر وغير ذلك...!

وصفت بعض التحليلات القرار الإسرائيلي بوقف إطلاق النار من طرف واحد، بأنه "مطب تنصبه إسرائيل لقيادة "حماس"/ سما / 2009/1/19"، وقد "وصفت إسرائيل بدولة إرهابية وهي لا تريد المزيد من العداء الدولي وبالتالي المزيد من القرارات الدولية التي تدينها وتحاول إجبارها على وقف النار، ولأن إسرائيل تخشى من أن تستغل «حماس» كل لحظة من أجل الفوز بـ «صورة النصر» تلك، قامت قواتها بتشديد الغارات الجوية والقصف المدفعي البري والبحري بتصعيد خطير، " فلا تتركوا لهم مجالا للتنفس"، أمر قائد العمليات الحربية يوآف غالانت"، وبما "أن هذا الضغط الأعمى يسفر عن المزيد من الكوارث الإنسانية لأهالي غزة، تريد إسرائيل أن تجد طريقة لوقفه، حتى ولو من جانب واحد، فتعلن أنها أوقفت الحرب لأنها حققت أهدافها منها (استعادة قوة الردع وضمان مكافحة تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة)، فإذا لم تتجاوب حماس وواصلت القتال، فإن إسرائيل تستطيع أن ترد وتستأنف حربها وهي تقول: "لقد بذلنا كل جهد ممكن لوقف النار ولكن حماس هي التي تريد الاستمرار، وإسرائيل تهدد فعلا بالرد على استئناف القتال بصورة أشرس في حالة خرق حماس لوقف النار، وكل ما تريده عندئذ هو أن تبدو حماس مذنبة في ذلك".

ووفقا لتحليل آخر يبدو "أن المحرقة في قطاع غزة روت ظمأ مصاصي الدماء بعدما أوقعت أكثر من 6500 شهيد وجريح، فأعلنوا وقفاً مفخخاً لها/ الخليج-18/1/2009"، واعتبرت الحكومة "أن الحرب على غزة حققت ردعاً مقابل حماس وسكان غزة أيضاً".

وحسب المصادر الإعلامية الإسرائيلية، وفي السياق ذاته، وفي إطار جهود "إسرائيل" لتحسين صورتها ما بعد الحرب، "أقامت وزارة الخارجية الإسرائيلية مؤخرا طاقما خاصا مهمته تقديم توصيات حول سبل تحسين صورة إسرائيل في الغرب، كما أوكل الطاقم ببحث سبل منع إيران وحماس من إعمار قطاع غزة لمنعهما من تعزيز مكانتيهما في أوساط السكان الفلسطينيين/ عــ48ـرب-15/1/2009 "، وفي الجانب الإعلامي تحديدا وتمهيدا لما بعد "وقف إطلاق النار –المزعوم-" أشارت التوصيات الأولية التي ناقشها الطاقم إلى أنها "تهدف إلى بث رسالتين، الأولى للعالم العربي مفادها أن "الردع الإسرائيلي تحقق، وأن إسرائيل لن توافق على تعرض مواطنيها للقصف"، وللعالم الغربي رسالة مفادها بأن "إسرائيل دولة ديمقراطية متنورة ولديها قيم شبيهة لقيم الدول الأوروبية".

وفي ضوء ذلك – فان هذا القرار الأخير ب"وقف إطلاق النار أحادي الجانب" يتيح لنا استحضار ما يمكن أن نسميه تراث القرارات والإجراءات والحروب الإسرائيلية أحادية الجانب...!.
ويمكن أن نقول هنا أن فلسفة "الخطوات أحادية الجانب" إنما هي سياسة صهيونية/إسرائيلية هجومية مستمرة بلا توقف...ويمكن أن نتحدث في هذا السياق عن قرن كامل وأكثر من الهجوم الصهيوني / الإسرائيلي أحادي الجانب على الفلسطينيين والعرب...ولكن مع بالغ الأسف والخجل دون أي دفاعات عربية عن النفس والوجود والحقوق والكرامة...؟!!!.

وقد انطلق هذا الهجوم على نحو إرهابي مبيت منذ أن تبنى المؤتمر الصهيوني الأول فكرة ومشروع "إقامة دولة اليهود في ارض إسرائيل"...وتتابع عبر الهجوم المسعور من أجل السيطرة على الأراضي العربية ووظفوا في ذلك الانتداب البريطاني الذي وفر لهم الغطاء الكامل عبر "وعد بلفور" وعبر الميدان على الأرض هناك في فلسطين.

واقترفوا خلال هذا الهجوم المتصل كافة أشكال الانتهاكات والجرائم والاستباحات لكل الخطوط والحرمات العربية / الفلسطينية، وكانت تتويجات ذلك كم هائل لا حصر له من المجازر الدموية الجماعية وسرقات الأرض وتهويدها...مرورا بمشروع شارون –اولمرت للفك والتجميع والانطواء"، وصولا إلى هذه المحرقة التي من المتوقع أن تتبعها محارق أخرى إذا لم يجد الجد عند العرب...!.

فالواضح تماما إذن أننا مقبلون على مدى السنوات القادمة أيضا على موجات أخرى من القرارات والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، فهكذا أراد وخطط شارون أن تسير الأمور مع الفلسطينيين...

وهكذا يريدها اولمرت وليفني وباراك، والمؤسسة الأمنية / العسكرية والسياسية / الحزبية في معظمها...لدرجة أن هذه الفكرة تحولت لديهم إلى فلسفة تحتل صميم الاستراتيجية الإسرائيلية الاحتلالية في مواجهة الشعب والقضية والحقوق الفلسطينية...

والحقيقية الموثقة في أدبياتهم هنا أن حروبهم أحادية الجانب وخططهم الاستيطانية والسياسية إنما تشكل ذروة حرب "الإبادة السياسية" التي يشنونها ضد الشعب العربي الفلسطيني، حيث أنه - أي شارون - لم يخف أبدا نواياه وأهدافه الحقيقية، كما لا يخفيها الثلاثي الحالي اولمرت- ليفني- باراك...؟!

ما يستدعي من الدول والأنظمة والمؤسسات العربية على اختلافها اتخاذ مواقف حقيقية وجادة ومسؤولة وقومية تجاه ما يجري وفي مواجهة الخطة الإسرائيلية الحربية والاستيطانية والإعلامية أحادية الجانب...
ولا يكفي هنا الاكتفاء بالتصريحات الرافضة والاستنكارية والتحذيرية بينما تمضي "إسرائيل" في هجومها أحادي الجانب على الأرض والشعب والوجود والهوية والسيادة والحاضر والمستقبل...أليس كذلك....؟!!!!

التعليقات