31/10/2010 - 11:02

"الغرب الجامح" في قلب "خليل الرحمن"!../ نواف الزرو

المستوطنون يستبيحون مدينة خليل الرحمن استباحة كاوبوية شاملة جامحة...!
لسان حال أهل "خليل الرحمن" يقول متمنيا: "لو أننا نصبح على نهار تكون الخليل فيه محررة من ما فيها من جيش إسرائيلي ومستوطنين..!"، وإحدى نساء الخليل تعرب عن أملها بـ"تفكيك الحصار عن المدينة، والخلاص من "السجن الكبير الذي يبتلعهم بالإكراه/وفا/2008-11-3"، مضيفة قبل أن يتطاير كلامها الخجول في فضاء البلدة القديمة وهي على مقربة من مستوطنين يعربدون في المكان: "سنواجه عملية تهجيرنا من منازلنا وممتلكاتنا بكل ما أوتينا من قوة، ومهما كلفنا الأمر، حتى لو دفعنا أرواحنا ثمنا لذلك".

تكثف لنا أقوال المرأة الفلسطينية من قلب الخليل المشهد الراهن في المدينة الذي يحمل الكثير الكثير من المعاني والدلالات الصراعية على الوجود هناك...!

فعملية التهجير المبيتة هناك تتعلق بثلاثة أحياء كبيرة مجاورة للحرم الإبراهيمي ، فحسب التقارير الفلسطينية فإن "الاعتداءات المتكررة على أحياء الخليل المجاورة للحرم الإبراهيمي، لا تستهدف عمارة الرجبي التي اغتصبها المستوطنون بالتزوير وحسب، بل هي مقدمة لترحيل ثلاثة أحياء عربية كاملة في الخليل، وجعلها نموذجا لتهويد مناطق فلسطينية أخرى، فالمستوطنون اهتدوا إلى طريقة فرض الأمر الواقع، حيث يبدو أن الصراعات الفلسطينية الداخلية تتفاقم لدرجة لا رجعة فيها بالمنظور القريب/ العرب اليوم-4/12/2008".

إذن- هي معركة كبيرة بدأها المستوطنون باحتلالهم لعمارة الرجبي من أربعة طوابق في منطقة واد الحصين في الخليل تشرف على الطريق الموصل ما بين الحرم الإبراهيمي وبين مستعمرة "كريات أربع" الواقعة شمالي المدينة، وادعى المستوطنون بأنهم اشتروا هذه العمارة من عائلة الرجبي التي تملكها.

وليس ذلك فحسب- فالمستوطنون يشنون منذ مطلع العام موجات متلاحقة من الاعتداءات المنهجية على أهل الخليل لا يمكن حصرها في عجالة، غير أن الأهم هو تلك الأجندة الخفية التي تقف عمليا وراءها..!.

أهم عناوين المشهد الراهن في الخليل:

- مئات المستوطنين يتظاهرون ويعززون قوتهم بمجموعات من المستوطنين اليهود الشبان المتشددين ويقومون بمهاجمة منازل وسيارات الفلسطينيين بالحجارة والحرق، ويرفضون قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، بإخلاء منزل آل الرجبي الذي أطلقوا عليه اسم "منزل السلام" ويخليهم الجيش الإسرائيلي بالقوة-إعلاميا- .
- المستوطنون يواصلون عربداتهم، في إطار محاولاتهم المحمومة للسيطرة على المزيد من ممتلكات المدينة، وتعترف حتى مصادر عسكرية إسرائيلية بـ"أن عربدات المستوطنين في الخليل لم يسبق لها مثيل"، وذلك في سياق تنصل الاحتلال من مسؤولياته عما يجري تحت ذريعة "أن الجيش لا يستطيع السيطرة على المستوطنين.
- المستوطنون يعتدون على وفد برلماني فرنسي في البلدة القديمة، ويهاجمون أيضا وفدا من الدبلوماسيين البريطانيين أثناء زيارة المدينة.
- ... ويهاجمون عدداً من منازل المواطنين قرب مستوطنة "كريات أربع"، قرب منزل الرجبي ويقتحمونها وهم مدججون بالأسلحة، ويجددون اعتداءاتهم على مدار الساعة على المواطنين ومنازلهم في حيي 'وادي النصارى' و'الجعبري' شرق المدينة.
- ... وينفلتون في عمليات عنف وعربدة واسعة النطاق.
- ... وينفذون عمليات مطاردة للمواطنين وتلاميذ المدارس، على امتداد ما تسمى بطريق المصلين الرابطة بين الحرم الإبراهيمي والمستعمرة المذكورة، إلى أن تطورت الأمور إلى مستوى" دورة يومية من عمليات التنكيل والاستهزاء والعقاب يتعرض لها حتى الأطفال تلاميذ المدارس، كما كتب المحلل الإسرائيلي أمير بوحبوط- في معاريف- 2008/9/25 / مضيفا:""درج الجنود على التشدد الزائد في الفحوصات التي يجرونها على الأطفال الفلسطينيين الذين يمرون في الحاجز القائم في "تل رميدة" في الطريق إلى المدرسة، بل ويجعلوهم يمرون في نوع من "دورة تربية" تتضمن عقوبات تقترب من التنكيل، وفي إحدى الحالات، كما تروي نساء "محسوم ووتش" قرر احد الجنود المزاح مع طفل فلسطيني صغير أمسك بيده وقال: "ارقص وغني معي أغنية "شعب إسرائيل حي".

في تصويرها لمدى الإرهاب الإسرائيلي المنفلت في الخليل تقول شولميت الوني وزيرة التعليم الإسرائيلية السابقة في احدث كتاب لها:" عاث المستوطنون فساداً في الأرض، وفي الخليل قام رجال وحاخامات بتدمير حياة المدينة: سلب ونهب، تخريب اقتصادي، وطرد، وتعذيب للمسنين والمرضى، والاعتداء بالكلاب على الناس ونثر أدوات حادة داخل المساجد لإصابة المصلين بجروح/22 / 9 / 2008 ".

ووفقا لكراسة نشرتها منظمة "نكسر الصمت" الحقوقية تشمل شهادات أدلى بها 39 جنديا خدموا في مدينة الخليل خلال الأعوام الماضية عن عمليات التنكيل والاعتداء على الفلسطينيين فان"سلسلة من أعمال التنكيل بالفلسطينيين لم تعد أمورا شاذة بل نهجا سائدا/ موقع عــ48ـرب -2008/4/21".

والحقيقة الكبيرة الخفية هنا أن كل هذه الجرائم التي يقوم بها المستعمرون اليهود في الخليل لم تأت ولم تكن إلا بنوايا ومخططات مسبقة أكدوها في رسالة بعثوا بها إلى وزيرة الخارجية الأمريكية رايس، جاء فيها :
" نريد أن نذكرك يا رايس بأن التوراة وعدت الشعب اليهودي بأرض إسرائيل، من قبل أربعة آلاف عام وسيدنا إبراهيم اشتري هذه البلاد قبل 3800 عام/ فلسطين اليوم-"، ومضت الرسالة تقول:" وعليك أن تتذكري بأن العرب قدِموا لهذه البلاد بعد أن سكنوها اليهود بآلاف السنين، ولكنك تتجاهلين حقوق المستوطنين في موطنهم التاريخي الوحيد وهي أرض إسرائيل".

لذلك يتسيب المستوطنون اليهود المدججين بالأسلحة هناك ويهتفون في وجه أهل المدينة : "قتلنا المسيح وسنقتلكم أنتم".

فإذا جاز لنا أن نقارن في ضوء كل ذلك بين ما يجري في قلب مدينة الخليل وبين أي مشهد مثيل أو قريب، فإننا يمكن أن نقول "إن الغرب الجامح-الهائج-المنفلت" بكل ما ينطوي عليه هذا المصطلح الدولي من مضامين وإسقاطات، بات يدمي قلب "خليل الرحمن"، ولكن على نحو أشرس وأقبح وأشد إرهابية وانفلاتا...!.

ولا شك أننا هنا أمام سياسة الإرهاب الشامل ضد أهل الخليل، وان تلك السياسة راسخة محمومة متصلة تقف وراءها كافة الحكومات والقوى السياسية الإسرائيلية، وتتكامل فيها ممارسات دويلة المستوطنين الإرهابية، مع سياسة الانتهاكات والاعتداءات والعقوبات الجماعية التي تنفذها أذرع الدولة الاحتلالية.
فأين رجع صدى صرخة الخليل لدى العرب..؟!

التعليقات