31/10/2010 - 11:02

5 إجراءات لتفادي الأسوأ../ فيصل جلول

5 إجراءات لتفادي الأسوأ../ فيصل جلول

بادر عمال بنغاليون إلى تنظيم تظاهرة في الكويت كما فعل عمال آسيويون من قبل في دول خليجية، وكما قد يفعل آخرون في هذا البلد أو ذاك، علما بأن العمالة الآسيوية تكاد تكون حصرية في قطاع الخدمات الخليجي النامي بدرجات متصاعدة. ليس سبب التظاهرات عصياً على الفهم فهو ناجم عن ضعف الدولار المتزايد جراء السياسات الانتقامية والحمقاء التي اعتمدتها إدارة جورج بوش في ولايتيه الأولى والثانية. وبما أن النظام المالي الدولي مرتبط بالدولار، أو يتأثر بحركته صعوداً وهبوطاً، فإن رواتب الفئات الدنيا في المجتمعات هي الأكثر عرضة للضرر، لأنها الأقل قدرة على مواجهة الهبوط المتزايد في أسعار عملات صعبة والتصاعد المتزايد في أسعار عملات صعبة أخرى (اليورو).

وإذا كانت تظاهرات العمالة الآسيوية في الخليج وما رافقها من أعمال شغب متصلة بحركة الأسواق المالية، وإذا كانت جزءاً من حركة احتجاج واسعة في أكثر من دولة ومنطقة، فإنها في المقابل تسلط ضوءاً كاشفاً على جانب إضافي محصور بمنطقة الخليج وحدها، أعني به العمالة الكبيرة من جاليات محددة. فالملاحظ أن التظاهرات لم تشمل العمال والموظفين من جاليات متعددة، وإنما من جالية واحدة أو اثنتين، وأن “التضامن” (لغة وعرق ووطن ودين واحد) لعب دوراً أساسياً في اندلاعها.

تطرح هذة القضية من جوانبها كافة مشكلات خطيرة تتعدى أثر التظاهرات الأخيرة، وتحتاج إلى تأمل عميق وحلول مبرمجة وطويلة الأمد، كي لا تفاجأ مجتمعاتنا ذات يوم بالأسوأ.

وحتى لا تقع مصيبة، لابد من اعتماد انعطافة كبيرة مبنية على إجراءات أساسية من بينها:

أولاً: معالجة الضعف الديموغرافي الخليجي عبر سياسة اندماج جريئة ومتدرجة تؤدي إلى توسيع القاعدة الاجتماعية العربية في بلدان الخليج، وإذا كان ثمة من يخشى من طغيان دمج فئة من العرب أكثر من أخرى فيمكن اللجوء إلى نظام “الكوتا”، وبالتالي اعتماد الاندماج المتعدد الجنسيات العربية.

ثانياً: اعتماد شرط اللغة العربية كشرط حاسم للعمالة الوافدة تماماً كما تعتمد فرنسا شرط اللغة الفرنسية للاندماج، وتعمل بهدوء ولطف على سلخ المندمج عن ثقافته الأصلية عبر نظام تربوي يخرج منه أولاد المهاجرين فرنسيين ثقافة وتربية كغيرهم من الفرنسيين الأصليين. ومثال فرنسا ليس فريداً، فهو معتمد إلى هذا الحد أو ذاك في جميع الدول الغربية التي تسد فجوتها الديموغرافية والنقص في الولادات عبر إنجاب مواطنين من بطون أجنبية.

ثالثاً: دمج اليمن في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبر تأهيل بنيته التحتية فهو الاحتياطي الاستراتيجي لهذه الدول عبر موقعه الجغرافي وديموغرافيته وعروبته وعمالته الرخيصة ونزوع أهله إلى التضامن العربي، ونأيهم عن الطمع والعدوانية، علماً بأن دمج اليمن يتناسب منهجياً مع الاستراتيجيات التي تعتمدها كل الدول الغنية في العالم والتي تخشى على مستقبلها من تكدس الفقراء على حدودها.

رابعاً: إذا كان صحيحاً أن نمو الثروة رهن باليد العاملة الرخيصة، وإذا كان صحيحاً أيضاً أن هذه القاعدة كانت في أصل النهضات التنموية في اليابان والصين وغيرهما، فالصحيح أيضاً أن ضمان النمو ودوام الثروة لا يبنيان إلى الأبد على عمالة مختلفة في ثقافتها ودوافعها عن ثقافة البلد المضيف إلى حد الطغيان عليها وتشويهها. فالثروة الدائمة تحتاج إلى حماية وطنية لا يمكن أن تتوفر إلا عبر روابط ثقافية وطنية وقومية يشعر في إطارها الغني والأقل غنى بالانتماء القوي إلى المكان، وليس إلى السوق حصراً. فالوطن ينشئ سوقاً وليس العكس.

خامساً: لا يمكن مواجهة التظاهرات في الخليج بسياسة ترحيل واسعة أو عبر استبدال عمالة بأخرى، فهذا الإجراء لا يحل المشكلة في جانبها الاقتصادي، لأنه يلحق أذى بالنمو، وفي جانبها الاجتماعي لأن العمالة المتمردة والمرحّلة ستليها عمالة أخرى مرشحة للتمرد أيضاً للأسباب نفسها، الأمر الذي يستدعي في المدى المنظور تفتيت العنصر المتضخم عددياً من جالية أو اكثر في السوق عبر تعددية واسعة من جهة، ومن جهة أخرى الإفادة في المديين المتوسط والبعيد من الفضاء العربي الواسع بحيث تمطر فيه غيوم النمو الخليجي ليستفيد الخليج من الزرع العربي في موسم الحصاد. وهذا يتطلب إعادة نظر شاملة للعلاقات العربية العربية نحو تعزيز عوامل الثقة، بعيداً عن أي هواجس.
"الخليج"

التعليقات