31/10/2010 - 11:02

أما آن لهذا المارد أن يتمرد؟!../ خالد خليل

أما آن لهذا المارد أن يتمرد؟!../ خالد خليل
نقلت المستقبل العربي أن الجنرال كيث دايتون المنسق الأمني الأميركي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل كشف خلال ندوة نظمها له معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط في السابع من أيار أن فريق التنسيق الذي يقوده ويضم ضباطا بريطانيين وكنديين، وأتراكا، إلى جانب الضباط الأميركيين، نجح في بناء رجال فلسطينيين جدد، تشكلت منهم ثلاث فرق تعمل بالتنسيق التام مع الجيش الإسرائيلي، بل إن الجيش الإسرائيلي تولى قيادة قوة من هذه الفرق عملت مؤخرا على مواجهة قوات المقاومة الفلسطينية في الخليل، حيث قال القائد العسكري الإسرائيلي في المنطقة: «أنا بحاجة إلى مساعدتهم وأنا أثق بهؤلاء الشباب.. لم يعودوا يكذبون علي كما في السابق».

دايتون يجاهر أيضا في أن مهمته تتضمن دعم "حكومة سلام فياض المعتدلة في الضفة الغربية"، وأنهم لا يقدمون شيئاً للفلسطينيين "ما لم يتم التنسيق بشأنه مع دولة إسرائيل وبموافقة إسرائيلية". والجدير ذكره أن رجال دايتون هم أيضا من "نظف" نابلس من جيوب المقاومة، وهم من قضى مؤخرا على من تبقى من مقاتلي حماس المطلوبين لإسرائيل في قلقيلية.

اللافت أن دايتون لا يتحدث عن عشرات أو مئات العناصر, بل إن رجاله الفلسطينيين في الضفة الغربية وصل عددهم حتى الآن خمسة عشر ألفا. وهؤلاء كما يقول دايتون في محاضرته لم يتدربوا على القتل فقط وتصفية المقاومة، وإنما تدربوا أيضا على كيفية تفريغ النضال الشعبي من مضمونه باسم حقوق الإنسان، التي كما يبدو باتوا يتقنونها بشكل تام على الطريقة الأمريكية.

إذن القضية تجاوزت مسألة التنسيق الأمني بين السلطة الوطنية وإسرائيل، لتصل إلى أكثر من مجرد عمل مشترك، بل إنه مشروع مشترك يصب في خدمة مشروع الأمن الأمريكي في المنطقة كما يؤكد دايتون في المحاضرة المذكورة.

قلنا في السابق إن فريق السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس وسلام فياض حسم أمره نهائيا في المحور التابع والمطيع للولايات المتحدة، كان ذلك في زمن بوش، فما بالك في زمن أوباما الأكثر "تنورا وسلاسة"!!

إن عملية التشويه الجارية للشعب الفلسطيني بأموال وإشراف المحور الأمريكي، تتم بموافقة ومشاركة فلسطينية ، مما يؤكد مرة أخرى استحالة اللقاء السياسي الوطني مع هذا الفريق حتى بعد تصريحات من يسمى بكبير المفاوضين صائب عريقات في أعقاب خطاب نتانياهو، وحتى إن كنا نؤمن أن سقف عريقات والسلطة الوطنية أعلى من سقف نتانياهو. ذلك أننا نعرف أن أي كيان فلسطيني قادم من خلال الرؤية الأمريكية لن يجيب عن الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني وسيكون مفصلا على مقاس التابعين لأمريكا.

الأخطر من ذلك في المرحلة الراهنة هو استمرار تصفية وترويض المقاومة في الضفة الغربية من اجل تهيئة الأجواء لانتخابات قريبة محبوكة بشكل محكم من قبل السلطة وأمريكا وإسرائيل، لأن ذلك استحقاق لا بد منه من أجل إنجاز تسوية قادمة. وربما ليس صدفة ذاك التحرك المفاجئ لبعض أغنياء فلسطين من أجل إقامة حزب جديد، منتهزين على حد تعبيرهم الأزمات التي تمر بها كل من فتح وحماس. طبعا هذا الحزب حزب انتخابات وتسوية ولن يطرح مشروعا سياسيا جديدا، ومن المؤكد ستقوده تلك الشريحة الأكثر ثراء في الشعب الفلسطيني والمختصة بإدارة الأمور من خلال الصفقات الرابحة اقتصاديا، وهؤلاء أيضا أصدقاء أمريكا الذين لن يخيبوا أملها.

الانتخابات القادمة ستكون الأخطر على الشعب الفلسطيني لأن الفوز فيها سيكون من نصيب المحور الأمريكي، بغض النظر عن الصيغ والإشكال التي ستخاض بها تلك الانتخابات، وستكون ثاني أغلى انتخابات في المنطقة بعد الانتخابات اللبنانية، وسيكون هدفها تحجيم الفصائل الفلسطينية والاستئثار الكلي بالسلطة. كيف لا والأموال وفيرة وقوات دايتون على أهبة الاستعداد لفرض "الأمن والنظام"؟!

باعتقادي أنه آن الأوان لفصائل العمل الوطني أن تستفيق من سباتها وان تتقدم خطوة إلى الأمام ولو لمرة واحدة قبل وقوع المحظور، من خلال إعادة الروح لحركة التحرر الوطني الفلسطيني ضمن مرجعية نضالية موحدة ترفض الاحتلال وترفض التبعية، على طريق إعادة تنظيم الشعب الفلسطيني كشعب مقاوم يرفض الهوان والذل. وهذا معناه رفض الانتخابات القادمة وعدم المشاركة بها أو السماح بإجرائها وفقا للشروط الأمريكية. فالمؤامرة لا تطال حماس وفصائل المعارضة فقط، وإنما تطال القسم الأكبر من فتح الذي يجري تحييده من دائرة التأثير واتخاذ القرار بشكل منهجي. وهذا القسم هو القسم المناضل الذي يعتصره الألم جراء ما يحدث في الضفة الغربية من تشويه مبرمج. فإلى متى سيبقى هذا المارد داخل القمقم؟!

لقد رفضت حركة فتح رسميا المشاركة في حكومة فياض وهذا تقدم ينبغي أن تليه خطوات أكثر صرامة يكون من شأنها إعادة الهيبة لهذه الحركة العريقة، ويعلم العالمون أن ذلك منوط بالعودة لإستراتيجية المقاومة والتحرر الوطني وعدم التقوقع عند خيار التفاوض والتسوية كخيار وحيد.

التعليقات