31/10/2010 - 11:02

أين الخطر الأكبر؟../ محمد السعيد إدريس

أين الخطر الأكبر؟../ محمد السعيد إدريس
تزامن مع انعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة في اجتماعهم نصف السنوي ال 130 (8/9/2008) تطوران مهمان لهما علاقة مباشرة بالشق الفلسطيني من اجندة هذا الاجتماع. الأول هو انعقاد المؤتمر الأول ل “الصهيونية المسيحية بسويسرا، والثاني انعقاد جلسة مهمة للكنيست “الإسرائيلي” بدعوة من التيار اليميني ومن دون حضور رئيس الحكومة ايهود أولمرت للمطالبة بوقف أي تفاوض “إسرائيلي” حول الحل النهائي بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، ووقف أي تفاوض حول الجولان بين “إسرائيل” وسوريا، على أساس أن أولمرت وحكومته لا يمتلكان الأهلية اللازمة للخوض في مثل هذه المفاوضات، ولأن مثل هذا التفاوض يتعارض مع المصالح الوطنية “الإسرائيلية”.

وإذا كان التطور الثاني هدفه الاجهاز نهائياً على ما يسمى بـ “عملية السلام” انطلاقاً من قناعة زعيم الليكود بنيامين نتنياهو بأن “إسرائيل” لا يجب أن تتفاوض مع العرب بل أن تفرض عليهم ما تريد، فإن التطور الأول تجاوز إطار تلك العملية السلمية بكاملها حيث أكد اعلانه النهائي دعم مشروع يهدف الى “تشجيع هجرة جميع يهود العالم الى الدولة العبرية التي يجب ان تتوسع حدودها لتشمل “إسرائيل” التوراتية”.

في هذا المؤتمر الذي عقد تحت عنوان “عودة إسرائيل” التي تعني بالنسبة لتيار “الصهيونية المسيحية تجمع كل يهود العالم في أرض “الميعاد” الذي هو الشرط الموضوعي لتحقيق نبوءة “عودة السيد المسيح” الموجودة في آخر عهد يوحنا اللاهوتي كان السفير “الإسرائيلي” في سويسرا ايلان ايلجر موجوداً، وتحدث باستفاضة أمام ممثل تيار كنسي مسيحي تجاوز عدد أعضائه في الولايات المتحدة وحدها 60 مليون عضو يملكون أدوات تأثير دعائية ومالية هائلة. لكن أهم رسالة أراد ايلجر توصيلها هي الاشارة الى مؤتمرات سويسرا ومكانتها المركزية بالنسبة للحركة الصهيونية العالمية. فبعد ان أبدى سعادته البالغة بالمؤتمر وقراراته قال إنه “يدشن لمرحلة جديدة تتكاثر فيها دعوات الاعداء لمحو إسرائيل”، وربط بين هذه المرحلة الجديدة من مشروع الدولة الصهيونية، أي مرحلة التوسع كي يتم استيعاب كل يهود العالم حسب دعوة المؤتمر وبين المؤتمر التأسيسي الأول للمنظمة الصهيونية العالمية الذي عقد في بازل بسويسرا تحت رئاسة تيودور هرتزل.

أين قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب من هذه التطورات، أو هذا المستوى من تطور الصراع وتحوله بالفعل الى “صراع وجودي” وصراع إقامة “إسرائيل” من “النهر الى البحر”؟ بيان وزراء الخارجية الصادر عن الاجتماع، وبعد استماعه لتقرير مفصل على لسان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن آخر ما وصلت اليه المفاوضات مع “إسرائيل” وذكر فيه أن هناك عقبات تواجه فرص التوصل الى اتفاق بحلول نهاية العام، أكد أن استمرار “إسرائيل” في الاستيطان منذ مؤتمر أنابوليس “يعطي قناعة عربية بأنها غير جادة في عملية السلام”، لكن الأهم هو الربط من حالة التشرذم الفلسطيني المأساوية الراهنة بين غزة ورام الله وبين التوسع الاستيطاني “الإسرائيلي” من دون أي اشارة الى أن هذا التوسع هو جوهر المشروع “الإسرائيلي” الراهن، وأن ذلك التشرذم ليس له أي علاقة به اللهم إلا من تغييب الدور الفلسطيني المقاوم لهذا المشروع.

طبيعي أن يفكر وزراء الخارجية العرب على هذا النحو طالما أنهم مازالوا في حاجة الى المزيد من “القناعة” بعدم الجدية “الإسرائيلية” في عملية السلام، وأنهم يعتقدون أن الوقت مازال طويلاً كي يصلوا الى هذه القناعة التي ربما لن تكتمل قبل أن تكمل “إسرائيل” ضم وتهويد كل فلسطين، عندها سنعرف نحن أين الخطر الأكبر.
"الخليج"

التعليقات