31/10/2010 - 11:02

إلى فلسطين دُر../ إلياس سحاب

إلى فلسطين دُر../ إلياس سحاب

لا شك في أن المقارنة بين حالة الفرح العارمة، التي سيطرت على الجانب اللبناني من الحدود، عند إنجاز عملية إطلاق آخر دفعة من الأسرى اللبنانيين في السجون “الإسرائيلية”، وعلى رأسهم عميد هؤلاء الأسرى سمير القنطار (ثلاثة عقود سجن)، وحالة الحزن العارمة التي أحدثتها على الجانب “الإسرائيلي” العملية نفسها (وفقا للمصادر الاعلامية “الإسرائيلية”)، تدعو الى تجاوز المفاعيل المحدودة للعملية الاخيرة (مهما تعاظمت)، الى تأمل حالات التناقض التي تعيشها مختلف الفئات الاجتماعية العربية المنخرطة، بشكل أو آخر، في تفاصيل الصراع العربي- “الإسرائيلي”، على مختلف الجبهات.

فمنذ عقدين من الزمن، يلاحظ أن “إسرائيل” تعرضت على الجبهة اللبنانية من الصراع، لثلاث هزائم عسكرية ومعنوية موصوفة:

* هزيمة الانسحاب الاضطراري من معظم أراضي الجنوب اللبناني (عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا)، من دون إجبار لبنان على توقيع معاهدة سلام مع “إسرائيل”، على غرار معاهدتي كامب ديفيد ووادي عربة.

* هزيمة/ فشل العدوان العسكري “الإسرائيلي” على لبنان في العام ،2006 في تحقيق هدف سحق البنية العسكرية والسياسية لحزب الله اللبناني. وذلك بدليل الواقع العملي، وتقرير لجنة فينوغراد “الإسرائيلية”.

* كسر الارادة السياسية “الإسرائيلية” لصالح الإرادة السياسية للمقاومة اللبنانية في عملية التبادل الاخيرة. بدليل أن زعيم “إسرائيل” أولمرت في صيف 2006 جزم أن الحرب على لبنان لن تتوقف، ما لم يتم رد الجنديين “الإسرائيليين” اللذين أسرهما حزب الله، بينما أعلن أمين عام الحزب، بالمقابل، أن ما من قوة على وجه الأرض تستطيع رد الجنديين من الأسر، سوى مفاوضات تبادل الأسرى، وقد ظهر بين صيفي 2006 و2008 أن قرار أولمرت قد فشل، وأن قرار السيد حسن نصر الله هو الذي تحقق.

غير أن هذه الصورة الجانبية من الصراع لا يجوز أن تلهينا، وسط فرحة استعادة الأسرى، عن تناقضها الصارخ مع الصورة العامة للصراع، حيث نجحت الحركة الصهيونية ليس فقط في تثبيت دعائم احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة والسيطرة الكاملة عليهما، براً وبحراً وجواً، بل في إحداث تقدم هائل (تحت أنف العرب والمجتمع الدولي) في تهويد ما تبقى من الضفة الغربية لنهر الأردن، والقدس العربية، والاستيلاء على ما تبقى من الموارد الطبيعية المفترض نظرياً أنها ملك الدولة الفلسطينية الموعودة.

أما في غزة فقد حققت الحركة الصهيونية نجاحاً في السيطرة الكاملة على القطاع من خارجه (أي بأقل خسائر “إسرائيلية” ممكنة)، الى جانب السيطرة على حدوده مع العالم الخارجي، بما في ذلك حدوده مع الشقيقة العربية الكبرى مصر. فأوجدت واقعاً تحكم فيه السيطرة على الحياة داخل القطاع، كما على كل حدوده الخارجية.

لكن مع هذا الخلل الفظيع، لا شك في أن تطور الأمور على الجبهة اللبنانية، يبعث، على الأقل، أثراً معنوياً في جنبات المنطقة العربية بأسرها، شعاره: الى فلسطين در.

ولا شك أن مفعول هذا الشعار يبدو حياً على الصعيد الشعبي في كل بلد عربي. لكننا إذا لم نتمكن من تحويل هذه المشاعر الى ضغط سياسي فاعل يستعيد دور مصر والأردن، وسائر الدول العربية المهمة والمؤثرة، من هامش الصراع الاستراتيجي مع “إسرائيل”، الى قلبه، سيظل الخلل الاستراتيجي العام قائماً لصالح “إسرائيل”، مهما انجزنا ضدها على أي جبهة منفردة.
"الخليج"

التعليقات