31/10/2010 - 11:02

ارتكازات الخطاب الأمريكي للمنطقة.. إسرائيلية../ نزار السهلي*

ارتكازات الخطاب الأمريكي للمنطقة.. إسرائيلية../ نزار السهلي*
ينتظر العالمان العربي والإسلامي الخطاب الشهير للرئيس الأمريكي أوباما من عاصمة المعز، وقد يشد انتباهها إلى الخلاص والانعتاق من جل المشاكل التي ارتبط بها وجود الدولة العربية وما تعانيه شعوبها جراء السياسة الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة. وقد ظن الكثيرون مع ما روج له النظام العربي عن مواجهة المشروع الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة أن الأمر لا يعدو عن خطاب أو تبدل الأشخاص في سدة السلطة سيجلب معه التغيير المنشود الذي تنتظره شعوب الشرق الباحثة عن خلاص ما متمثل في زعيم عربي أو غير عربي عبر خطاب منتظر سيصفق له الكثيرون وستتناوله وسائل الإعلام عبر المساحة الواسعة لأدواتها العربية.

وفي السياسة الأمريكية المرتبطة مصالحها في المنطقة، والمتصلة بالصراع العربي الإسرائيلي، لن يحدث التغيير التي سوقت له الإدارة الديمقراطية في الحملة الانتخاب الأخيرة لأوباما الذي نرى أن العبارات اللفظية للتغيير لن تجد طريق التنفيذ، لأسباب سنأتي على ذكرها لاحقا.

أما الجانب المتعلق من السياسة الأمريكية الإسرائيلية وما يرتبط من مصالح بينهما لا يفسدها مطالبة الإدارة الأمريكية بإزالة كرفانات الاستيطان العشوائية، التي بموجبها أصبحت كتل الاستيطان ومصادرة الأراضي مع نموها الطبيعي " قانونية "، والابتعاد عن جوهر الصراع المتمثل بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية، وإلزام الاحتلال بتطبيق القرارات الدولية المتصلة بالصراع، وبسبب عدم وجود قوة تنفيذية رادعة للإسرائيلي عن إجراءاته المتواصلة على الأرض التي تبشر بجرائم جديدة ضد عرب 48 بجدران من القوانين العنصرية التي تستهدف صموده داخل أرضه التاريخية، والحديث الأمريكي عن الرؤية لحل الدولتين التي تمانع ظاهريا إسرائيل بالقبول به لا يجد له أداة تنفيذية.

والمثير للسخرية هو أن كل المشاريع التي تطرح في العملية السلمية منذ مدريد إلى اليوم تكون قوة الاحتلال هي التي تصوغ الإجراءات على الأرض، وهي التي زادت عدد المستوطنين إلى 600 ألف مستوطن، وزادت نسبة الاستيطان والاستيلاء على الأرض بنسبة 70% من أراضي الدولة الفلسطينية التي نلهث في أن تقبل إسرائيل بها. وإذا ما نظرنا إلى واقع الإجراءات المتبعة من قبل عدوانية إسرائيل على كامل الأرض الفلسطينية سنجد أن كل هذا الهرج عن أطروحات العودة إلى المفاوضات والحديث عن المبادرات العربية والفلسطينية والأمريكية لن تخدم قضية الشعب الفلسطيني ولا أهدافه الوطنية بقدر ما تعطي الفرصة لإسرائيل وجيشها الإمعان في الإجراءات العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.

وإذا كانت قضية اللاجئين تشكل لب الصراع في المنطقة وعودتهم إلى ديارهم هي أساس الحل في معادلة الصراع لم يجر الحديث عنها سوى في تهريب بعض التصريحات، آخرها للرئيس عباس في "جيروزالم بوست". لم يطرح عبر تاريخ المفاوضات عودة اللاجئين وهي مؤجلة مقابل فتح ملف المفاوضات مجددا، وأصبح موضوع المفاوضات لأجل المفاوضات عندما تحولت السلطة في إحدى محطاتها الأمنية من خارطة الطريق لأداة من أدوات القمع والتآمر على شعبها برعاية أمريكية تصر أطراف السلطة على نفي وجود لدايتون وإشرافه على عمل الأجهزة الأمنية وبإشراف إسرائيلي.

وإذا كانت الارتكازات للعملية السلمية تأخذ الاحتياجات الأمنية لدولة الاحتلال والنمو الطبيعي لمستعمراتها يتطلب مصادرة الأراضي وإجراءات الحصار والإذلال للسكان وسرقة المياه والثروات دون أن تبقي للسكان الفلسطينيين أصحاب الأرض التاريخيين سوى فتات من أرض محاصرة، يجري العمل على إخراج مثير لتصريحات أمريكية وقبول ورفض إسرائيلي مثير أن هناك حراكا من ضغط سياسي يمارس على إسرائيل في اللفظ، وان هناك أثمانا يجب أن تجنيها إسرائيل من الجانب العربي والإسلامي، والفوز بعلاقات طبيعية مع 57 دولة عربية وإسلامية هو أبرز ملامح التغيير في عملية السلام الذي يجتهد الجانب العربي في كل مرحلة في تقديم سلة جديدة من الامتيازات للجانب الإسرائيلي عله يقبلها عن كل إجراء عدواني لن تبقي للواهمين سوى الوهم

ولن تختلف الإدارات الأمريكية والحكومات الغربية في دعم إسرائيل وسياساتها الاستيطانية الاستعمارية في الأرض العربية، ولن يكون التغيير حليف أحلامنا المنتظرة طالما بقيت السياسة العربية لا تغادر التمني والانتظار، ولا تقرأ مصالحها ومصالح شعوبها إلا من المنظار الأمريكي والإسرائيلي.

والتغيير المرجو هو في النظرة للذات العربية من جوهرها العربي والقومي والإسلامي الذي يشكل أداة القوة لها، ولن يفيدها انتظار خطاب من أوباما أو تصريح جديد من نتنياهو والسكون يلف السياسة العربية مقابل عدوان البلدوزرات والطائرات والمدافع والاستيطان. والرهان على عامل التغيير والوقت لتضغط الإدارة الأمريكية على إسرائيل للدفع بالعملية السلمية هو ضرب من ضروب الوهم الذي بقيت السياسة العربية تلاحقه في دهاليز السياسة، ولم تدرك أن الرؤية الأمريكية لحل الصراع في المنطقة له ركيزة إسرائيلية تعمل عليها لوبيات ضغط يهودية مرتبطة بمصالح استعمارية تديرها دوائر صنع القرار في الغرب الأمريكي والأوروبي دون أن تنتظر خطابا تصفق له بحرارة.

التعليقات