31/10/2010 - 11:02

الأمن مقابل السمك!../ مصطفى إبراهيم*

الأمن مقابل السمك!../ مصطفى إبراهيم*
في خبر نشر في الإذاعة العبرية يوم الاثنين 18/5/2009، نقلا عن الجنرال الأمريكي "كيت دايتون" المنسق الأمني والمسؤول عن إعادة بناء وتدريب قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية، أن الولايات المتحدة سوف تقدم منحة مالية مقدارها 160 مليون دولار أمريكي من اجل إقامة معسكر تدريب جديد لقوات الأمن الفلسطينية في مدينة جنين، وتدريب ثلاثة فرق جديدة في الأردن من أجل نشرهم في باقي المدن الفلسطينية، بالإضافة إلى الـ 500 رجل أنهوا تدريبهم أخيراً.

وفي الوقت الذي نشرت فيه بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية مطلع الشهر الجاري تقارير حول تعاون أجهزة الأمن الفلسطينية وأجهزة الأمن الإسرائيلية أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، برزت من جديد قضية قديمة جديدة، كانت وما تزال تؤرق الفلسطينيين من خلال سعي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى ابتزاز الفلسطينيين من خلال استغلال حاجاتهم الشخصية وحقهم في السفر أو العمل والعلاج خارج فلسطين.

فقد دأب جهاز الأمن العام الإسرائيلي " شاباك" على استغلال الفلسطينيين ومحاولة إجبارهم في معظم الأحيان على الارتباط " التجسس" والتعاون مع قوات الاحتلال من أجل الحصول على معلومات حول المجتمع الفلسطيني، وما يجري فيه من تطورات ومراقبة المقاومة وعناصرها وأنواع السلاح التي تمتلكها، وتدريب بعض المتعاونين للقيام بإعمال تخريبية من قتل لبعض أفراد المقاومة، أو نشر الإشاعات وغير ذلك من الأمور الذي تعمل على تدمير المجتمع الفلسطيني من الداخل.

ولم يكف الـ"شاباك" عن ابتزاز الفلسطينيين بشتى الطرق، وعلى رغم التكنولوجيا المتقدمة التي تمتلكها الدولة العبرية إلا أن الجهاز يدرك جيدا أهمية العامل البشري في الحصول على المعلومات من الأرض لاستخدامها في أغراض مختلفة.

فبعد إعلان وقف إطلاق النار على اثر العدوان الهمجي الإسرائيلي على قطاع غزة، كثفت أجهزة الأمن الإسرائيلية من نشاطها ضد الفلسطينيين واستغلال حاجتهم للعلاج، فقد قامت تلك الأجهزة خلال سنوات انتفاضة الأقصى، وقبل ذلك على ابتزاز المرضى ومقايضتهم بمنحهم التصاريح للسفر وتلقي العلاج خاصة في المستشفيات الإسرائيلية، مقابل التجسس.

وأخيرا برزت قضية ابتزاز الصيادين الفلسطينيين من قطاع غزة في لقمة عيشهم.

فسلطات الاحتلال على مدار عمر احتلالها للأراضي الفلسطينية لم تعدم الوسيلة في استغلال حاجة الفلسطينيين للعيش الكريم، وعلى رغم منعها العمال الفلسطينيين من قطاع غزة عن العمل في أماكن العمل في الدولة العبرية، إلا أن الأمن الإسرائيلي لم يترك الصيادين الفلسطينيين في حالهم، وعلى رغم ضيق الحال والقيود والعقوبات التي تفرضها قوات الاحتلال البحرية على الصيادين الفلسطينيين من تقليص المسافة المسموح بها للصيادين، الصيد فيها بناء على اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير وحكومة رابين، والتي كانت تصل إلى 20 ميلاً بحرياً تم تقليصها إلى 3 أميال فقط.

بالإضافة إلى التهديدات المستمرة ضد الصيادين من اعتقالات وتدمير مراكبهم، وإطلاق النار عليهم ومنعهم من الصيد في معظم الأحيان.

وأخيراً كثفت قوات الاحتلال من الضغوط على الصيادين من خلال المحاولات المستمرة باستخدام الإغراءات من أجل ربطهم للتجسس ضد أبناء شعبهم، وتقديم المعلومات لهم، وأصبحت قضية الصيادين: الأمن مقابل صيد السمك، علماً أن قوات الاحتلال لم تتوقف في يوم من الأيام عن تقديم الإغراءات للصيادين، وإجبار بعضهم على الارتباط "التجسس".

ما نشر بداية الشهر الماضي من معلومات حول تعاون الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية أثناء العدوان على قطاع غزة، ربما كان القصد منه هو التعاون والتنسيق الأمني في الضفة الغربية، وبرغم أهمية العامل البشري في الحصول على المعلومات إلا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية وعلى رغم التعاون الوثيق بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية الذي كان قبل عملية السور الواقي في العام 2002، وتدهور العلاقات بين السلطة الفلسطينية وأجهزة الأمن الإسرائيلية، فقد انطلق قادة الدولة العبرية دائماً من المقولة الأساس في الطرح الأمني الإسرائيلي "نحن نحمي أنفسنا بأنفسنا"، "ولا يوجد عرب جيدون"، "ولا فرق بين فلسطيني وفلسطيني".

وعلى رغم الوضع المر والقاسي للفلسطينيين والشرذمة والانقسام في صفوفهم، خاصة بعد سيطرة حماس على غزة بالقوة المسلحة، وفشل إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية خاصة في قطاع غزة بناء على خطة دايتون، من تدريب وتسليح الضباط والأفراد في الأجهزة الأمنية، استمر الجانب الفلسطيني بتدريب الأجهزة الأمنية وإعادة تطويرها في الضفة الغربية.

فالجانب الإسرائيلي لم يلتزم بتطبيق التزاماته بخارطة الطريق، على رغم قناعته من عدم قدرة الفلسطينيين في الضفة الغربية على حماية الأمن الإسرائيلي، فإنه يقوم في قطاع غزة بالضغط على الفلسطينيين بكل الوسائل من أجل الحصول على المعلومات وتخريب وتدمير المجتمع الفلسطيني، وربط أمن دولته مع الصيادين، بالإضافة للطرح الأمني الأساس الذي ينطلقون منه وهو ربط صيد السمك بالأمن.

التعليقات