31/10/2010 - 11:02

الاستعارة المضللة!../ نواف الزرو

الاستعارة المضللة!../ نواف الزرو
ما يزال الرئيس الأمريكي جورج بوش يصر في كل مناسبة ومناسبة على أجندته الأيديولوجية / السياسية / الإستراتيجية المتعلقة بما عرف عالميا ب"الحرب على الإرهاب الدولي"، ويصر كذلك على "مشروع الشرق الأوسط الكبير –الجديد –المتجدد " باعتباره الطريق إلى القضاء تماما على "الإرهاب"، ويوظف كل ما بين يديه من إمكانات إعلامية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية وغيرها من اجل تكريس ومواصلة هذه الحرب التي لا يبدو وفقا للمعطيات المتراكمة أنها على وشك التوقف أو الاستراحة حتى، بل إن ميكانيزم هذه الحرب يتحرك على مدار الساعة وعلى نحو خاص ومبيت جدا في منطقتنا العربية والشرق أوسطية. ولذلك فان هذه الحرب كما هو واضح من المنتظر أن تتصاعد ويتسع نطاقها بوسائل متعددة حتى في ظل العهد الرئاسي الأمريكي القادم، وخاصة في ظل ماكين إذا ما حل محل بوش...!

ولذلك فان الأسئلة الكبيرة التي تطرح نفسها هي:
- إلى أين وصلت هذه الحرب المفتوحة على الإرهاب ...؟!!
- وهل نجحت الإدارة الأمريكية بتحقيق أهدافها يا ترى ...؟!!
- وما دور الإعلام الأمريكي والإسرائيلي في ترويج وتسويق هذه الحرب ..؟!!!

مفكرون جلهم أميركيون شككوا في الأيام الأخيرة ونحن أمام الذكرى السابعة للتفجيرات في الرواية الرسمية الأميركية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 ووصفوا تلك الرواية بـ"الزائفة" كما جاء في كتاب "الحادي عشر من سبتمبر والإمبراطورية الأميركية" الذي شارك في تأليفه 11 مؤلفا/ وكالات/
9/10/2008/"، وقال محررا الكتاب "ديفد راي جريفين" و"بيتر ديل سكوت": "إن باحثين لا ينتمون إلى التيار السائد توصلوا إلى أدلة تفند الرواية الرسمية "بشأن المسؤول النهائي عن تلك الهجمات" التي أصبحت بمثابة الأساس المنطقي وراء ما يقال إنها حرب عالمية على الإرهاب استهدفت حتى الآن كلا من أفغانستان والعراق، وكانت بمثابة المبرر وراء "التدني المسرف" في سقف حريات الأميركيين"، وأكد الباحثان أن اكتشاف زيف الرواية الرسمية بشأن أحداث 11 سبتمبر "يصبح أمرا غاية في الأهمية".

وفي قصة "الحرب على الإرهاب" أيضا كانت صحيفة "برجكت سندكت" قد نشرت في عددها الصادر يوم / 2006/9/2 مقالا بمناسبة انقضاء خمس سنوات -آنذاك- على تفجيرات نيويورك وواشنطن و"الحرب على الإرهاب الدولي" يكشف لنا الكاتب فيه حقيقة كبيرة، قائلا: "أثبتت لنا الأعوام الماضية أن تعبير "الحرب ضد الإرهاب" ليس سوى استعارة زائفة قادت العالم إلى انتهاج السياسات الهدامة وسياسات الدفاع عن الذات، إنها استعارة مضللة تم تطبيقها حرفياً بغرض شن حرب حقيقية على عدة جبهات، منها العراق، وغزة، ولبنان، وأفغانستان، والصومال، وكانت النتيجة خسارة الآلاف من أرواح المدنيين الأبرياء، وإثارة غضب وحنق الملايين من الناس في كافة أنحاء العالم".

إذن - يقول لنا الكاتب وهو "جورج سوروس" بشكل صريح إن الإدارة الأمريكية وظفت الإعلام الأمريكي وغيرها من وسائل الإعلام المسيطر عليها من قبلها في تسويق خطابها الحربي وشعاراتها التضليلية على الرأي العام الأمريكي والدولي بغية تبرير الحروب الأمريكية والإسرائيلية العدوانية في المنطقة العربية، أي أن الإدارة الأمريكية حولت الإعلام الأمريكي إلى إعلام حربي جند تماما بالكامل إلى حد كبير للعب دور مركزي في تبرير وتمرير "أكذوبة "الحرب على الإرهاب "، في الوقت الذي عملت فيه تلك الإدارة على اعتقال الإعلام الآخر المحايد ومصادرة الحريات الإعلامية ...؟!!!

وفي هذا السياق المتعلق بالخطاب الإعلامي الأمريكي التضليلي ، كان "سكوت ريتر" المفتش الدولي السابق عن أسلحة الدمار الشامل العراقي أول من طالب الولايات المتحدة وبريطانيا مبكراً بـ" الاعتراف أنهما كذبتا عندما زعمتا أن النظام العراقي السابق كان يمتلك أسلحة دمار شامل".

ولعل تقرير معهد "كارنغي" للسلام الدولي في واشنطن كان من أهم التقارير والشهادات التي أدانت إدارة الرئيس بوش بالكذب والخداع، حيث جاء فيه: "إن إدارة الرئيس بوش لجأت إلى المخادعة والأدلة المختلقة للمبالغة في حجم الخطر العراقي"، لتأتي بعد ذلك شهادة الرئيس الأسبق "جيمي كارتر" حيث قال بوضوح: "إن الحرب على العراق قامت على الأكاذيب"، ثم تلحق بها شهادة مستشار الحكومة الأمريكية سابقاً وخبير مكافحة الإرهاب "ريتشارد كلارك" الذي أكد "أن الأمريكيين صليبيون جدد... ودخولهم العراق كان بالمنشورات والأعلام".

لنأتي في هذا السياق إلى أهم الشهادات الأمريكية حول الإرهاب في وسائل الإعلام وحول الخطاب الإعلامي الأمريكي وهي شهادات المفكر الأمريكي "نعوم تشومسكي"، الذي قال في كتابه "السيطرة على وسائل الإعلام": "إن التضليل الإعلامي صناعه أمريكية"، وأكد: "أن وسائل الإعلام الأمريكية تختلق وتزيف الأعمال، وتعمل على تزييف التاريخ بقلب الحقائق والأحداث رأساً على عقب وتحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق ".

تثبت المعطيات والوقائع حقيقة كبيرة ملموسة تتمثل في "أن الماكينة الإعلامية الغربية تسيطر عليها إلى حد كبير اللوبيات اليهودية التي تتغلغل في وسائل الإعلام الغربية، وعلى وجه خاص في الولايات المتحدة، وهناك دراسات كثيرة ظهرت أبرزها كتاب "الخداع " لبول فندلي يتحدث فيه عن سيطرة "ايباك" داخل الولايات المتحدة وعن الهيمنة على الماكينة الإعلامية الخطيرة...!

وهكذا - وبينما نتابع تداعيات هذه "الاستعارة المضللة" على الأمة العربية، نتابع في الوقت ذاته كيف تستطيع الدولة الصهيونية تجنيد الإعلام الغربي إلى حد كبير مذهل وراءها، ووراء حملاتها الموجهة ضد "الإرهاب العربي" أو "الإرهاب الإسلامي" أو " الإرهاب الفلسطيني " أو "الإرهاب اللبناني"...!

ولكننا - نرى أن الإعلام الرسمي العربي يغيب إلى حد كبير في هذا الإطار، ما يدفعنا للتساؤل حول أهم ملامح الدور الإعلامي العربي في التعاطي مع عملية الخلط المبرمجة ما بين مفاهيم ومضامين وأبعاد " الإرهاب"؟!. خاصة ونحن مقبلون على مرحلة تحمل في أحشائها جملة من التحديات الإستراتيجية المرعبة تتعلق بمستقبل الأمة وخريطة العرب...!

التعليقات