31/10/2010 - 11:02

العالم يريد أوباما../ ساطع نور الدين

العالم يريد أوباما../ ساطع نور الدين
إنه يوم الاختبار للأميركيين، ويوم الانتظار للعالم كله، الذي صوت بغالبية ساحقة فاقت الثمانين في المئة لمصلحة المرشح الديموقراطي الأسود باراك أوباما، في واحد من أهم مظاهر التعب الدولي من أميركا وجدول أعمالها الجمهوري الذي وضع البشرية اكثر من مرة خلال السنوات الثماني الماضية على حافة الخراب.

أما نسبة العشرين في المئة الباقية، التي أيدت في استطلاعات رأي عابرة للحدود بين القارات والدول والشعوب، المرشح الجمهوري جون ماكين، فكانت تعبر عن مفارقة غريبة، لأنها كانت تجمع في وقت واحد بين شرائح أقصى اليمين المتطرف المنتشر في مختلف أنحاء العالم، وبين ضحايا هذا التيار الذين لحقت بهم اشد الخسائر والأضرار جراء سياسة الرئيس الجمهوري الحالي جورج بوش... وهم في معظمهم من العرب واللبنانيين، الذين يشعرون بقلق شديد وغير مفهوم من احتمال فوز أوباما.

كانت هذه الاستطلاعات مؤثرة فعلاً، ليس فقط بصفتها واحدة من أهم النتائج الإيجابية لظاهرة العولمة، ولكن أيضا لأنها عبرت عن مزاج عالمي فعلي ضاق ذرعاً بالأميركيين الذين ردوا على هجمات ١١ أيلول الإرهابية بهجمات إرهابية موازية، على العالمين العربي والإسلامي، والذين تسببوا بواحدة من أسوأ الأزمات المالية والاقتصادية العالمية منذ مطلع القرن الماضي، والذين يحتمون بالقوة المسلحة وحدها للحفاظ على موقعهم في زعامة العالم.

التأييد لأوباما هو بهذا المعنى دعوة دولية الى الأميركيين للتواضع والكف عن التلويح بقدراتهم العسكرية الهائلة، والانكفاء الى الداخل الأميركي الحافل بالأزمات والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي كشفتها الأزمة المالية الأخيرة، وبرهنت على أن أميركا ليست قوة عظمى، ولا حتى دولة مستقرة، بل هي حسب تعبير مفكريها وكتابها الكبار أنفسهم إمبراطورية تعيش لحظة الأفول وربما الزوال، تماماً كما كان مصير إمبراطوريات عديدة عبر التاريخ لم تعمر أكثر من مئة عام.

بعض هذا التأييد لأوباما ينم عن حرص على اميركا، التي لم تكن طوال القرن الماضي شراً مطلقاً، لا سيما في أوروبا الغربية وشرقي آسيا، لكن بعضهم الآخر يعبر عن توق شديد الى انهيار تلك الدولة العظمى الوحيدة، التي ترفض الاعتراف بأنها في حالة انحدار ، وترفض ان تخلي مكانها لكتل او دول عظمى ناشئة، تشعر أنها تستحق وراثة المشروع الإمبراطوري الأميركي، الذي كان قبل سنوات خلت نموذجاً فذاً وحلماً يراود شعوب العالم قاطبة.

العالم بغالبيته الساحقة يريد أوباما رئيساً، لكن أكثر من ثلاثة أرباع الأميركيين البالغ عددهم ٣٠٥ ملايين نسمة، لم يسمعوا بهذا الرأي، ولن يكترثوا له، لأنهم لا يفقهون شيئاً عن العالم الخارجي، ولعل بعضهم لا يدرك ان هناك عالماً خارج الولايات المتحدة، كما أنهم لم يحصلوا على جوازات سفر ولم يغادروا الولاية التي يقطنون فيها، مثلهم مثل المرشحة لمنصب نائب الرئيس سارة بالين... هؤلاء جميعاً يمكن أن يفاجئوا العالم ويمكن أن يخذلوا دوله وشعوبه الراغبة في أن تتغير أميركا بالفعل، أو على الأقل أن تتواضع.
"السفير"

التعليقات