31/10/2010 - 11:02

القدس تتوحد مع غزة../ يونس العموري

القدس تتوحد مع غزة../ يونس العموري

ما بين الإدانة والإدانة شجب واستنكار، والكل يتبارى بالقول البليغ لفعل الوعيد، وكل يغني على ليلاه والليل حالك السواد هذه المرة، فالرئاسة تدين والحكومة تستنكر وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية تشجب وحركة المقاومة الإسلامية تتوعد وإسرائيل تمارس كل ما من شأنه أن يفرض حقائقها على الأرض ويستوي ومخططاتها، وتحديدا فيما يخص القدس....
وصراعهم أخذ شكلا تناحريا تصعيديا وكأنه فرض وجود أو لا وجود (في غزة الفقر والبؤس وشقاء سنيها) في محاولة لنفي الأخر وهم يعلمون أن نفي الأخر يستحيل. كمن هم الأعداء يمارسون الفعل والفعل المضاد....

وفي القدس حكاية أخرى أبطالها آخرون والفعل فيها مختلف وسيد الموقف فيها مدجج بالسلاح وبأعتى أشكال الحقد على عروبتها وبشرها وحجرها، عناوينها اليومية هدم وقتل لحضارتها، وطرد لسكانها وعشاقها، وبالجوار يسكن من يسكن من أبطال الكلام والزمجرة بكل عبارات التأكيد والتوكيد على الحق المطلق بعاصمة فلسطين....

للقدس كلام، وممارسة الكلام له أصوله وله مدركاته ومنطلقاته، ولكل كلمة أو نقطة وحتى التوقف عن الكلام المباح حرفية والتزام، تخدم من يريد أن يعبر إلى أماكن أخرى، أو يحقق رغبة بأن يسود ويصبح ظاهرة من الظواهر الصوتية ومقاول من مقاولي المهرجانات الخطابية، ومن لا يعرف فليعرف أن هناك الكثير من يعلم من أين تؤكل الكتف وكيفية الأكل...

قتل وضرب وتفجيرات بغزة واعتقال ومداهمة مؤسسات ومحاصرة منازل وإرهاب للبيت الأمان بالقدس، طرد ومحاصرة منازل بخان يونس وتشريد لعائلات ببيت حنينا، واعتقالات بنابلس عند انبثاق الفجر ومطاردات لمن يصلي عند حجارة الهدم، والمعبد قد صار خاليا من الرعاة، والكفر قد أضحى الغالب بالمشهد العام... والمدجج بالسلاح قد أصبح من يسيطر على حالة العشق اليوم بكل الأماكن، ولم نعد نفرق كثيرا بين يهوذا في شوارع القدس وذلك الملتحي بغزة هاشم ومن يمارس الاعتقال بجزء آخر من هذا الوطن... صار كل شيء مباحا ولم يعد هناك محرمات، فبعد أن صار المشهد طبيعيا والدم المسفوك واحدا والبيت المهدوم أيضا واحدا وحالة التشريد واحدة فقد أضحت الخيانة وجهة نظر وفيها الكثير من البلاغة، ومن الممكن مقاومة المقاوم ومن الممكن ملاقاة القاتل ما الفرق إذن..؟؟

لقاء واستجداء من فقراء الوطن بالعودة إلى العقل وممارسة الحوار وحل الخلافات ولا حياة لمن تنادي إذا ما ناديت حيا، الجنون صار صفة ملاصقة لممارسة الحكم الرشيد، والوعيد والتهديد صار الفعل المصاحب لسادة العصر الجديد.... وفي القدس، من في القدس يحاول أن يمارس صموده على أرض يقال أنها مقدسة وقدسية وبقداستها قد طالت كل النواحي الأخرى. وما من قداسة اليوم لشيء، فقد أسقطوا كل الرموز، وأصبحت تباع وتشترى بأسواق المزادات والمزايدات بأسواق نخاسة تجارة المواقف، بدهاليز قصور حياكة المواقف والبيانات والزمجرة بمقاومة الاحتلال، وسيد المقاومة يثبت أنه الأقدر على تثبيت الهدنة والتهدئة مع الآخر بمعادلة الصراع، ولا يمكنه أن يقبل أن يمارس فن الهدنة مع من يفترض أنه الشريك بالوطن إذا ما قبلنا بصيغة الوطن والمواطن وتعددية الفهم والقول البليغ وممارسة الفكر وحرية التعبير....

القدس كانت على موعد وهي كل يوم لها الكثير من المواعيد بأجندة من مارس التهدئة مع الأخوة في غزة هاشم، فقد جاءوا ليلا وصرخوا وأطلقوا العنان لكلاب تعرف لغة كلام الفعل وممارسة الفعل ذاته، وباشروا بفعل المقاولة الفعلية لعملية الهدم الحقيقية لبيت يأوي من يأوي من جميلات ورجال كان من الممكن أنهم بأحضان من يعشقون، ولطفل قد يكون حالما بفراشة تحط على شباك غرفته ويزهو بألوانها...

وما كان من السادة الكرام إلا أن عبروا عن بالغ أسفهم وغضبهم من هدم المنزل في قلب القدس معتبرين أن عمليات الهدم والاستيطان في القدس تدمر السلام، وقد تدمر التهدئة والهدنة التي نحرص عليها برموش العيون... وتشكل مخالفة لمؤتمر أنابوليس وخطة خارطة الطريق.... ودعوا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف هذه السياسات الاستفزازية المدانة، والتي تعيق التوصل إلى أي اتفاق تسووي سلامي وقد تعيق تمديد الهدنة والتهدئة... وكفى الله المؤمنين شر القتال....

وخيم الاعتصام قد أصبحت وأضحت طبيعية في المشهد المقدسي، فواحدة بحي الشيخ جراح وأخرى بالعيسوية وثالثة ببيت حنينا، ويجلس فيها العشرات للتعبير عن رفضهم لهذه السياسات... وقد ينتقل فعل الاعتصام إلى خان يونس ورفح وربما أيضا بنابلس ما الفرق...؟؟ فالضحايا يعرفون بعضهم ويمارسون أفعالهم بوضح النهار... لكن قد اختلف القاتل هذه المرة واختلفت لغته ولكنته برغم من مسار القتل والطرد....

في كل مرة تتوحد القدس مع محيطها بالألم والقهر وأبت هذه المرة إلا تكون شريكة لمدن غزة فكان ما كان من مشهد المداهمة والطرد بالعراء... لتستوي كل مدائن فلسطين بليلة مظلمة واحدة، والقدس على رأس كل تلك المدائن أو ليست هي العاصمة...؟؟

التعليقات