31/10/2010 - 11:02

الكل يتحمل مسؤولية المأساة../ يونس العموري

الكل يتحمل مسؤولية المأساة../ يونس العموري
هل من الممكن أن نقف مكتوفي الأيدي اتجاه ما يحدث بالظرف الراهن على الساحة الفلسطينية..؟؟ سؤال اعتقد انه برسم الشعب كل الشعب... وهل من الممكن أن نقف أيضا على الحياد اتجاه الصراع الدموي ما بين فتح وحماس والذي أخذ شكل العداء ومحاولة كل طرف تصفية الأخر واجتثاثه نهائيا..؟؟ سؤال اعتقد انه برسم النخب والقيادات التي تسمي نفسها مسؤولة عن هذا الشعب بصرف النظر عن الأطر التي تتقوقع فيها.... وما هي خارطة الطريق للخروج من هذه الأزمة..؟؟

كثيرة هي الأسئلة التي لا شك أنها باتت تقض مضاجع كل من ينتمي لهذا الشعب ولهذه الأمة على اعتبار أن ما يجري الآن على الساحة الفلسطينية، يشكل واحدة من اخطر المراحل التي مرت بها المسألة الفلسطينية برمتها، وهذا ما تؤكده جملة الوقائع والحسابات السياسية، والكل مسؤول ولا يمكن استثناء احد... السلطة بتكويناتها وأجهزتها، وحماس بفكرها ونهجها الإقصائي، واعتقادها أنها تقبض على مفاتيح الجنة... ومنظمة التحرير الهيكل الخائر والذي بات خاويا من أي محتوى فعلي وعملي... ومن تسمي نفسها المعارضة الوطنية لنهج اتفاقات أوسلو وما أعقبها... وقوى اليسار المتقوقعة على ذاتها والتي باتت تمارس فعل التنظير الإيدلوجي عن بعد في محاولة منها لحل معضلة الفكر ما بين التنظير والممارسة، بل إنها تحاول إعادة رسم قوانين كارل ماركس من جديد بعيدا عن مهاترات التدخل بالشأن السياسي الداخلي بالظرف الراهن (حسب اعتقادها)، فيما تحولت قيادات القوى اليسارية والقومية تلك إلى مديرين ورؤساء لممالك وإقطاعيات للمنظمات غير الحكومية لتعليم الشعب كيفية التعاطي والشأن البيئي وحقوق المرأة، ومن أهمها حقها ببيتها في حالة الطلاق... أم أن الشعب من يتحمل المسؤولية عما آلت إليه أوضاعه في ظل صراع حماس وفتح وفي ظل الحكم الطلباني الجديد على قطاع غزة، وفي ظل فرض الرأي بقوة السلاح الذي صار زينة اللصوص هذه الأيام وابتعد عنه الرجال الرجال.... هو السؤال الذي يكرر نفسه ألف مرة باليوم وعلى لسان الكل تقريبا... من يتحمل المسؤولية..؟؟

وللبحث عن المسؤولية لابد أن نفهم ما يجري... فهل هو صراع ايدلوجي أم انه اختلاف سياسي..؟؟ أم انه يأتي في السياق الطبيعي لخلاف الرفاق وتضارب البرامج فيما بينهم...؟؟ أم أنه صراع على السلطة وما تمثل هذه السلطة.... ؟؟ أم هي أزمة القيادات الفلسطينية المؤثرة بالشارع الوطني..؟؟ ولعلها أزمة الشعب الذي لم يعد يمتلك زمام المبادرة وحتى التأثير على قادته..؟؟ أم أن من يتحمل جزء من هذه المسؤولية قادة الرأي ومثقفو الجدل البيزنطي الذي ثار ولازال يثور في الصالونات النخبوية دون أن نلمس جرأة بالموقف الحاسم والقاطع.. حيث نرى وكما هي العادة من يقف على الحياد وفي أحسن الأحوال يدعو إلى الحوار الوطني، ونراهم يجاهرون بمواقف بعيدة عن الواقع وهم يعلمون أنهم بتلك المواقف الرخوة وغير العملية إنما يسهمون في تأطير الصراع ومنحه الشرعية بشكل أو بأخر....وربما يطل علينا احدهم ليباغتنا بصيغة توافقية تستند إلى قانون لا غالب ولا مغلوب بين طرفي الصراع الفلسطيني، وهو يعلم أن ثمة مغلوب بهذا الصراع ويتمثل بجماهير الشعب ومن أمنت بمقاومة الاحتلال حتى تحقيق أهدافها الإستراتيجية بالدولة الفلسطينية السيدة الحرة والمستقلة والقادرة على استيعاب كل أطياف اللون السياسي والفكري العقائدي دون أن تنتصب أعواد المشانق وانعقاد محاكم التفتيش لمن يختلف وقادة الفهم السلطوي....

لا يمكن استثناء سبب من الأسباب ولا يمكن استثناء أي تيار أو قوة أو فصيل أو حزب رفع راية العمل الوطني السياسي على الساحة الفلسطينية. ومن لا يعلم فليعلم أن للاحتلال أجندته التخريبية الواضحة والمعلومة والمعروفة، فهل يتم تنفيذ هذه الأجندة بشكل مباشر أو غير مباشر؟ وبالتالي فإن الاحتلال لا يتحمل الكثير من المسؤولية إلا إذا ما اعتبرنا أن على هذه الاحتلال أن يرعى المصالحة الفلسطينية الفلسطينية... ولا يمكن أن نقول إن لإسرائيل مصلحة بما يجري على اعتبار أن ما يجري ليست مصلحة إسرائيلية فحسب فهي مصلحة إسرائيلية إقليمية وإلا ما معنى عدم تدخل أطراف إقليمية مؤثرة (وهي قادرة) بهدف فرض الحلول على طرفي الصراع (فتح وحماس)..؟؟

اعتقد أن ثمة سجال متواصل حول جدوى هذا الصراع وتحديد مسؤولياتها وابعد من ذلك ربما ضرورته على المستوى المحلي والإقليمي وحتى الدولي في ظل استمراره وتصاعده ليأخذ هذا الشكل العبثي والفوضوي واللامنطقي وحتى اللإنساني... فالمشهد يبدو أقسى مما نتصور... ونتائجه كارثية على مختلف الصعد والمستويات، ولعل الكارثة الكبرى الذي يخلفها هذا الصراع ستنعكس بالقريب العاجل على الجمهور الفلسطيني برمته الذي فقد وسيفقد الأمل (على الأقل لزمن غير قصير) بجدوى الفعل المقاوم النضالي الكفاحي على اعتبار أن من يرفع لواء المقاومة اليوم يفعل ما يفعل باسم المقاومة والممانعة مما يعني أن هذا الجمهور يلزمه الكثير من الوقت حتى يعاود ترتيب أوراقه الإيمانية من جديد وربما يعيد حساباته حول خيار الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة في ظل التقاتل والتصارع على مجرد سلطة مسلوبة السيادة والقرار....

إذا كان لابد من البحث عمن يُسأل أو يتحمل مسؤولية ما يجري فلابد من القول إن الكل يتحمل هذه المسؤولية.. الشعب كل الشعب بقواه وتفصيلاته... والقادة كل القادة ومن يتربعون على عرش إقطاعياتهم... ومؤسسات المجتمع المدني والآباء والأمهات والأبناء والبنات... والعرايا أمام عدسات التلفزة... ومن يمتشقون سلاح القنص والقتل... ومن يعتقدون أنهم وكلاء الله على الأرض... ومن يمارسون الرذيلة بوضح النهار على اعتبار أنهم من سادة القوم... وربما يتحمل مسؤولية ما يجري الفكر ذاته الذي أصبح كل جاهل يدعى انه يحميه ويمثل أطروحاته... ولعل الحالم بالغد الأفضل يتحمل المسؤولية كونه يمارس الإحتلام بالليل فقط... والهارب من حلمه يتحمل المسؤولية... ومن لا يحاول أن يصرخ بوجه أولي الأمر فينا يتحمل أعظم المسؤوليات...العروبة والأعراب والعجم والأصدقاء والأعداء يتحملون مسؤولية هذه العبثية...

ونتيجة هذه المسؤولية لابد من إعادة الحسابات.. وباعتقادي إن الخيارات المطروحة أمام الكل أصبحت محدودة ولا تحتمل الحذلقات وممارسة طرف التنظير أو الجلوس على طاولة الحوارات للبحث عن مبادرات تأخذ بعين الاعتبار مصالح هذا الطرف أو ذاك من مغانم ما يسمى بالسلطة... الأمر الذي يعني أن الحوار وبالتالي انجاز الاتفاق سيكون مجرد محاولة ترميم لواقع نعترف جميعا أنه واقع مؤلم ومأساوي ولذلك فلابد من إعادة رسم خارطة القوى من جديدة بل إعادة بناء القوى الذاتية لجماهير الشعب وإعادة الفعل الإصطفافي من جديد على أسس مختلفة وتغير معالم القوى المسيطرة على صناعة القرار الفلسطيني سواء أكان الموالي منها أو المعارض وسواء أكان الموالي لسلطة حماس هناك أو لسلطة التحالفات في المعارضات ببعض العواصم الإقليمية أو لتلك الموالية لسلطة رام الله.

التعليقات