31/10/2010 - 11:02

المصلحة العليا الاستمرار في المفاوضات!!../ مصطفى إبراهيم*

المصلحة العليا الاستمرار في المفاوضات!!../ مصطفى إبراهيم*

الإصرار الغريب الذي يبديه الرئيس محمود عباس على الاستمرار في المفاوضات أصبح غير مستغرب لدى غالبية الفلسطينيين، حتى بعد خيبات الأمل المتكررة التي تلقاها من الرئيس المهزوم جورج بوش، وشريكه الذي أجبر على الاستقالة إيهود أولمرت، وأصبحت "المصلحة الفلسطينية العليا" هي الاستمرار في المفاوضات بأي ثمن وإلى مالا نهاية!!.

فبعد الوعد بالحل نهاية العام، منح بوش الرئيس عباس تعهدًا على أن يواصل العمل معه خلال الأربعة أشهر المتبقية من ولايته لتحقيق الوعد الذي لن يتحقق، وإذا لم تقم الدولة نهاية العام الجاري فستقام في العام المقبل.

قبل لقاء الرئيس عباس بالرئيس يوش، و في رده على سؤال خلال المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "الحياة" اللندنية ماذا ستطرح على الرئيس بوش عندما تلتقيه، رد الرئيس عباس، بالقول: "سنسترجع ونستذكر من أنابوليس وحتى الآن ما الذي فعلناه، والخلاصة التي وصلنا إليها في آخر اجتماعين مع أولمرت، بدا الحديث عن قضايا لا أريد أن أقول محددة، إنما قضايا واضحة إلى حد ما، هذه القضايا تتعلق بالحدود واللاجئين والأمن، وهي عبارة عن أفكار موجودة، ونحن أيضاَ لدينا أفكار، وهذا ما سنستمر في الحديث عنه".

وأضاف "نحن يهمنا سواء وصلنا إلى اتفاق أو لا أن نستمر في المفاوضات، سواء مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة أو مع الإدارة الأمريكية المقبلة، وسنستمر رغم التوتر الفلسطيني الداخلي، وما سنطلبه هو أن لا تلقي الإدارة الأمريكية غدا اللوم على أي طرف، وأن يعدونا بأن لا ننتظر سبع سنوات جديدة حتى نتحاور معهم، سنظل نسير في الاتجاه نفسه مع حكومة أولمرت، على رغم أنه استقال حتى يخرج من الحكومة، وسنتعامل مع بوش في ما يخص الوضع الفلسطيني".

الرئيس عباس استرجع واستذكر مع الرئيس بوش أنابوليس، فماذا خرج من هذا الاسترجاع والاستذكار؟ فقط الاستمرار في المفاوضات ولقاءات عباس أولمرت، وليفني قريع، واستمرار إسرائيل باحتلال الأراضي الفلسطينية وفرض وقائع جديدة على الأرض من زيادة الاستيطان، وقتل الفلسطينيين، إلى استمرار حصار الضفة المحتلة وتقسيمها بكنتونات من خلال مئات الحواجز المنتشرة في جميع مدنها، والاستمرار في حصار قطاع غزة.

وكذلك استمرار الجانب الفلسطيني بتنفيذ التزاماته بخارطة الطريق والتنسيق والتعاون الأمني، وهذا من أهم الانجازات التي تحدث عنها الرئيس عباس، ويفاخر بكل اعتزاز أنه في ظل أصعب الظروف والأحوال استطاع فرض الأمن وسلطة القانون والنظام العام، ولم ينس أن يتقدم بالشكر إلى توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية الدولية، على "إنجازاته الرائعة" التي قدمها للشعب الفلسطيني، تزامناً مع التساؤل حول مستقبل الرباعية في الشرق الأوسط بناء على التقرير الصادر عن مجموعة من المؤسسات الإنسانية الدولية العاملة في فلسطين.

عن ماذا يتحدث الرئيس، عن إنجازات توني بلير أم عن فشله ورباعيته الدولية بتحقيق أهدافها في فلسطين.
الرئيس في خطابه أمام الجمعية العمومية في نيويورك يقدم الشكر لمبعوث الرباعية، والتعبير عن التقدير للدور الذي قامت به الإدارة الأمريكية والرئيس بوش، ووزيرة خارجيته رايس في دفع المفاوضات والعملية السلمية والسعي لإزالة المعوقات التي تعترض طريقها.

دفع المفاوضات كان واضحاً من خلال زيادة عدد اللقاءات التي عقدت بين الرئيس عباس وأولمرت، وكذلك الانتقال من تحقيق الوعد بإقامة الدولة نهاية العام إلى تعهد بوش بمواصلة العمل خلال الأربعة أشهر المقبلة.

وتعبيرا عن تقدير الرئيس عباس للإدارة الأمريكية و وزيرة الخارجية رايس، ماذا كان المقابل بدلا من الضغط على الحكومة الإسرائيلية بوقف بناء المستوطنات في الضفة المحتلة ومدينة القدس، كان موقف رايس معارضاً بشدة طلب المجموعة العربية في الأمم المتحدة إدراج موضوع الاستيطان على جدول أعمال مجلس الأمن خلال الفترة السابقة، وقالت انه لا جدوى من مناقشة أي قضايا مثل الاستيطان في مجلس الأمن وطالبت برفعها إلى اللجنة الرباعية الدولية، وبعد موافقتها على عقد اجتماع لمجلس الأمن للبحث في موضوع الاستيطان كان شرطها عدم صدور حتى بيان وليس قراراً عن الاجتماع.

هذه هي الإدارة التي يقدرها الرئيس عباس ويسترجع ويستذكر مع رئيسها منذ أنابوليس وحتى الآن، ما ذا تحقق، وها هي الإدارة التي قال بوش إنه تعهد بمواصلة العمل مع الرئيس عباس لتحقيق الدولة قبل نهاية ولايته، فهل ما يزال الرئيس عباس مقتنعاً بالوعد الذي قطعه بوش على نفسه بمواصلة العمل وهل ما زال يثق بذلك؟

بالتأكيد الرئيس عباس ما يزال يثق بالوعد الذي لم يتحقق بإقامة الدولة وكذلك بالتعهد بمواصلة العمل، وسيظل يفتخر أنه أعاد بناء الأجهزة الأمنية بتمويل وتدريب أمريكي وأوروبي، وأن الأجهزة الأمنية فرضت القانون والنظام، كل ذلك ليس من اجل عيون الفلسطينيين بل للمساهمة في حماية امن دولة إسرائيل، واستنساخ تجربة أوسلو.

خطورة اتجاه الرئيس عباس المؤمن أن المصلحة العليا للفلسطينيين هي الاستمرار في المفاوضات بأي ثمن وبأي شكل، والمهم أن لا يقال عنه انه من أفشل الجهود الأمريكية في دفع العملية السلمية من أجل التوصل إلى التسوية. فالرئيس عباس غير مؤمن بعودة جميع اللاجئين، وهو موافق على عودة عدد قليل منهم، وغير مقتنع أن الإدارة الأمريكية ليست منحازة، وهو الذي كان وما يزال مؤمناً أن المجتمع الدولي يعمل معه للوصول إلى حل للقضية الفلسطينية حتى نهاية العام الجاري بناء على رؤية ووعد بوش، التي تغيرت الآن إلى تعهد فقط لمواصلة العمل.

التعليقات