31/10/2010 - 11:02

المكاييل الاوروبية في قضيتي القدس والانتخابات الفلسطينية (2) /نواف الزرو

المكاييل الاوروبية في قضيتي القدس والانتخابات الفلسطينية (2) /نواف الزرو
صفعنا الاتحاد الاوروبي في الايام الاخيرة باعلانين/موقفين سافرين غير اخلاقيين ازاء قضيتي القدس والانتخابات التشريعية الفلسطينية، يعكسان بمنتهى البشاعة المكاييل الاوروبية الجلفة الظالمة اتجاه بين الفلسطينيين و"اسرائيل".

ففي قضية المدينة المقدسة وبعد ان اعلنت مختلف وسائل الاعلام الدولية عن تقرير اعده واعتزم الاتحاد الاوروربي نشره والذي جاء بكامله ضد السياسات والانتهاكات الاسرائيلية الاستيطانية التهويدية في القدس، عاد الاتحاد وتراجع عن نشر تقريره بذريعة " الظروف المتغيرة في اسرائيل والاراضي الفلسطينية " .

لا يمكننا ان نفهم هذا التراجع الاوروبي عن نشر تقرير الاتحاد بشان الانتهاكات الاسرائيلية في المدينة المقدسة الا في سياق المشهد الامريكي والاممي الراهن الذي يخضع خضوعا مخجلا للضغوطات الامريكية –الاسرائيلية الابتزازية السافرة سواء على مستوى الامم المتحدة او على مستوى الاتحاد الاوروبي او حتى على مستوى العالمين العربي والاسلامي.

تصوروا ....
الاتحاد الاوروبي بعظمته يتراجع عن تقرير اعده وزراؤه حول الجرائم الاسرائيلية ضد المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ...
فلماذا اذن هذا التراجع الاوروبي عن موقف اجماعي اوروبي كان من المفترض لو اعلن عنه ونشر التقرير بشانه ان يكون موقفا سياسيا متوازنا ...؟
...وان يكون موقفا اخلاقيا مثاليا ...
... وان يكون بالتالي موقفا اوروبيا صريحا جريئا محايدا ..!!
...وان يشكل بالتالي قاعدة متجددة للثقة والعلاقات المتوازنة مع الفلطينيين والعرب ...!
اذن ....؟
بدلا من موقف اوروبي كبير ومحتلادرم وعادل تلقينا عمليا تراجعا اوروبيا معيبا مخجلا منافقا و"مشورنا "...
اليس كذلك ...؟

فالنفاق والرضوخ الاوروبي للضغوطات الامريكية – الاسرائيلية ربما تكون المفردات المناسبة التي تعبر عن صميم هذا التراجع/الموقف الاوروبي..

فالتقرير المشار اليه لا يفعل عمليا سوى "انتقاد السياسات الاسرائيلية الساعية الى ضم القدس الشرقية وينتقد سياسة الاستيطان والجدار العنصري ويعتبر ان ما تفعله اسرائيل في القدس الشرقية يعرقل التوصل الى تسوية نهائية يمكن ان يقبل بها الفلسطينيون "...

فالتقرير بالتالي لا يقدم لنا سوى معطيات الواقع القائم على ارض القدس والتي يتابعها ويعرفها العالم كله ...
والذي ينقص هنا هو الحاجة الملحة الى موقف اوروبي او اممي او حتى عربي جريء ينتقد الجرائم الاسرائيلية ويطالب بوقفها ...!

فالجرائم والانتهاكات الاسرائيلية الاحتلالية لكل المقدسات والحقوق والمواثيق الاممية / الانسانية /في القدس واسعة متصلة لا حصر لها ...

اما على صعيد الانتخابات التشريعية الفلسطينية فنحن نشهد مع الاسف تدخلا اوروبيا سافرا منحازا جاء على لسان خفيير سولانا مسؤول السياسة الخارجية والامنية في الاتحاد الاوروبي الذي اعلن ومن قلب غزة : "ان الاتحاد الاوروبي يمكن ان يوقف مساعدته المالية للسلطة الفلسطينية اذا فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية المقبلة واذا لم تتخل عن العنف " .

وعمم سولانا الحظر الاوروبي اكثر مضيفا "اذا ضمت الحكومة الفلسطينية المقبلة اي حركة لا ترفض العنف ولا تقبل بحق اسرائيل في الوجود فلا يمكن ان تستمر في الحصول على التمويل الاوروبي ..."

هكذا اذن الامور بمنتهى الوضوح ...!
بدلا من ان يتخذ الاتحاد الاوروبي موقفا اوروبيا مبدئيا امميا اخلاقيا نقيا حياديا على اقل تقدير فانه يتخذ موقفا امريكيا – اسرائيليا في الصميم وان بطبعة اوروبية ....!

فالثنائي "الولايات المتحدة –اسرائيل " هو الذي يتدخل ويشترط ويهدد ويبتز ويحمل العصا الغليظة على مدار الساعة في وجه الفلسطينيين والعرب ، بينما تميز الاتحاد الاوروبي في مراحل سابقة مثلا ببيان البندقية الذي التزم به سنوات طويلة ...؟

- فلماذا اذن هذا التحول الاوروبي المنحاز لصالح "اسرائيل " ...؟
- ولماذا يتجاوز الاتحاد القرارات الاممية والاوروبية نفسها المتعلقة بفلسطين والصراع ...؟
- ولماذا هذا التدخل السافر في عملية الانتخابات التشريعية الفلسطينية ...؟
- ولماذا مثل هذه الضغوطات والتهديدات الابتزازية للسلطة والفصائل والشعب الفلسطيني...؟
- وكيف يمكن ان تكون الانتخابات الفلسطينية ديموقراطية حرة شفافة ونزيهة بعد ذلك ...؟

الواضح مع بالغ الاسف اننا اولا امام تحول اوروبي "مؤمرك – مشورن " ...
... واننا ثانيا امام انحياز ومكاييل اوروبية ظالمة تأتي لصالح "اسرائيل "...
...واننا من ناحية ثالثة امام تدخلات خطيرة في نسيج المجتمع السياسي والديمقراطي الفلسطيني ...
...واننا بالتالي من ناحية رابعة فلسطينيا وعربيا امام تحديات وضغوطات وتهديدات ابتزازية ثلاثية امريكية – اسرائيلية –اوروربية اصبحت في الصميم والجوهر صهيونية المضامين والاهداف والتداعيات ...

يحتاج الفلسطينيون والعرب امام كل ذلك الى لملمة امورهم واوراقهم واولوياتهم الاعلامية والسياسية ...وباتت هذه مهمة عاجلة ملحة في ضوء ان ذلك البلدوزر الصهيوني الجارف الذي لا يتوقف ابدا لا عند الخطوط الحمراء ولا الصفراء ...

التعليقات