31/10/2010 - 11:02

الوحدة في الميدان هي الرّد../ رشاد أبو شاور

الوحدة في الميدان هي الرّد../ رشاد أبو شاور
هل يحتاج هؤلاء المجرمون لمبررات لتحويل حياة أهلنا في قطاع غزّة إلى جحيم؟!
منذ ستيّن عاما، عندما أعلنت دولة الصهاينة، وهي تحرق شعبنا، دون قلق من عقاب، أو ملاحقة، فالشرعيّة ( الدوليّة) ديست كّل قراراتها ببساطير محاربي الكيان العنصري.
الإمبراطوريّة الأمريكيّة، بعد أفول بريطانيا وفرنسا، تبنّت الكيان الصهيوني، وجاهرت بتحالفها الاستراتيجي معه، الذي تجلّى دائما تآمرا على الفلسطينيين، وقضايا العرب التحرريّة.

أين هي مبررات ذبح أهالي دير ياسين، والطنطورة، والدوايمة، وخان يونس؟!
أين هي مبررات ذبح أهالي صبرا وشاتيلا، وهم نيام عزّل، مشمولين بالحماية الدوليّة، بعد خروج قوّات الثورة الفلسطينيّة من لبنان عام 82؟!
أين هي مبررات تمزيق أجساد المصلين في الحرم الإبراهيمي برصاص الصهيوني المنحّط العقل والعقيدة (الدكتور) غولدشتاين؟!
أين هي مبررات قتل وجرح العشرات في الحرم القدسي الشريف، الذي يقدّسه أكثر من مليار إنسان في هذا العالم؟!

أين هي مبررات قصف مدرسة بحر البقر، وعجن لحم التلاميذ المصريين بدفاترهم وكتبهم وأقلامهم ؟!
أين هي مبررات دفن بناية ( الصنايع) في بيروت عام 82، بصاروخ فراغي، على كّل من فيها من بقايا فلسطينيي مخيّم (ضبيّة)، الذين نجوا بأنفسهم من مذابح ( الكتائب)، ولم يرحمهم أنهم مسيحيّون.. فهم فلسطينيّون مهما كان دينهم!
أين هي مبررات دفن العشرات في قانا تحت الصورايخ الأمريكيّة الموجهة، رغم لجوء هؤلاء الجنوبيين طلبا لحماية القوّات الدوليّة ؟!

أين هي الصواريخ، أو المواسير المتواضعة، التي تنطلق من المدينة العريقة نابلس، حتى يدمّر قلبها، ومعالمها، وتستباح حاراتها، وتتعرّض يوميّا للاقتحام، واغتيال أبنائها، وتنفيذ أحكام الإعدام بشبابها؟!
إنه العقل العنصري الصهيوني الذي يهدف إلى إلغاء الفلسطيني من الوجود: الفلسطيني الجيّد هو الفلسطيني الميّت!

هويّة وانتماء الفلسطيني تبيح لهؤلاء الصهاينة المجرمين، قتله،واغتياله، وحرقه أو ( شويه)، طفلاً كان، أو امرأةً، أو شيخا طاعنا، أو فتى يحمل بندقية لا يمكن أن تواجه ( الميركافا)، والآباتشي، والصواريخ الموجهة من شاهق السماء، مهما كان قلب الفتى الفلسطيني جسورا؟!
أين هي مبررات قتل الشاعر كمال ناصر، وإطلاق الرصاص على فمه، بعد صلبه على بلاط شقّته ؟!
أليس باراك نفسه الذي تخفّى بملابس امرأة هو الذي أشرف على قتل وصلب كمال ناصر، واغتال أم يوسف النجّار، بعد اغتيال زوجها، و..اغتيال كمال عدوان على مرأى ومسمع زوجته وأطفاله؟!
نذكّر بأنه اشرف على اغتيال (أبوجهاد الوزير) في تونس!

أين هي صواريخ القسّام التي أطلقت من ( المقاطعة)، من حيث حوصر ( عرفات) حامل نوبل للسلام، والذي كوفئ على كّل التنازلات لعيون السلام في ( المنطقة)، بالسّم، ومات بجريمة مفضوحة، فاعلها ومقترفها معروف: شريك السلام الصهيوني؟!
أين هي صواريخ مخيّم جنين، ومخيّم بلاطة، ومخيّم الدهيشة، حتى تتعرّض للتدمير ومنذ سنوات ما قبل صواريخ القسّام؟
أين هي صواريخ حمّام الشّط بتونس، الذي مزّقت صواريخ الطائرات الصهيونيّة الأمريكيّة على رماله، أجساد التوانسة والفلسطينيين؟!
أين هي الصواريخ التي أطلقتها أسرة هدى غالية من شاطئ بحر غزة ؟
أين هي الصواريخ التي أطلقها والد محمّد الدرّة ؟
أين ، أين ، أين ...؟!

هذا العدو لا يحتاج لذرائع لعدوانيته، فهو منذ لحظة اشتباكه مع الفلسطينيين، والشروع في نهب أول قطعة أرض من أرضهم قبل مائة عام، بدأ مسيرة النهب والإبادة، والتشريد، والحرق، والذبح...

اقسم لكم أن العصابات الصهيونية هاجمت أهلنا في قريتنا ( ذكرين)، وهم نيام على البيادر عام 48، وذبحت عائلة بكاملها ذبحا، وروّى دم أفراد تلك العائلة سنابل القمح التي كانوا ينامون عليها، أمّا (جريمة) أهلنا فهي رفضهم الرحيل وتشبّثهم بقريتهم، وبيادرهم. تلك مذبحة ( صغيرة) غير مذكورة في كتاب المذابح والجرائم الصهيونيّة!.

من يبحثون للعدو عن ذرائع لعدوانه، يقفزون عن جوهر الصراع، وطبيعة العدو.
إننا نرفض أن نولول، وأن نشتكي، وان نستنجد بأحد، فهذا الموت المحيط بنا خبرناه، كما آباؤنا خبروه من قبلنا، وما عاد يليق بأحد منّا أن يصرخ طالبا النجدة إلاّ من شعبه.

أمام جلال دم أهلنا، وأشلاء شهدائنا، وهذه البيوت التي تدمرها صواريخ أمريكا والصهيونيّة، وتدفن تحتها عائلات فلسطينيّة بكاملها، أقول بالفّم الملآن: هؤلاء الشهداء، لا يجب أن يتبدد دمهم هدرا. ثمن هذا الدم، وهذه التضحيات، لا بدّ أن يكون غاليا جدّا، مثمرا جدا، نصرا صريحا لائقا بهذه التضحيات.

يجب أن لا يغيب عن بال أحد منّا أن عدونا وهو يقتل أطفالنا في غزّة ، يقتل أطفالنا في الخليل، وفي نابلس، كما قتلهم من قبل في جنين، وصبرا وشاتيلا. هذا لأننا بحسب عقيدة هذا العدو، جميعا فلسطينيّون، نصلح فقط للموت والإبادة والحرق!

حتى نحول دون استفراد عدونا بغزّة، ونكون جميعا في المعركة، ونلطم باراك وأولمرت وكّل القتلة على أنيابهم، لابدّ من تجاوز حالة الانقسام، بتوحيد سلاحنا في الميدان، والميدان الآن عنوانه الأبرز وأرضه: قطاع غزّة.

هذا يتحقق بالإقلاع عن وهم الصراع على السلطة، وأن وزارتين تتنازعان على الشرعيّة!.. شرعيّة ماذا؟ وحكومة على أية أرض؟!
هدنة ماذا؟ هدنة مع هذا العدو؟! ؟ وكيف ستكون مقاومة، ومن أين؟!
هل هناك حالة عمى تعتم على العقول فلا ترى أنه لم تبق أرض لسلطة، لدولة، حتى لـ(محافظة) متواضعة؟!
الاستيطان، والجدار، ومشاريع البناء، والمصادرة، والقدس الكبرى التي بلعت أراضي الضفّة _ أذكّر بأن أولمرت شخصيّا اشرف على عملية النهب حينما كان رئيسا لبلدية( أورشليم)_ لم تبق لنا أرضا نقيم عليها دولةً في حدود ال67!.

الصهاينة وهم يستولون على الأرض، همّهم الآن ذبح بعضنا، ترنسفير لبعضنا، اقتلاع بعضنا، في سياق خطّة التخلّص منّا جميعا، أفرادا وجماعات...
أرى أن حالة الجحيم والحرق التي يضعنا فيها باراك، وعصابة الصهاينة يمكن أن تنقلب عليهم، إذا ما تجاوزنا الانقسام، وخرجنا من أوهام (أوسلو)، وأنابوليس، وأكذوبة بوش بدولة فلسطينيّة في هذا العام 2008 ...

أتكلّم عن وحدة وطنيّة على الأرض بين المقاومين، ومن يمكن أن يجددوا الانتفاضة، لتعيد للشعب الفلسطيني عافيته الوطنيّة، وروح المبادرة ووضوح الهدف والطريق، وإنهاء حالة الالتباس والكذب على النفس...

لا بدّ من إنهاء حالة الانقسام والصراع بين ( غزّة) و(رام الله) ، بإرادة الوطنيين المخلصين الذين لا مصلحة لهم مع الاحتلال، فصواريخ العدو التدميريّة، ومحرقته لأهلنا، ولقضيتنا، تمّر من الشرخ الفلسطيني.
التحام المقاتلين المقاومين المنتفضين على الأرض سيعيد التفاف الجماهير العربيّة، وسيفضح الرسميات العربيّة المرتاحة وهي تتفرّج شامتة، تستعجل دفن قضيتنا تحت دمار صواريخ الصهاينة وأمريكا...

شعبنا، الآن لا يريد تصريحات وخطابات على الفضائيات، والتغنّي بالدّم والبطولة، ولكنه يضع كّل القيادات الفلسطينيّة أمام الامتحان، وهو يعرف من يكذب، ومن يلعب بالكلام، ومن يشير بصدق وجّد إلى المخرج مّما نحن فيه، بخطوات عمليّة، تمكّن شعبنا من الانتصار بالدّم على الصواريخ وجنازير الدبابات والآباتشي.

تكريم الدّم والتضحيات والشهداء، يكون بتحقيق الوحدة في الميدان، وليس بمواصلة الصراع على سلطة الأوهام، برفع الشعار الهدف من جديد، بعد ما انتهت أكذوبة دولتين متجاورتين، وسلام شرق أوسطي: فلسطين حرّة ديمقراطيّة عربيّة...
هكذا يعود الصراع صراع وجود، هكذا تعود القضيّة لشعبها، وأمتها، وتستعاد من أيدي العابثين بها...

التعليقات