31/10/2010 - 11:02

الوساطة المصرية واحتمالات الفشل والنجاح / جادالله صفا

-

الوساطة المصرية واحتمالات الفشل والنجاح / جادالله صفا
التقى الوزيرعمر سليمان وزير المخابرات المصرية مع قيادات الفصائل الفلسطينية، كل على حده، للبحث عن مخرج لحالة الانقسام التي تمر بها الساحة الفلسطينية، حيث استمع الوزير الى ثلاثة عشر موقفا فلسطينيا قبل ان يستمع الى موقفي حماس وفتح، ما شاءالله، والكل حريص للخروج من حالة الانقسام، فهناك من يحمل فتح او جزء منها المسؤولية واخر يحمل حماس او جزء منها عن حالة الانقسام، والاكثر الما هي الاتهامات المتواصلة بين طرفي الانقسام فتح وحماس، وتحميل كل طرف المسؤولية للاخر عن الوضع السيء الذي تمر به الساحة الفلسطينية، وشعبنا ينظر الى هذه الحوارات وهو يتمنى نجاح الحوار لتجاوز هذه الحالة واعادة اللحمة الفلسطينية ليكون النضال الفلسطيني موجه الى ازالة كل اشكال الاحتلال الصهيوني وازالة هذا السرطان عن الارض الفلسطينية.

تصب جهود الجامعة العربية والوساطة المصرية لانهاء حالة الانقسام التي تمر بها الساحة الفلسطينية، والاتفاق على اجراء انتخابات متزامنة لرئاسة السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي، والعديد من الاطراف الفلسطينية من خلال تصاريحهم رحبت بالمبادرة المصرية واكدت على اهمية الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني، ورغم التصريحات الايجابية التي صدرت عن العديد من الاطراف الفلسطينية الا ان هذه التصريحات ما زالت تحمل بين طياتها الكثير من القلق والمخاوف لفشل هذه الوساطة، فطرفي الصراع – فتح وحماس – يطلقون تصريحات تطرح رؤيتهم بكيفية معالجة تجاوز هذه الازمة، فالامور لا تسير بهذه السهولة التي يعتقدها البعض، لان هناك كثير من القضايا التي يجب معالجتها فبل التوصل الى اتفاق، وذلك للتخلص من الاسباب التي اوصلت الساحة الفلسطينية الى ما وصلت اليه الان، فاحداث غزة التي حصلت العام الماضي لم تكن السبب الوحيد وانما كان السبب الاخير، فحوارات القاهرة او اللقاءات المرتقبة بين حماس وفتح والفصائل الفلسطينية تبحث عن حل لتجاوز الازمات المستعصية بالساحة الفلسطينية ولايقاف حالة التدهور، فخطوات حسن النوايا يجب ان تسبق حوارات القاهرة ولن تاتي بعد الحوار، فحتى اللحظة الخطوات التي تم اتخاذها من قبل قطبي الصراع غير كافية لتبرير حسن النوايا.

فنجاح الوساطة المصرية وجامعة الدول العربية مرهونه بنضوج الوضع الذاتي الفلسطيني والتخلص من كافة السلبيات التي ادت الى ما الت اليه الاوضاع الداخلية الفلسطينية، ولكن ما يلفت للنظر ويدعونا للتوقف امامه هي التصريحات التي تخرج من هنا وهناك حول حكومة التوافق الوطني، ولكن كل ما يهم فتح هو اجراء انتخابات متزامنة تضمن استمرار رئاسة ابو مازن او تمديد ولايته، وبالتاكيد حركة حماس تدرك الاهداف والنوايا هذه، واعتقد ان الازمة بالساحة الفلسطينية ليست الاتفاق والتوافق على معالجة ازمة الرئاسة من خلال تمديدها او اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، فالازمة اكبر من ذلك بكثير، فحركة فتح تريد تصدير ازمتها وتحميل مسؤولية الانهيار والوضع الذي تمر به الساحة الفلسطينية وتحميل المسؤولية بها الى حركة حماس، معتبرة ان احداث غزة خلال شهر حزيران من العام الماضي هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير، ولكن الحقيقة والواقع غير ذلك، فالمؤسسات الفلسطينية التي تعيش حالة سيئة ومتردية مهمشة وملغية سواء مؤسسات المنظمة او السلطة الفلسطينية هي بالاساس نابعة نتيجة سياسة متبعه من قبل القيادة المهيمنة والمتنفذة ومن داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح.

على اي اساس ستخوض فتح معركتها الانتخابية لرئاسة السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي؟ على اساس محاربة الفساد واصلاح اجهزة السلطة الفاسدة؟ على اساس التخلص من المحسوبيات والعشائرية والعائلية؟ على اساس مقاومة الاحتلال والتهويد ومصادرة الاراضي؟ على اساس سحب سلاح المقاومة؟على اساس اقامة دولة فلسطينية وسيادة كاملة على الارض الفلسطينية يضمن حق العودة؟ على اساس استقلالية القضاء؟ على اساس فصل السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية؟ ام على اساس استبعاد حماس من مركز القرار واعادة هيمنتها على كافة مؤسسات السلطة والمنظمة والتفرد والتحكم بالقرار الفلسطيني بما ويتلائم سياسة التنازلات التي تمارسها؟ فهل فتح حقيقة حريصة على اعادة اللحمة والوحدة الفلسطينية؟ فاذا كان كذلك لماذا لم تتمكن حتى اللحظة من تجاوز خلافاتها الداخلية وتوحيد مواقفها وتصريحات قياداتها اتجاه العديد من المسائل التي تهم الشارع الفلسطيني؟ لا اعتقد ان حركة فتح قادرة على المساهمة باخراج الساحة الفلسطينية من الوضع الذي تمر به قبل ان تخرج نفسها من المستنقع الذي وقعت به والمتمثل بازمتها الداخلية وخلافاتها التي تعجز حتى اللحظة عن تجاوزها، لان تجاوز هذه الحالة مرهون بخطوات على الحركة القيام بها، وعلى راسها محاربة الفساد بداخلها ومحاسبة الفاسدين وانزال اشد العقوبات بهم، وغيرها من الاجراءات والخطوات التي يجب اتباعها والقيام بها لتعيد ثقة الشارع الفلسطيني بها، فهناك العديد من قيادات حركة فتح وبحكم مواقعهم الطبقية والاقتصادية اصبح لها ارتباطاتها ومستفيدة من الاحتلال، وتسعى من اجل التوصل الى حلول يضمن لها الدفاع والحفاظ على مصالحها الذاتية والانانية على حساب المصلحة الوطنية العليا.

تدعي حركة فتح ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وان الرئيس الفلسطيني يستمد شرعيته منها، فهنا اسال اين هي منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها؟ ولماذا لم ينفذ اتفاق القاهرة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني واعادة الحياة الى هذه المؤسسة؟ ومن المسؤول عن تعطيل اتفاق القاهرة؟ ومن المسؤول عن تعطيل المؤسسات والاتحادات الشعبية وشل حركتها بالكامل؟ بالواقع كانت تعتقد حركة فتح ان تفعيل المنظمة وعقد المجلس الوطني مرهون بفوزها بالاغلبية الساحقة بالمجلس التشريعي، وكانت خسارتها بالانتخابات التشريعية قد عمقت ازمتها الداخلية، واحداث غزة زادت الطين بلة، وزاد من ازمتها وجعلتها غير قادرة على فعل اي شيء اطلاقا، فهي خسرت سلطة على غزة وسلطة على الضفة، وتم استبعادها من مراكز القرار، وهي تدرك ان الورقة الاخيرة التي بقيت لها رئاسة السلطة الفلسطينية ممثلة بشخصية ابو مازن، وان خسارتها لهذا المركز قد يؤدي الى انهيارها وانهيار القوى الفلسطينية الاخرى التي هي جزء من منظمة التحرير الفلسطينية، ولهذا السبب بدات كافة الاطراف الفلسطينية تلهث من اجل التوصل الى اتفاق سريع قبل الوصول الى النفق المظلم.

كل المؤشرات والتحليلات تؤكد رغم التفاؤل ان فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية لم تحصل على شيء من حوارات القاهرة، والسبب لا يعود الى تصلب مواقف حماس فقط والتصادم مع مشروعها المتناقض مع رؤية المنظمة وفصائلها، وانما الى عجز هذه القوى وعلى راسها فتح في معالجة كافة السلبيات بمنظمة التحرير الفلسطينية التي رافقت مسيرتها على مدار ما يزيد على اربعين، والتي كانت عامل اساسي لحالة التدهور بالساحة الفلسطينية، فالعامل الذاتي هو عامل اساسي بالازمات الداخلية التي تمر بها حركات التحرر العالمية، ولا نهمل ايضا دور قوى خارجية او اقليمية بالازمات الداخلية، فعدم قدرة هذه القوى وعلى راسهم الرئيس ابو مازن من القيام بخطوات اتجاه حكومة سلام فياض، وما تقوم به هذه الحكومة من خطوات تزيد من تعقيدات الحالة الفلسطينية، حيث تمهد حكومة سلام فياض على بسط سيطرتها على الورقة الاخيرة لحركة فتح المتمثلة بهيمنتها على السفارات الفلسطينية، واعتقد ان هذه الخطوة سيتم العمل بها بعد التاسع من يناير من عام 2009.

فالموقف الفلسطيني اصبح مرهونا للموافقة الاسرائيلية، ولا يخفي احد من قادة الفصائل الفلسطينية العجز الذي تعيشه الساحة الفلسطينية، من خلال دعوتهم لتشكيل حكومة فلسطينية تكفل فك الحصار عن شعبنا بقطاع غزة، فالضغوط الاسرائيلية على سلطة الرئيس الفلسطيني ابو مازن هي اكبر بكثير من حوارات القاهرة حيث تشكل هذه الضغوطات دورا اساسيا باي اتفاق فلسطيني، او اي تشكيلة حكومية فلسطينية مستقبلا، فليس المطلوب فقط هي حكومة توافق وطني موافق عليها من الفصائل الفلسطينية، وانما برنامج نضالي يضمن تصعيد كافة اشكال النضال، يساهم بحشد الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده لمواجهة هذا الكيان الصهيوني الجاثم على الارض الفلسطينية لاستئصاله، برنامج نضالي يكون قادرا على قيادة شعبنا الفلسطيني الى العودة والتحرير والاستقلال، ويضمن اسئصال كافة المظاهر والتراكمات السلبية التي رافقت مسيرة الثورة ومنظمة التحرير الفلسطينية.

التعليقات