31/10/2010 - 11:02

بين رحاب الهوية وضيق الأفق.. عن الانتخابات والنخب../ إياد رابي

بين رحاب الهوية وضيق الأفق.. عن الانتخابات والنخب../ إياد رابي
لم يتبدد بعد غبار "المعارك" البلدية، وإذا بنا نحث الخطى نحو العاشر من شباط القادم، حيث تجري الانتخابات البرلمانية في البلاد، وفيها على كل ناخب\ة عربي أن يختار من الحزب أو القائمة التي تمثل على أحسن وجه مصالحه الفردية والجمعية، وبالأحرى الارتقاء بها للصيغة المرجوة.

إن تزامن الانتخابات البلدية والبرلمانية في هذا الشتاء، قد يأتي من جهة بإضاءات على العلائقية والتشابك بين الشق المطلبي المدني اليومي والشق الرؤيوي الوطني في خطاب أي حزب يخوض هاتين المعركتين، مع التشديد على التباين الكبير في أهميتهما النسبية، ولكنه من جهة أخرى قد يلقي أيضا بظلال قد تحجب جوهر الصراع، خاصة عن عيون قصيرة النظر.

نعم، "الالتصاق" بالهم اليومي للجماهير العربية، أفرادا وجماعة، هام من أجل الفهم والتماهي مع المهمومين ومحاولة إيجاد الحلول لهمومهم، ولكن يجدر بنا الحذر من هكذا "التصاق" إن لم ترافقه بوصله وطنية ومنارة ساطعة أمام قوارب النجاة، وسط ظلمات وأمواج لا ترحم المكتفين بطيب المعشر وحميمية "الالتصاق" والمرافقة إلى المجهول.

الحركات الوطنية عادة تقود الناس نحو بر الأمان وفق فهمها هي لسبل الحماية والنجاة، أولا لكونها، بحكم التعريف، ابنه بارة للشعب الذي أفرزها فهي ليست نبتة غريبة أو هجينة عن محيطها، وثانيا لأن "المصلحة" نفسها بحاجه إلى صياغة وتعريف أو قل ترشيدا بعيدا عن الشعبوية الرخيصة والمغرضة، يقودها ولا ينساق خلفها، وسط دوامة من القوى الداعية والعاملة فعلا على الانسلاخ التام عن الهوية العربية الفلسطينية والقضية الوطنية عسانا "نحظى" بفتات القامعين القابعين على حبل الوريد، مع أنه، وفق ما أتت به الأيام، لا يتأتى المطلب اليومي المدني ولا يتشكل دون ضمان الجوهر الإنساني وفي صلبه الهوية القومية والانتماء الوطني الذي لا غنى عنه خاصة في مجتمع يصبو أن يلحق بالحداثة دون التخلي عن أصالته، كرامته، ذاكرته وقضيته الوطنية إن لم نقل الإنسانية.


التجمع الوطني الديمقراطي نقش على راياته المعادلة-البوصلة: هوية قومية ومواطنة كاملة. ومن ذلك لك أن تشتق كل المعادلات الفرعية التي خاضها وسيخوضها التجمع. يحار المرء أحيانا لرؤية المحاولات المستميتة للبعض للمضي في "تبني" منقوص لخطاب التجمع من جهة، والمزاودة عليه من جهة أخرى.

لا يضيرنا التذكير أن المصداقية والسياسة ليستا بالضرورة خطين متوازيين. الأمر الخطير حقا، أن تتم المنافسة من قبل بعض كتبة "ومنظري" بعض الأحزاب ومن لف لفها وفق رؤية ضيقه هي أبعد ما تكون عن المصلحة الوطنية الحقيقية حتى وفق تعريفهم هم !! وكأن الملاحقة السلطوية الضارية لا تكفي، وكأن ريشة التاريخ لا تنهل من مداد دواة لا تنضب.

أصبحت التقليعة أن تبث سمومك على الحركة الوطنية، والتجمع تحديدا، لتثبت أنك "ملتصق" بالجماهير، طبعا بعد أن تشارك في ترهيب تلك الجماهير وتدجين أحلامها، وأن كل من لا يلتحق بركبك هاو، وطنيته هواية لا مسؤولية ترافقها، ومصيره الاندثار نحو هاوية المنسيين!! والأنكى من ذلك من لم يكتف بالمناكفة الفئوية بل "ارتقى" إلى المشاركة في المحاولة البائسة للانقضاض المنهجي على التجمع، ويحق لنا أن نسأل، لمصلحة من ؟

نقول هذا كله مدركين أن شعبنا بفطرته ووعيه وتجربته وطني قومي، ولن يرضى، عاجلا أم آجلا، إلا بمن يحترمه حقا ولا يضلله ويغرر به، ومن لا يمثل رؤيته الآنية فحسب بل يرتقي بها في حراك دائم في فضاء هوية عربية فلسطينية تنهل من ينابيع الإنسانية، وترعى كل حقوقها الوطنية والمدنية دون التنازل قيد أنملة عن كرامة أصحاب البلاد الأصليين، وعن انتمائها العضوي التام للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وعلى رأس تفرعاتها حق العودة للاجئين والتحرر من كل أشكال القمع والاحتلال، والانتماء التام، دون تلعثم، للأمة العربية التي تتوق للتحرر وتقرير المصير في شرايين وطننا نبحر، وفي فضاء هويتنا الفلسطينية العربية نرتقي.
وكل عام وأنتم بخير..

التعليقات