31/10/2010 - 11:02

تصريحات عربية للقدس.. لمواجهة الاستيطان../ نزار السهلي*

تصريحات عربية للقدس.. لمواجهة الاستيطان../ نزار السهلي*
الهجمة الشرسة من العدوان المتواصل على مدينة القدس والمتصاعدة بوتيرة لا بمكن أن تكون معها المواقف العربية والفلسطينية بهذه الحالة من الميوعة السياسية التي اخذ معها الاحتلال الإسرائيلي إصدار مئات الإخطارات بالهدم للمنازل في القدس بهدف ترحيل 60 ألفا من سكانها وتهديد الوجود العربي المقدسي فيها استكمالا لحملة التهويد المتواصلة منذ 42 عاما، مترافق مع عملية هي الأضخم لمشاريع الاستيطان منذ العام 1967 وتأتي ضمن جملة العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني مترافقة مع الكم الهائل من التصاريح المنددة لإجراءات الاحتلال.

لقد توجت إسرائيل عدوانها بعد حرب غزة استكمالا بجعل عام 2009 هو عام الاستيطان في مدينة القدس وبترها عن محيطها الجغرافي العربي، وجعل المسجد الأقصى هو مكان للزيارة الدينية ضمن تكتلات استيطانية يهودية تطبق على المدينة من كل الاتجاهات بعد طرد سكانها إلى خارج حدود المدينة، وممارسة سياسة الهدم للمنازل والطرد للسكان والتهويد للأرض وفق خطة عنصرية استعمارية وضعتها المؤسسة الصهيونية منذ احتلال المدينة عام 1967.

التحذير من السياسات الإجرامية بحق المقدسيين التي اقتصرت على إصدار البيانات الخجولة واللوك اللامتناهي للتصريحات الشاجبة لم تؤت ثمارها بالذود عن المدينة ودعم صمود أبنائها برغم وجود لجنة لحماية القدس وقرارات عربية ودولية وإسلامية لم تحمل الطابع التنفيذي لمواجهة الأخطار التي تقضم المدينة وقضيتها يوما بعد يوم وعاما بعد عام، وبقي على أطلالها بيانات مزقتها جحافل الاحتلال تحت أقدامها، و أطراف فلسطينية تتصارع على مائدة السلطة بقي منها فتات الملاحقات الأمنية لمناضلي فلسطين في مدن الضفة وغزة، وغاب الجهد الرسمي الفلسطيني والعربي عن ساحة الصراع التي شكلت قضية القدس جوهرها ومضمونها، وإسقاطه من أولويات الأجندة اليومية للنضال الفلسطيني وترحيل ملفها في المفاوضات إلى لعبة المراحل التي نجح الاحتلال في فرضها على الجانب الفلسطيني وإعطائه الوقت والذريعة للمضي قدما في فرض سياسة الأمر الواقع على كل ملفات الصراع عن طريق التمسك بالخيارات البائسة للتفاوض والمبادرات التي لم تفلح في لجم سياسة العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني، بل على العكس أدت السياسات التي انتهجها الجانب الفلسطيني منذ أوسلو إلى اليوم من خلال الرهان على لعبة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى زيادة الاستيطان في القدس وباقي مدن الضفة وتقطيع أوصالها ووأد حلم الدولة الموعود للفلسطينيين الذي يجهد الجانب الفلسطيني في البحث عن اعتراف ليبرمان بحل الدولتين، والذي توهم برؤية بوش وتفاؤله بقيام الدولة الذي بقي منها كانتونات معزولة مطوقة بحصن وقلاع الاستيطان، وسرقة يومية لمياه الفلسطينيين وثرواتهم الطبيعية وتراثهم، وسياسة الحصار والعدوان التي طالت الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة من خلال سياسة العدوان والقتل والعربدة المدعومة أمريكيا.

اكتسب الخطاب الرسمي العربي في مواجهة العدوان الإسرائيلي على مدار 61 عاما ميوعة أخذت مكانها في العقل السياسي العربي المتراخي والمستسلم لحواديث باتت من مفردات الهزل في مسيرة العمل العربي لمواجهة التحديات التي عصفت به أمام هذه الهجمة الصهيونية المتشعبة التي طالت البشر والحجر. ومن نافل القول إن لا مجال للحديث عن أية مبادرات وفرص ووقت تطالب بها دولة الاحتلال لإكمال مشروع السيطرة على الأرض ما لم تكن هناك وقفة تاريخية مسؤولة أمام شعوب المنطقة العربية وهي ترى الانحدار الذي وصل إليه مشروع المواجهة مع دولة الاحتلال في ظل الانقسام العربي والفلسطيني ووضوح المشروع الصهيوني من عملية التسوية التي لم يعد لها وجود مع العدوان والإجراءات العنصرية المتلاحقة برغم تفاؤل الواهمين بوقف المقاومة في غزة أو صمت الاحتجاجات في الضفة أنه سيعزز مكانة وإمكانية العودة والحديث عن عملية المفاوضات إن جاء ميتشل أو غيره، فالنظر إلى تجربة العقدين الماضيين والسنوات الحادية والستون من العدوان لن تزيدنا يقينا إلا أننا نلوك ذات المشاريع المرمي بها لنا، وزد على ذلك أننا أصبحنا ندفع عن أنفسنا تهما عديدة بدلت مسمياتها فأصبح حصار الشقيق عملا من أعمال السيادة والبطولة، وضربه هو عملا لمساعدته بقبول الإملاءات الصهيونية والتآمر عليه هو لمساعدته في التكيف مع آلة العدوان ومنع وصول الإمدادات له خوفا عليه من الانزلاق في ترتيب أوضاعه وخلق حالة من الضياع والانقسام هي للمصلحة الوطنية والقومية.

فمن غير المجدي استعمال ذات اللغة التي طوعتها المشاريع الصهيونية في الأراضي الفلسطينية والعربية التي وجدت المخرج من كل الأزمات التي كان من الممكن مواجهتها مع المشروع الصهيوني طالما بقي الخطاب العربي يصم أذن مواطنه من فعل الدبابات والطائرات والمدافع الإسرائيلية و الجرافات مع كل إدانة وتصريح رنان لا يخرج إلى أبعد من ميكرفون من يدلو به.

التعليقات