31/10/2010 - 11:02

جدلية انعقاد المؤتمر العام السادس لحركة فتح../ يونس العموري*

جدلية انعقاد المؤتمر العام السادس لحركة فتح../ يونس العموري*
تتجمع الخربشات بمكنونات صناعات المواقف المنفلتة من عقال الحقيقة الراسخة بذهن من زال يراهن على الغد وعلى مستقبل انبلاج الفعل الفتحاوي من جديد، وسيطرته على مقاليد الأمور، وإعادة التوازنات لصراع المناهج. فثمة ارتسامات لصراع يدور بين أطراف عدة تتقاطع مصالح بعضها، رغم تموضعها في معسكرات متقابلة، وتتعارض مصالح بعضها الآخر رغم تموقعها في ذات الخندق، ومن ثم فمذاق هذا الصراع مغاير في الطعم ومخالف في الشكل للصراعات ذات الطابع التقليدي. هذا الصراع المسمى الصراع على المصالح بات هو العنوان الأبرز لوقائع عمليات التحضير للمؤتمر العام السادس لفتح ...

وهو ذات السؤال وهو سؤال المليون، الذي ما زال يتكرر دوما منذ زمن، متى سينعقد المؤتمر العام السادس لحركة فتح؟؟ وأين سيكون مكان الانعقاد والتئام العقد الفتحاوي؟؟ وما بين التأكيد والتشكك يبدو مشهد فتح الذي يدور بدهاليزها الكثير من السجالات والاطروحات و(الكولسات) وتلقي آخر الأخبار من الغرف الموصدة والمغلقة على صناع قرار ممالك الطوائف في فتح.

ويأتي من يأتي بالأنباء حول اتفاق هنا أو اختراق لبعض نقاط الخلاف هناك، وتزداد التكهنات ورسم السيناريوهات المحتملة لشكل وطبيعة المؤتمر العتيد، بل إن الأمر يتعدى ذلك وصولا الى تشكيل اللوائح التي من شأنها أن تحظى بمقعد في اللجنة المركزية أو عضوية المجلس الثوري، وتفصيل مقاسات هكذا مؤتمر بما يتلائم وغرض هؤلاء من خلال حجم المؤتمر وعديدة وعدته، وتدور بالتالي الدوائر على هذه الأسس في محاولة لترويج تلك اللوائح في أوساط الكادر الذي أصبح مشتت التفكير ومتصارع الولاء للشخوص، بعيدا عن الولاء للحركة التي لا بد لها من أن تحدد هويتها وشكلها وطبيعتها ومنهجها ورؤيتها تجاه مختلف قضايا السلم والحرب والمواجهة، وتلك المتعلقة بشكل أساسي باستمرارها كحركة تحرر وطني لها أجندتها التحررية المقاومة المناضلة ذات الاهداف الاستراتيجية كإعادة لتثبيت هويتها ومنطلقاتها، وهو الأمر الذي يحمي فتح أولا ويحمي المشروع الوطني الفلسطيني أساسا.

إلا أن الأمر لا يبدو على هذا الشكل على الأقل من خلال ما بات معلوما ومعروفا بالشارع الفتحاوي بشكل خاص وبالشارع الفلسطيني بشكل عام، حيث بات الاعتقاد السائد الآن وبشكل لا يدع مجالا للشك أن فتح كحركة تحرر وطني وقائدة للمشروع التحرري بطريقها الى التلاشي والتفكك والتكفكيك، ورأسها بات مطلوبا، وذلك من خلال فعل الشرذمة والتشتيت وتأجيج الصراعات والمحاور والتي تعمل الكثير من الجهات على تسعيرها وإيقاد النار في جوانبها.

إنه وبالرغم من عدم المجاهرة بعدم انعقاد المؤتمر وإلغاء عقده وبالرغم من أن التطمينات من قبل المؤيِّـدين والمعارضين، والحرس القديم والجديد، والواثقين والمشكِّـكين من أن المؤتمر لابد أنه سينعقد، فإن خلاصة النقاش والتحضيرات الجارية على الأرض وخلف الكواليس، لا زالت تخلُـو من اليقين. بل إن وضع العصي بدواليب المؤتمر ما زالت هي سيدة الموقف.

وثمّـة جُـملة من القضايا التي يتوجّـب على القائمين في حركة فتح الإجابة عليها وتسويَـتها كي تصدّق رُؤاهم بانعقاد المؤتمر قبل النصف الأول من العام الجاري، الموعد الذي لم يبق عليه الكثير من الوقت. تلك القضايا التي لا يمكن للمؤتمر أن ينعقد إلا إذا تمت تسويتها بالفعل، وهي المتمثلة بحجم المؤتمر الذي من شأنه أن يستوعب كل من تنطبق عليه المعايير، والتي تعكس بالنهاية كافة الفعاليات والمؤسسات الفتحاوية والتي من شأنها أيضا استيعاب الكادر الحركي الأساسي وبإمتياز بعيدا عن فعل التفصيل على حسب مقاسات أباطرة فتح التقليديين الذين يجاهدون اليوم في سبيل تفصيل مؤتمر على مقاسات ممالكهم وإقطاعياتهم.

وهنا نجد أن أصحاب أطروحة إبقاء الوضع على ما هو عليه يحاولون بكافة السبل ووالوسائل إفشال فعل الانعقاد للمؤتمر من خلال تقديم أطروحات من شأنها الإختيار ما بين عدم انعقاد المؤتمر أو استحالة انعقاد المؤتمر، بمعنى استحالة عقد المؤتمر في ظل هكذا أطروحات، وبالتالي القبول بترحيل المؤتمر إلى أجل غير مسمى أو عدم انعقاده من خلال انعقاد شكل آخر من أشكال فعل الانعقاد كأن يكون مؤتمرا مصغرا وضيقا جدا، أو على شكل مهرجان فتحاوي مبالغ بحجمه. وما بين الأطروحتين هاتين لا أعتقد أن المؤتمر العام السادس سيد نفسه سيرى النور، وسيكون بالتالي أي شيء آخر غير أنه مؤتمر مقرر وصاحب قرار فعلي لفتح يعبر عن جوهر ومنطلقات فتح، وبالتالي سيتحقق الهدف التخريبي لفتح ولتاريخها وصولا لإنهائها وتفكيكها.

كما أن مكان انعقاد المؤتمر صار يشكل مادة خلافية دسمة تنطوي على الكثير من المعاني والدلالات، فثمة من يحاول ويجاهد في سبيل عقد المؤتمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأغراض أعتقد أنها غير بريئة بالشكل المطلق، حيث إمكانية إعداد العدة أكثر لفعل التفصيل للمقاسات من جهة، ومن جهة أخرى لتوجيه رسائل بعدة صياغات للكثير من الجهات وأولى هذه الجهات الاحتلال الإسرائيلي ذاته.

وفي هذا السياق لابد من التأكيد على أن انعقاد المؤتمر الفتحاوي في الداخل الفلسطيني له أبعاد خطيرة على مجمل المسيرة النضالية لفتح، بحيث أن أداء فتح سيكون فقط داخليا متناسيا إلى حد كبير ثلثي جماهير فتح في الشتات الأممي، يقتصر فعلها في إطار اللعبة السلطوية ومتطلباتها، وهو ما يعني إفراغ حركة فتح من معانيها ومضامينها، وبالتالي إحداث انقلاب بمفاهيمها وإحالتها إلى حركة سياسية تلتزم بقوانين العملية السياسية وفقا لرؤية الحلول والمشاريع السلمية ليس أكثر. ولم يعد يخفى على أحد عمل الكثير من الدوائر الإقليمية وحتى الدولية للتأثير على مسار حركة فتح، وضبط إيقاع ما يمكن إنتاجه من المؤتمر العام السادس الذي صار مزعجا انعقاده للكثير من هذه الدوائر خشية أن يُصار الى انتاج حركة ذات ابعاد رديكالية ستقلب الكثير من رهانات هذه الدوائر ذات الاهداف المشبوه التوجه والتحرك، من هنا اعتقد ان ثمة محاولات لترحيل انعقاد المؤتمر او بالتالي عقده وفقا لرؤية ضامنة لبقاء وضع فتح كما هو عليه ....

التعليقات