31/10/2010 - 11:02

جمهورية موز ../ ساطع نور الدين

جمهورية موز ../ ساطع نور الدين
كادت الأنباء المتداولة منذ قرابة أسبوعين أن توحي بأنه عندما سيلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض خلال الساعات المقبلة، فإنهما يمكن أن يتبادلا الشتائم والإهانات، وليس من المستبعد أن يشتبكا بالأيدي قبل أن يعمد أوباما إلى طرد ضيفه الإسرائيلي من المكتب البيضاوي.

وكادت المعلومات المسربة عن التحضيرات لهذا الاجتماع الحاسم تنبئ بأن الخلاف بين الرجلين اللذين ينتميان الى مدرستين أيديولوجيتين متناقضتين ويحملان مشروعين سياسيين متعارضين، يمكن أن يتطور إلى حد إعلان القطيعة بين الدولتين، أو على الأقل إلى حرمان إسرائيل من المساعدات المالية والعسكرية الضخمة التي تتلقاها سنويا من أميركا، من أجل معاقبتها على تمردها الراهن على السياسة الأميركية التي تنشد الحوار والمصالحة مع العالمين العربي والإسلامي.

وصدرت في الآونة الاخيرة في كل من واشنطن وتل أبيب كتابات تشير إلى الود المفقود بين الرجلين وبين الحكومتين، وإلى الخوف المتبادل من أن يقدم أحدهما قبل اللقاء تحديدا على مواقف أو خطوات تحرج الآخر وتضعه أمام الامر الواقع.

وسرى همس في بعض الأوساط يفيد بأن نتنياهو لن يدخل المكتب البيضاوي قبل أن يكون قد وجه الضربة العسكرية المرتقبة إلى إيران، لكي يرفع من مكانته السياسية ويعيد الاعتبار لدولته ووظيفتها الإقليمية غير الواضحة المعالم في الوقت الراهن.

وترددت شائعات أيضا عن أن الإجتماع الأول بين الرجلين كان سببا لإعلان حالة تأهب الجيشين اللذين يسيران في اتجاهين متعاكسين ويتصرفان بطريقتين مختلفتين تماما ويخوضان معارك ومواجهات لا تخدم المصالح الاستراتيجية المشتركة لكلتي الدولتين، اللتين تشعران بالغربة المتبادلة للمرة الأولى في تاريخ العلاقات الثنائية، وتعتبران أن المسافة بينهما باتت أبعد من أي وقت مضى.

لكن في خضم هذا الترويج، الذي لا يتضمن سوى حقيقة واحدة مفادها أن اليهود الأميركيين يعبرون عن ضيقهم وحرجهم من الخيار السياسي للإسرائيليين الذين كلفوا أقصى يمينهم بتولي شؤونهم في هذه المرحلة، استوى النقاش الأميركي الإسرائيلي عند نقطة رئيسية واحدة وهي أن إدارة أوباما الذاهبة الى حوار مع العالمين العربي والإسلامي ليست في وارد إعلان هزيمتها في الحروب التي شنتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش، بل تنوي تعديل طريقة خوضها لهذه الحروب من أجل الفوز بها.

وفي هذا السياق، كانت إسرائيل وستبقى قاعدة عسكرية مهمة، تتولى مسؤولية الجبهة الخلفية للقوات الأميركية، وتستخدم بين الحين والآخر لترهيب خصوم أميركا .. باستثناء إيران التي تقع على الخطوط الأمامية للأميركيين.

قبل الاجتماع، شن العرب حملة سياسية وإعلامية مكثفة هدفت إلى الضغط على إدارة أوباما لإقناعها بأن الحصول من إسرائيل على تنازلات فلسطينية يسهل مهمة أميركا على الجبهات الأخرى. وهي فكرة يمكن أن تثير الكثير من الضحك بين أوباما ونتنياهو، ويمكن ان تجعل لقاءهما الأول مناسبة لعلاقة شخصية وسياسية عميقة، تأخذ في الاعتبار أن إسرائيل ليست جمهورية موز أميركية، لكنها ليست قاعدة للثورة على أميركا!
"السفير"

التعليقات