31/10/2010 - 11:02

حماس وتكرار أخطاء الماضي!!../ مصطفى إبراهيم*

حماس وتكرار أخطاء الماضي!!../ مصطفى إبراهيم*
في غزة تدور نقاشات وحوارات داخلية بين الناس حول الحال التي وصلوا إليها بعد جريمة الشاطئ على بحر غزة، التي أدانها واستنكرها معظم الفلسطينيين لما تشكله من نقلة نوعية في عملية القتل الجماعي التي وقعت للمواطنين الآمنين، وساهمت في خلق حال من الرعب والخوف من تكرارها في مناطق مأهولة مثل الأسواق أو، وما تلاها من إجراءات قمعية قامت بها حركة "حماس" وأجهزتها الأمنية في القطاع من تحريم حركة "فتح" والعدد الكبير من الاعتقالات وإغلاق المؤسسات التابعة للحركة واعتقال القيادة السياسية العليا لها.

المشهد الفلسطيني بشع ومحزن، وتوج أخيرا بالحملة الأمنية التي شنتها كتائب القسام والشرطة والأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة، على حي الشجاعية لاعتقال مشتبه بهم في تفجير الشاطئ تقول الحكومة المقالة أن عائلة حلس المحسوبة على حركة "فتح"، تأويهم، وسقوط 12 قتيلا من الطرفين وعدد كبير من الجرحى، واستخدام الطرفين الأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون و"الار. بي. جي" التي تناثرت شظاياها وسقطت فوق رؤوس الأبرياء، وفرار حوالي 188 إلى إسرائيل.

بعد جريمة الشاطئ طالبت وزارة الداخلية المقالة من عائلة حلس تسليمها عدداً من المطلوبين والمشتبه بهم في تفجير الشاطئ من العائلة وبعض أعضاء من حركة "فتح"، واستمرت المفاوضات نحو أسبوع وتدخلت وساطات كثيرة من بعض الفصائل والشخصيات الوطنية والوجهاء بما فيهم وجهاء عائلة حلس.

وحسب بعض المصادر ذات العلاقة بالوساطة فان وزارة الداخلية تنازلت عن العدد الذي كانت تطالب به وهو 25 مطلوباً إلى 10 مطلوبين، ألا أن العائلة رفضت، وحسب تلك المصادر أيضا فان الوساطات فشلت في التوصل إلى حل.

في غزة اختلف المراقبون في تفسيراتهم وتحليلاتهم حول الخطوات التي قامت بها حركة "حماس" في القطاع ضد حركة "فتح"، منهم من ذهب إلى أن هذه الخطوات هي قرار من كتائب القسام من دون الرجوع إلى المستوى السياسي، وان قيادة القسام أطلقت العنان لعناصرها بمصادرة كل ما يتعلق بحركة "فتح"، ومنهم من قال إن هذه الخطوات اتخذت بقرار من قيادة الحركة، فما جرى في قطاع من خطوات كان لا يتم من دون موافقة القيادة السياسية لحركة حماس، وما جرى كان وما يزال يؤكد أن هناك شبه إجماع على تلك الخطوات والضرب بيد من حديد على من نفذ جريمة الشاطئ، لاعتقاد قيادة الحركة الراسخ أنها تلقت ضربة قوية لم تتلقاها من سنوات عدة لذا كان لزاما على الحركة أن ترد بالقسوة، التي قامت بها خلال الأيام القليلة الماضية.

فالتصريحات الصادرة عن الناطقين باسم الحركة وبعض القيادات السياسية تؤكد أن القرار بقمع "فتح" كان قراراً جماعياً، وان تبريرات البعض الأخر من قيادة الحركة هي غير مقنعة ولم تصل إلى حد الإدانة، كما هو موقف حركة "فتح" من تفجير الشاطئ الغامض وغير الواضح ولم تخرج قيادة "فتح" بما فيها الرئيس محمود عباس بموقف وبيان رسمي ينفي علاقة فتح بالتفجير واعتمدت الحركة على تصريحات الناطقين الإعلاميين، وخيمت أجواء الاتهامات المتبادلة بين الطرفين.

الأحداث التي يشهدها قطاع غزة قاسية ومخيفة ومأساوية وتؤسس لحالات انتقام وثأر جديدة، وتعمق الجرح الفلسطيني، وتساهم في تفكيك النسيج الاجتماعي. فمن حق السلطة أن تلاحق المشتبه بهم في تنفيذ جرائم أو متورطين في قضايا، لكن يجب أن يتم ذلك وفقا للقانون، وعلى السلطة أن تستنفذ جميع الإجراءات القانونية المتعلقة بذلك، وليس كما وقع خلال الحملة الأمنية التي نفذتها الأجهزة الأمنية في الحكومة المقالة وكتائب القسام، فإن المواطنين من عائلة حلس والذين حوصروا في بيوتهم خلال الحملة الأمنية تحدثوا عن انتهاكات فظيعة ارتكبت بحقهم وحق أولادهم، من إطلاق نار وتخويف وترهيب.

إحدى النساء تحدثت أن أفراد الأجهزة الأمنية الذين كانوا مقنعين اقتحموا منزلها وفيه 10 أطفال تم وضعهم في غرفة وطلب منهم احدهم أن يشهدوا أن لا اله إلا الله، لأنهم سوف يموتون، وساد الخوف والرعب بين الأطفال، فضلاً عن روايات المصابين الذين أطلقت عليهم النار بعد اعتقالهم ومن بينهم أطفال، فالفتى محمود اعتقل وأطلقت عليه النار في الشارع في قدمه ومن تم اقتيد إلى مركز شرطة الشجاعية وأطلقت عليه النار على فخذيه ومن تم نقله بسيارة الإسعاف إلى مستشفى الشفاء حيث يعالج، والمواطن محيي من مخيم جباليا الذي تم إنزاله من سيارة الأجرة على مفترق الشجاعية وأطلق احد المقنعين النار على ساقيه وكتفه الأيمن، وغيرها من القصص المريعة والمخيفة.

في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي وقعت اشتباكات عنيفة في حي الشجاعية بين الشرطة المقالة وأفراد من عائلة حلس، وتبين لاحقاً بعد التحقيق التي أجرته الحركة والحكومة أن الشرطة وكتائب القسام أخطأوا في معالجة الأحداث التي وقعت إلا أن الحكومة لم تصدر أو تنشر أي تحقيق ولم تحاسب المخطئين، وها هي الأخطاء ذاتها تتكرر مرة أخرى تخويف وترويع واقتحامات وإطلاق نار عن قرب بعد الاعتقال، ومنع الصحافيين من التغطية وكذلك مؤسسات حقوق الإنسان من رصد وتوثيق الانتهاكات والالتقاء بالضحايا، كل ذلك يجري من دون تحرك من الحكومة المقالة أو أعضاء المجلس التشريعي.

حركة "حماس" وحكومتها المقالة تفشل مرة أخرى في تقديم النموذج الذي وعدت به ناخبيها والفلسطينيين، وتكرر الأخطاء ذاتها من خلال ممارستها القمعية التي تقوم بها أجهزتها الأمنية بحق المواطنين في قطاع غزة، ولم تستطع حتى الآن تقديم النموذج في الحكم، فالأخطاء المرتكبة وصلت حد الخطايا بحق المواطنين خاصة ضد "فتح"، و"حماس" تعتمد في تطبيق القانون بالمعالجة الأمنية لما يجري من ارتكاب بعض المواطنين لمخالفات قانونية حتى بما فيهم أعضاء فتح.

حان الوقت أن تقف حماس وتفكر في إن كانت تستطيع أن تحقق الأفضل للفلسطينيين في قطاع غزة من خلال الاستمرار في سيطرتها على قطاع غزة، وتعيد حساباتها وتتخذ قرارات صعبة في طريقة إدارتها للقطاع، والعودة للحوار، وإلا سوف تتهم في أنها كانت سبباً في استمرار معاناة الفلسطينيين، وسقوط مزيد من الضحايا.

التعليقات