31/10/2010 - 11:02

خطاب إلى (الحركة)../ رشاد أبو شاور

خطاب إلى (الحركة)../ رشاد أبو شاور
هذا خطاب فرد من أفراد الشعب الفلسطيني، يعتقد بأنه خطاب بلسان كثيرين، بما فيهم أعداد كبيرة من قواعد (الحركة).

أنتم يا قادة وكوادر الحركة تتحدثون منذ سنوات عن ضرورة عقد مؤتمر سادس للحركة بعد غياب 19 عاما، أي قرابة عقدين على المؤتمر الأخير(الخامس)!
إنها مسافة زمنيّة كبيرة، حدثت فيها أمور أثّرت بعمق على شعبنا وقضيتنا، ووضعتنا في الحال الخانق الذي نحن فيه، فلا القطار وصل إلى المحطّة المأمولة، ولا خرج بنا من النفق المظلم لنتنفّس هواءً صحيّا، ونستبشر بأن مستقبلا زاهرا ينتظرنا.

بعد المؤتمر الخامس الذي انعقد في تونس، رحل بعض أبرز وأهّم قادة الحركة المؤسسيين: أبوجهاد الوزير، أبوإياد، أبوالهول...
العدو الذي وقف وراء عمليّات الاغتيال المباشرة، أو غير المباشرة، أراد أن يفقد (الحركة) رأسها، وقدرتها على التوجيه،والقيادة، والتصرّف كقيادة جماعيّة.

الفرديّة ازدادت فرديّة، واستشرت بتفرّدها، وأنتم للأسف يا من تبقّى من قيادة الحركة، وبخّاصة التاريخيين، انهمكتم في البحث كل لنفسه عن موقع، همّه الحفاظ عليه، في ظّل طغيان الفرديّة التي تركت لكم مساحات ضيقة تكفي واحدكم للبقاء، وتحشره فيه بلا صوت ولا رغبة في الرفض خشيةً من الخسارة والسقوط من عربة القيادة، التي يحدّد القائد الفرد لكّل منكم موقعه فيها، وفقا للرضى عنه، وليس بناءً على كفاءته.

بحركة بطيئة مماطلة، وفي ظّل انقسامات، وكمائن، ومطبات، وألاعيب تكتيكيّة، تجتمع اللجنة التحضيريّة للتهيئة للمؤتمر السادس، دون أن تحدد حتى اللحظة ما تريده من المؤتمر، أهو مؤتمر لملء الفراغات في اللجنة المركزيّة، خّاصةً بعد رحيل القائد المهيمن (أبوعمّار) الذي كان يمسك بكّل الخيوط إلى ما قبل رحيله بقليل؟!
هل سيكون للمراجعة الشاملة لمسيرة الحركة منذ المؤتمر الخامس، مرورا بحقبة (أوسلو) ومسار عمليّة (السلام)، وأسباب غياب دور الحركة وهزيمتها العقابيّة في انتخابات المجلس التشريعي، وانهيار أجهزتها الأمنيّة ومليشياتها في غزّة؟!

هل ستبحث الحركة في مؤتمرها أسباب الانقسام الفلسطيني، وكيفيّة الخروج من هذا المأزق المكلف فلسطينيّا؟!
أتراها ستطرح (المقاومة) بعد الفشل المدمّر لمسيرة (أوسلو) ؟ وهل ستعود قيادة أوسلو التي لا ترى سوى طريق المفاوضات سبيلاً وحيدا لتحصيل بعض الحقوق، فتنحاز لنهج المقاومة، و..تقرّر إطلاق الرصاصة (الثانيّة) معلنة عن استئناف دورها القيادي، وإدارتها الظهر لمرحلة المفاوضات، ونهج الرهان على (كرم) العدو، ووساطة أمريكا، والانشغال بالصراع على سلطة وهميّة؟!
باختصار: هل مؤتمر الحركة سينتشل الحركة، والقضيّة، من بئر (أوسلو) البارد المظلم، ويعود بها إلى الجماهير، والمقاومة، والزمن الفدائي؟!

هذا لا يمكن أن يتحقق أبدا بنفس طاقم القيادات المنتهية الصلاحية والتي ما عادت تجيد سوى عقد الاجتماعات مع (أولمرت) ومن سيأتي بعده - ليفني أو غير ليفني- فهؤلاء عقليّة، ومصالح، وامتيازات، وهم لن يخلعوا بذّاتهم وربطات أعناقهم، ويغادروا قصورهم وفيلاّتهم، ليتواروا في الأمكنة المعتمة، والمغاور، ويجهّزوا أنفسهم لمعتقلات من كانوا يتفاوضون معهم، أي من كانوا يربتون على ظهورهم، ويقدّمون لهم طعاما وحلوى (يهوديّة) "كاشير"...

جماعة أوسلو يروّجون بأنه لا توجد دولة عربيّة واحد ترحّب بعقد مؤتمر الحركة في بلدها، ولذا فالممكن هو عقد المؤتمر في (رام الله)!
يعني لا بدّ من استخرّاج تصاريح تسمح بدخول أعضاء المؤتمر، ولمرّة واحدة للمشاركة في مؤتمر سيعقد في رام الله، في كنف الاحتلال!

هكذا يتحوّل أعضاء المؤتمر إلى رهائن، مطلوب منهم أن يفكّروا في (حالهم)، وفي ما يمكن أن يحدث لهم إن هم رفعوا من سقف قراراتهم!
لقد حدث هذا من قبل في غزّة عندما زارها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون لساعتين، وتمّ جمع أعضاء المجلس الوطني الذين قبلوا بالمشاركة، و..رفعوا أيديهم تأييدا لحذف الموّاد (المتطرّفة) من الميثاق الوطني الفلسطيني!

المطلوب وطنيّا منكم كثير، وكبير الحجم والثقل، وأوّله أن تعيدوا صياغة الحركة بعد تفشّي الفساد السياسي والمالي والأخلاقي التي فتكت بها، وفككتها، ورهّلتها، وجعلتها (هيولى) بلا رأس، ولا قوام، ولا دورة دمويّة واحدة، ولا أقدام تسير باتجاه هدف واحد محدّد!
أنتم في (الحركة) تتحملون كل ما لحق بمنظمة التحرير الفلسطينيّة من خراب، وتفكك وتمزّق، وغياب، منذ سيطرتم على مقاليدها قبل أربعين سنة...

المجلس الوطني همّشتموه، وأغرقتموه بأشخاص وظيفتهم رفع أيديهم حين التصويت على أمور ضّارة بقضيتنا.
الميثاق مزقتموه، وأضعتم مواده بين (كادوك) لشيراك، و(كرمال عينيك يا فخامة الرئيس كلينتون)، في بازار ستخزى منه الأجيال نيابة عمّن لم يخزوا!
جيش التحرير الفلسطيني شرذمتموه، واستبدلتموه بجنرالات وهميين منحوا رتبهم وهم بلا كفاءة، ولا خبرة، ولا علم عسكري عسكري، وأجهزة جربناها في بيروت، وبعد بيروت، وبعد بعد بيروت.. (في غزّة)!
مركز الأبحاث، والتخطيط، والاتحادات الشعبيّة حولتموها إلى عناوين شكليّة للمنتفعين التابعين.. وانظروا ماذا جنيتم على شعبنا بغياب الاتحادات والمنظمات الشعبيّة!
الفصائل أنتم يا إخوتنا من مزّقها، وشقّها: الجبهة الشعبيّة، الجبهة الشعبيّة / القيادة العاّمة، جبهة التحرير الفلسطينيّة، جبهة النضال الشعبي، الصاعقة، العربيّة.. أتنكرون؟ حتى (الديمقراطيّة) حليفتكم شجّعتم على شقّها، واستخرجتم من صفوفها مجموعة جعلتموها (حزبا) أوسلويّا.. فعن أية وحدة وطنيّة تتحدثون؟!

حركتم تتآكل منذ عقدين وأكثر، وأوّل أمراضها (الفرديّة)، وغياب الخطاب الواضح، والبناء التنظيمي والمؤسسات، واستقطاب الكفاءات.. فحركتم للأسف حالة نابذة للكفاءات، أو معوّقة لها. أين كفاءات الشعب الفلسطيني في صفوف الحركة ؟ نحن لا نتحدّث عن (الفصائل)، لأن أي واحدة منها لا تدّعي أنها حركة الشعب الفلسطيني كلّه!

كفاءات شعبنا الكبيرة المتألّقة المنتشرة في كّل القارات تنفر من الفصائل وأولها (الحركة)، لأنها لا تجد لنفسها موقعا في صفوفها.. وياما اندفع في البداية متميّزون، ثمّ غادروا ولم يأبه لمغادرتهم أحد، فهم خطر على المنافقين، والفاسدين، والجهلة.

إذا كنتم تعملون على تلفيق مؤتمر لفلفة، وتبويس لحى، وتقاسم للصلاحيّات والأنفال والغنائم.. فالعوض بالسلامة، مع إنه لن تكون هناك سلامة، ولن نستعوض سوى المزيد من التيه وضياع أرضنا وعذاب شعبنا، وإطالة أمد حصارنا والتلاعب فينا، بعد أن بتنا قضيّةً وشعبنا ملطشة لنظم حكم عربيّة تدّعي الحرص على (توحيدنا)، وهي التي تترك شعبنا محاصرا في غزّة، وتتفرّج على أهلنا المطرودين من جحيم العراق وهم يوزّعون على تشيلي والبرازيل و آيسلندة والسويد و..آه يا دول العرب الشقيّة،لا الشقيقة!

المطلوب منكم كثير، فدعوكم من المناورات، والتعلل بأن ما يحدث ليس مسؤوليتكم. لا، هو مسئوليتكم، فالسيّد سلام فيّاض وعبد ربّه، ونمر.. نشأوا في كنفكم، فلا تتعلّلوا بأنهم (يسرقون ) دوركم، فأنتم منكم الرئيس، وطاقم التفاوض، ومن يتحكمون بكّل شيء حتى اللحظة، بما في ذلك (المال).

لن يغفر لكم شعبنا، فأنتم من يتحمّل مسؤوليّة كل ما جرى حتى يومنا- نسبة لحجمكم، ودوركم - فكونوا على قّد المسؤوليّة، وبادروا لإنقاذ (الحركة) و(القضيّة) و(الوطن) الذي أطلقت الحركة رصاصتها في الفاتح من عام 65 معلنةً بدء المقاومة لتحريره، لا لإضاعته نهائيّا...

التعليقات