31/10/2010 - 11:02

دلالات الاعتراف الأمريكي../ محمد السعيد إدريس

دلالات الاعتراف الأمريكي../ محمد السعيد إدريس
عندما تضطر الولايات المتحدة على لسان أحد كبار مسؤوليها الى اعلان مسؤوليتها عن العدوان، بمشاركة “إسرائيل” على احدى المنشآت السورية الواقعة في منطقة دير الزور، والتي وصفت من جانب الأمريكيين و”الاسرائيليين” بأنها منشأة عسكرية فإنه هذا يعني وجود أسباب مهمة وراء هذا الإفصاح، وأنه أمر له دلالاته المهمة أيضا بالنسبة لأنماط التفكير الأمريكية من ناحية وبالنسبة للعلاقات الأمريكية - “الاسرائيلية” من ناحية ثانية، والموقف الأمريكي من سوريا من ناحية ثالثة.

لقد ظل الشائع منذ وقوع هذا العدوان في السادس من سبتمبر/أيلول عام 2007 أن “إسرائيل” هي التي قامت به، بدليل الاحتجاجات التركية التي جاءت متأخرة نسبياً على تجاوز الطائرات “الاسرائيلية” الاراضي التركية من دون الحصول على إذن مسبق من السلطات التركية. وقتها ظهرت “إسرائيل” أو هكذا صورت إعلاميا وهكذا أرادت أن تظهر، على أنها قوة إقليمية كبرى قادرة على الوصول الى أي هدف تريده، ووقتها أيضاً بدأ الحديث عن عقد مشابهات بين هذه العملية والعملية الأخرى السابقة التي قامت بها القوات الجوية “الإسرائيلية” بتدمير المنشآت النووية العراقية.

وبسبب الربط بين هاتين العمليتين ظهرت استنتاجات مهمة باتت، الآن، في حاجة الى مراجعة منها أن “إسرائيل” عازمة على أن تبقى متفردة، دون غيرها من دول الشرق الأوسط، بامتلاك السلاح النووي، والأهم أنها قادرة عملياً على فرض هذا التفرد بالقوة وفي اللحظة التي تريدها هي. ومنها أيضا أن “إسرائيل” بناء على ذلك أضحى في مقدورها أن تقوم بمهمة تدمير المنشآت النووية الايرانية، إذ أرادت في حالة رفض الولايات المتحدة القيام بها أو المشاركة فيها.

فبعد أن تكشف، وعلى لسان الجنرال مايكل هايدن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أن الولايات المتحدة هي التي قامت بالمهمة وان دور “إسرائيل” الأساسي فيها كان دوراً استخباراتياً فإن هذا الاعتراف له دلالاته.

من أهم هذه الدلالات أن الولايات المتحدة هي الطرف الأساسي في رفض تمكين أي دولة عربية أو أي دولة اسلامية غير حليفة لواشنطن من امتلاك القدرات النووية المتقدمة سواء كانت مدنية أو عسكرية، وأنها توظف التفرد “الاسرائيلي” بامتلاك السلاح النووي ليس فقط لحماية “إسرائيل” والدفاع عن وجودها، وجعل هذا الوجود خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، بل إنها توظفه أيضا لترويع الدول العربية ووضعها دائماً تحت التهديد، والحرص دون تردد، على أن تبقى حليفة للولايات المتحدة باعتبار أن هذا التحالف هو أهم ضمانات بقائها، الأمر الذي يعطي للأمريكيين كل فرص الهيمنة والسيطرة وفرض النفوذ.

ومن هذه الدلالات أيضا يتعلق ب”إسرائيل” التي اضطر حليفها الرئيسي الى “تعرية” قدرتها العسكرية بحرمانها من شرف الزعم بقدرتها على القيام بمهام صعبة وكبيرة، وهو اضطرار قد ينسحب بنتائجه على مهام وحروب أخرى زعمت “إسرائيل” أنها قامت بها منفردة وحققت انتصارات كي تضع العرب دائما العرب في موقع المنهزم وتضع نفسها في موقع القادر دائما على الانتصار.
"الخليج"

التعليقات