31/10/2010 - 11:02

شرم الشيخ.. وفرضية الحرب الإقليمية../ أحمد الحيلة*

شرم الشيخ.. وفرضية الحرب الإقليمية../ أحمد الحيلة*
ناقش اجتماع وزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي في شرم الشيخ (31/7) عدداً من الملفات الشرق أوسطية كالمسألة العراقية، والوضع في لبنان، ودعم الرئيس عباس، إضافة إلى الملف النووي الإيراني، ودعم دول الخليج عسكرياً لمواجهة أي تهديد خارجي.

في هذه المقالة، يهمنا مناقشة ما أكد عليه المجتمعون من أهمية حفظ أمن دول الخليج العربي في مواجهة أي تهديد خارجي..

من المعلوم أن الاجتماع في شرم الشيخ تزامن عقده مع إعلان الولايات المتحدة عزمها تقديم مساعدات عسكرية إلى دول الخليج العربية، وعزمها عقد صفقة أسلحة مع المملكة العربية السعودية بقيمة 20مليار دولار، مما يضع مسألة أمن الخليج تحت المجهر، ويثير التساؤل حول ما الجديد الذي طرأ على المنطقة؟

قد يتبادر لدى البعض أن هذه الصفقات من التسلح تأتي في سياق طبيعي في منطقة قلقة ومضطربة..، وفي سياق حرص واشنطن على تنشيط اقتصادها الذي تمثل فيه الصناعات العسكرية جزءً أساسياً، مستغلة في ذلك فزّاعة الخوف من إيران ومشروعها النووي.

هذا الرأي على صوابيته، لا يعبر بالضرورة عن حقيقة المشهد وكليته؛ فدول الخليج العربي رغم اعتراضها على سياسة إيران النووية إلا أنها تدرك أن المشروع النووي الإيراني لم يصل بعد إلى حد التهديد المباشر أو المنظور، هذا إذا سلمنا أن المشروع النووي الإيراني عسكري الطابع.

إضافة إلى ذلك، فإن دول الخليج ـ السلمية بطابعها ـ إذا أرادت اعتراض السياسة الخارجية لإيران وتحجيمها، فليس بالضرورة من خلال تكديس الأسلحة الأمريكية لديها دون استخدام، ولكن يمكن تحقيق ذلك من خلال مدافعتها لإيران في العديد من الملفات، من خلال الدخول بقوة على الملف العراقي ومحاولة جذبه إلى الحضن العربي..، وهذا ما يمكن فعله على الصعيد اللبناني من خلال إعادة صياغة العلاقة وتمتينها مع سوريا، وإعادة التنسيق السياسي مع دمشق التي عانت في الآونة الأخيرة من شبه قطيعة سياسية عمدت إليها بعض العواصم العربية بتوجيه أمريكي ساعٍ لمحاصرة سوريا سياسياً والضغط عليها لدفعها للتخلي عن دم المقاومة الفلسطينية واللبنانية، والتخلي عن مبادئها القومية..

وعليه فإننا ننظر إلى اجتماع شرم الشيخ وما نتج عنه من تأكيدات استثنائية على أمن دول الخليج العربي ودعمها أمريكياً لمواجهة تهديدات خارجية على أنه إشارة إلى احتمالية نشوب حرب إقليمية جديدة..، وخطوة تمهيدية قد تقود المنطقة إلى المزيد من التصعيد العسكري..؛ فوزيرة الخارجية الأمريكية رايس اصطحبت معها في جولتها الخليجية وزير الدفاع غيتس ـ وفي ذلك إشارة إلى طبيعة الزيارة وأجندتها ـ الذي أكد أن هذه الجولة المشتركة مع رايس ذات دلالة خاصة، معتبراً أنها تأتي "لطمأنة حلفائنا في المنطقة ولاستمرارية التزامنا تجاههم". ونتساءل هنا، لماذا الآن تؤكد واشنطن التزامها بأمن دول الخليج العربية وبهذا الحجم، وضد من؟

يجيب على هذا السؤال مسؤول أمريكي رفيع المستوى نقلت عنه صحيفة الحياة (1/8) تعليقه على جولة رايس ـ غيتس إلى دول الخليج بالقول: "سنتحدث صراحة عن كيفية تعزيز التعاون الثنائي وربما المتعدد الأطراف في ما يتعلق بالقدرات الدفاعية" مضيفاً "أن السبب وراء ذلك واضح تماماً، فقد أبدى الإيرانيون موقفاً عدائياً تجاه بقية دول المنطقة".

لعله في هذا السياق يمكن تفسير ردة فعل كل من إيران وسوريا الناقدة بشدة للاتفاقات العسكرية الأخيرة بين واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي، لأنهما تريان فيها أهدافاً أبعد من مجرد صفقات لدعم القدرات الدفاعية الذاتية..، فقد ردت دمشق على لسان وزير الخارجية وليد المعلم واصفة الاتفاقات العسكرية بأنها "خطيرة" وتتناقض مع الدعوات الأمريكية للسلام..

أكثر من ذلك، فقد نقلت وسائل الإعلام في (1/8) أي في اليوم التالي لانتهاء اجتماعات شرم الشيخ، دعوة الرئيس بشار الأسد الجيش السوري إلى "تهيئة الذات لمختلف التداعيات"، وتأتي هذه الدعوة بعد أسبوعين من خطابه أمام البرلمان السوري (17/7)، والذي أشار فيه إلى أن الأشهر القادمة ستحدد ملامح المرحلة المقبلة لسوريا وربما للعالم.

وعلى صلة بهذا الموضوع، فإننا نسوق بعض الملاحظات التي تثير التساؤل والاستفهام في ذات الاتجاه، وذلك على النحو التالي:

• شرع الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر تموز الماضي، بتوزيع أقنعة واقية للأسلحة غير التقليدية على مواطنيه في شمال فلسطين المحتلة، وتحديداً في المناطق الحدودية المحاذية لسوريا ولبنان.
• طالب وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك (29/7) الحكومة الإسرائيلية بزيادة عدد القوات البرية، بناءً على استنتاجات توصل إليها الجيش الإسرائيلي عقب سلسلة من المناورات التي أجراها هذا العام، وذلك من أجل إعطاء الجيش القدرة على إدارة الحرب على عدة جبهات وبالتوازي..
• عبرت حاملة الطائرات الأمريكية انتربرايز (1/8) قناة السويس متوجهة إلى مياه الخليج العربي لتنضم إلى أخواتها من حاملات الطائرات المتمركزة هناك والتي بلغ عددها نحو (3)، بالإضافة إلى تواجد أسطول ضخم من السفن والقطع الحربية الأمريكية في مياه الخليج.

إضافة إلى ما تقدم يدرك المراقب أن أحد جوانب استثمار الحلحلة السياسية الشكلية على المسار التفاوضي الفلسطيني ـ الدعوة إلى مؤتمر السلام في الخريف القادم، أو لقاءات أولمرت وعباس، والحديث عن اتفاق مبادئ.. ـ ، يراد منها حيازة واشنطن على الدعم العربي، وتشكيل جبهة عربية من "المعتدلين" لمساندة أي خطوة أمريكية عسكرية محتملة في المنطقة..، ولذلك فليس من المستبعد أن تشكل اجتماعات شرم الشيخ، وجولة رايس ـ غيتس على دول الخليج العربية سهماً في هذا الاتجاه الذي نأمل أن لا يقع، لأن الكارثة ستعود بالضرر على المنطقة وكل العرب بلا استثناء.

التعليقات