31/10/2010 - 11:02

شعبنا النبيل.. والتحديات القادمة!../ د.باسل غطاس

شعبنا النبيل.. والتحديات القادمة!../ د.باسل غطاس
النتائج النهائية للانتخابات تشير إلى تعزز قوة اليمين المتطرف المدعوم من الأحزاب الدينية (وجزء منها يميني استيطاني حتى أكثر من ليبرمان) على حساب ما يسمى تاريخيا اليسار الإسرائيلي الذي فقد مواقعه في انهيار سافر.

من دون الخوض في تحليل الأسباب وخاصة في الانزياح المطرد الطبيعي نحو اليمين العنصري، في مجتمع لا فرق جدياً فيه بين اليسار واليمين بما يتعلق بقيم الاستيطان والاحتلال والتوسع والعسكرة الماتشوية الطاغية („دعوا تساهل ينتصر” .....) وتتحول هذه القيم الى مرتكزات أساسية في بناء الأمة واستيعاب وصهر المهاجرين، نستطيع القول إن المنظومة السياسية في إسرائيل مقدمة على ما قد يتحول الى مأزق كشف وجهها الحقيقي في أنه لا يوجد ما تقدمه في الحد الأدنى، ولو لمجرد استمرار لعبة المفاوضات التي ستستقتل الادارة الأمريكية الجديدة والاتحاد الأوروبي في استمرارها.

نتانياهو كان يرغب في استمرار هذه اللعبة التي وفرت الغطاء لاسرائيل، ونقصد الغطاء الدولي للهروب بجرائم حرب لبنان والحصار على غزة من ناحية، واستمرار الاستيطان وتكريس حالة الابرتهايد من ناحية أخرى. لكنه كما يبدو سيضطر إلى إقامة حكومة يمين ضيقة مستندة إلى أكثرية برلمانية واضحة في المرحلة الأولى على الأقل.

طبعا بإمكان حزب كاديما، حرصا على وجوده أولا وخوفه من التبعثر في المعارضة، الانضمام إلى حكومة نتانياهو. سيسوغ خطوته بادعاءات المصلحة الوطنية ونزولا عند رغبة (صريحة أو ايمائية) من قبل أطراف دولية وحتى عربية معنية بانضمامه لحكومة برئاسة نتانياهو وتوفير حبل نجاة للأخير، أي تجديد القناع لاسرائيل دوليا. وقد بدأ الاعلام الاسرائيلي يروج لذلك (أري شبيط هآرتس- الخميس).

نضيف إلى ذلك الفرج العربي والفلسطيني المنتظر عبر استمرار الانقسام والاقتتال الداخلي الفلسطيني وتعاظم دور „محور الاعتدال” في الاقناع والضغط باتجاه اعطاء الادارة الأمريكية الجديدة فرصة وتكرار الاسطوانة القديمة نفسها.

كل هذا يفضي الى نتيجة مفادها أننا مقبلون على سنوات من القحط السياسي المصحوب باستفحال الأزمة الاقتصادية. وقد بدأ المستثمرون الأجانب في سحب استثماراتهم من إسرائيل. وستتعاظم هذه الظاهرة مع انسداد الأفق السياسي من ناحية، واستفحال الأزمة الاقتصادية العالمية من ناحية أخرى. وسيدرك نتانياهو سريعا أن الحديث عن سلام اقتصادي هو كلام فارغ وستزداد احتمالات انفجار جديد في المنطقة بعد انتهاء الهدنة المرتقبة القادمة إزاء استمرار خيار المقاومة مقابل استمرار بل وتصاعد التعنت الاسرائيلي.

أما بشأن علاقة الدولة والمجتمع الاسرائيلي بنا، فهنا أيضا يبدو أننا سندخل في مرحلة تصعيد خطيرة تتمثل أساسا بتبني الحكومة القادمة لخطاب ليبرمان العنصري بما يتعلق بمواطنتنا وبنزع الشرعية بالمطلق عن وجودنا السياسي، وكل ما يتعلق بتحقيق المساواة ولو في الأمور الحياتية اليومية.

المخاطر الحقيقية التي سنواجهها كأقلية قومية تتطلب ردا موحدا نحن قادرون عليه. وأول ما يستدعيه الوضع الجديد هو رفع مستوى التعاون والتنسيق بين الأحزاب العربية، بما فيها الجبهة الديمقراطية، والتجاوز الفوري لكافة الاشكالات الماضية.

الانتخابات من ورائنا ونتائجها الداخلية على مستوى المجتمع الفلسطيني جيدة، بل وتعتبر سابقة من حيث كنس الأحزاب الصهيونية بالكامل تقريبا، ثم تعزيز التمثيل العربي بمقعد إضافي. كذلك في اجتياز الأحزاب جميعها نسبة الحسم وتثبيت التيارات الثلاثة على الساحة وسقوط أي رهان كان على فشل التجمع الوطني الديمقراطي الذي حقق انجازا تاريخيا بزيادة قوته بالرغم من كل المؤامرات والملاحقات التي تعرض لها في السنوات ألأخيرة. كذلك البهجة الخاصة بالانجاز الكبير بوصول حنين زعبي أول امرأة عربية للبرلمان من خلال حزب عربي.

يجب أن يكون واضحا للجميع الآن أن أحدا لن يستطيع القضاء على أحد، وأن شعبنا النبيل قد منح ألأحزاب العربية فرصة قد تكون الأخيرة لترتيب علاقاتها الداخلية بمسؤولية وجدية يتطلبها الوضع الخطير الداهم. وهذا الأمر لن يتحقق من تلقاء نفسه ولا يمكن أن ينتظر كل طرف الآخر لكي يبادر فليسبق أحد القادة وليحصل على شرف المبادرة.

بادئ ذي بدء يجب وقف المناكفات الإعلامية والاستنكاف عن أي أفعال وردود أفعال تشحن الأجواء وتشيع التوتر على أن يبدأ العمل المشترك على الصعيد البرلماني، واتخاذ كافة الخطوات لتعزيز التأثير والتمثيل في اللجان من خلال إقامة بلوك برلماني واحد، وبالتوازي إجراء حوارات جدية وعميقة ثنائية وثلاثية على أعلى مستوى بين الأحزاب الثلاثة بهدف تصفية الأجواء، وحل أية إشكالات قائمة ووضع أسس للتنافس السياسي وللنقاش وحتى للاختلاف الفكري والسياسي حيث أننا لا نصبو ولا نريد للأحزاب أن تتخلى عن هويتها وبرامجها والانصهار في حزب واحد، بل إيجاد آليات للعمل المشترك والارتقاء تدريجيا لتوثيق التعاون بين كافة مركبات لجنة المتابعة بما فيها تلك التي لا تخوض الانتخابات البرلمانية.

لا يوجد ولو سبب واحد لكي لا يبدأ كل ذلك فورا.. فهل ممكن أن نعطي النصائح والمواعظ لحركتي "فتح" و"حماس" ببدء الحوار وصولا للوحدة الفلسطينية على ما بينهما من اقتتال ودماء واعتقالات، ولا نتحرك بالتوازي لتحقيق أقل من ذلك هنا مع الفارق الكبير بأن ما يفرقنا هنا اقل بكثير.

التعليقات