31/10/2010 - 11:02

عبد الله الإرهابي يدعوكم لفنجان قهوة../ عطا مناع

عبد الله الإرهابي يدعوكم لفنجان قهوة../ عطا مناع
اعتذر منكم، لأنني أزعجكم وأثقل عليكم وأقض مضاجعكم خاصة أصحاب الأحلام الوردية الذين لا وقت لهم لصغائر الأمور ومشاكل الفقراء المهمشين في المخيمات الفلسطينية. مرة أخرى أيها الناس أحاول أن أسلط الضوء على الكارثة التي ألمت بمخيم الدهيشة. إنها كارثة اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، ومشكلة العجز الفاضح للمختصين غير القادرين على تشخيص المشكلة التي تكاد تسحق ما تبقى من كرامة إنسانية لدينا نحن المسحوقين الذين تعاملوا معنا في يوم من الأيام حطبا لثورتهم التي أدارت ظهرها لنا.

خرجت عن الخط، لكنني أشعر بالقهر لشعوري بالظلم المركب، أليس الشعور بالظلم هو بداية الثورة عليه؟ لكن الظلم الذي يعانيه أطفال وسكان مخيم الدهيشة الملوث بمياه الصرف الصحي لا شبيه له أيها السادة. إنه الظلم المركب الذي لا علاج له إلا بوقفة حقيقية باستنفار كل الطاقات لمعالجة مشكلة ستحصد ما ستحصد من الأرواح وفي رمشه عين. أنا لا أحرض كما وصفني أصحاب الأبراج العاجية والأحلام الوردية والحسابات الشخصية، وأنا لا أنشر الإشاعات كما يحلو للبعض أن يقول، أنا هنا أحذر من الكارثة، أنا أدعوكم لتناول فنجان قهوة في مخيم الدهيشة، وسنحاول أن تكون محتوياته نقية.

هي دعوة خاصة لكل منكم من عبد الله الإرهابي المعثر المغلوب على أمرة الملاحق من شياطين الأرض والسماء، ادعوك سيدي الرئيس محمود عباس، ادعوك سيدي رئيس الوزراء سلام فياض، أدعو الكتل النيابية بدون استثناء لتناول فنجان قهوة وليتنشقوا أجواء التلوث، أدعو حركة فتح، وحركة حماس، أدعو الجبهة الشعبية وكل الجبهات، أدعو الصحفيين والأكاديميين والمهتمين بحقوق الإنسان، أدعو أنصار اللاعنف وأنصار العنف، أيضا أدعو الشهداء والأسرى والجرحى والأموات الأحياء والأحياء الأموات لجولة في عالمنا الغريب، أدعو ياسر عرفات الذي طلب من سكان المخيم أن ينجبوا عشرة أطفال هدية للمقاومة وفلسطين.

أنا عبد الله الإرهابي لقيط المرحلة، النبتة الشيطانية التي يتمنى البعض لو أنها لم تكن، أنا بضاعة القرن الواحد والعشرين المعروض في أسواق المنحرفين الذين باعوا كل ما وقعت أيديهم عليه، وأنا المنسي حتى من الله حيث لا تنفع صلاة الاستسقاء لسد رمق العطاش في المخيم المنكوب.

تعالوا يا أصحاب الفكر وجهابذة السياسة لنضعكم في صورة الكارثة التي ألمت بنا. ولكن قبل ذلك أريد أن أقول لكم أنهم أعلنوا حالة الطوارئ في منطقتنا ووطننا بعد ظهور حالات من أنفلونزا الخنازير وراء المحيطات، عقدوا الاجتماعات واستدعوا أصحاب الاختصاص رغم خلو وطننا من هذا المرض الذي قد لا نتعرض له. طلبنا منهم أن يعلنوا المخيم منطقة منكوبة، لكنهم لم يتجرأوا. صحيح أنهم والمقصود وكالة والغوث وسلطة المياه الفلسطينية ممثلة بسلطة المياه والمجاري يتواجدون عندنا كل يوم يأخذوا العينات ويفحصون ما يرى بالعين المجردة، وهذا جهد نشكرهم عليه إلا أنهم عاجزون عن التشخيص وعاجزون عن الفعل، إنهم يتخبطون في خضم الكارثة دون أي فعل علاجي.

دخلنا الأسبوع الرابع والتلوث يقف على أبوابنا متحفزا للفتك بنا رغم الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الجهات المتابعة، نحن الآن بين سنديان التلوث ومطرقة العطش. إن خزانات المياه التي تمد المخيم بما توفر لن تقينا عطش الصيف، والمشكلة قطعا تتفاقم، والحديث يجري عن شبكة جديدة وهي حتى الآن بعيدة المنال، والموت قد يخطف أحدنا أو بعضنا في كل لحظة. لا أضخم ألأمور لكنني أناقش الواقع كما هو بعيدا عن المساحيق التجميلية والنقاش البيزنطي، يا سادتي ندعوكم لتناول فنجان قهوة في مخيمنا المنكوب، ندعوكم لتتحملوا المسؤولية تجاهنا لأننا بشر مثلكم.

سأذهب للنوم أنا عبد الله الذي ما كان يوما إرهابيا، وأترككم لعالمكم، وتذكروا أنني دعوتكم لفنجان قهوة، أحذركم أننا لا نريدكم أن تحتسوا في مخيمنا القهوة السادة وتترحموا على أرواح أطفالنا كما جريمة برك سليمان التي أخذت من اثنين من أطفالنا الأبرياء لعيون الاستثمار الأسود، أيامها قالت لي الوزيرة مريم أبو دقة بحضور محافظ بيت لحم "ألقوا بابن مسؤول في برك سليمان"، كلماتها دغدغت مشاعر الحاضرين وخاصة أن هذه الكلمات صادرة عن وزيرة في السلطة الوطنية الفلسطينية، لحظتها تذكرت بعض الكلمات التي ضاعت في فوضى المرحلة والتي تقول: سجل أنا عربي، ورقم بطاقتي خمسون ألف، وأطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف، أنا لا أكرة الناس ولا احقد على احد، ولكني أذا جعت آكل لحم مغتصبي، حذار من جوعي ومن غضبي...

لا زالت دعوتنا لكم قائمة ،وهي شخصية ومباشرة وخاصة لرئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض.

التعليقات