31/10/2010 - 11:02

نهاية اللعبة باعتراف لاعب!../ د.اسكندر لوقـا

نهاية اللعبة باعتراف لاعب!../ د.اسكندر لوقـا
في اعتقادي أنه لم يكن مفاجئا لأحد من متتبعي أحداث المنطقة العربيّة، منذ تاريخ الحادي عشر من شهر أيلول 2001، أن يقرأ، قبل أيام قليلة، تصريحا لوزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس، يعترف فيه بأنهم - الأمريكيون - قد وصلوا إلى ما وصفه بـ " نهاية اللعبة " في العراق. ويتابع من ثمّ في هذا السياق القول: " ولكن على أمريكا أن تتحرك بحذر في سحب قواتها من البلد المضطرب".

ومهما يكن من أمر فإن اعترافا كهذا يصدر عن مسؤول أمريكي كبير بحجم وزير دفاع دولة عظمى، يعني الكثير بالنسبة لقارئ أحداث المنطقة لا بدءا من تاريخ أيلول عام 2001 فقط، بل أيضا من تاريخ غزو العراق من قبل جيوش الحلفاء بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية في نيسان من العام 2003 .

إن مثل هذا الاعتراف يسقط الأقنعة التي اختبأ الأمريكيون وحلفاؤهم وراءها يوم أعدّوا لعملية الغزو طويلا، ولكن مع بدء انحسار الموجة الأمريكية شيئا فشيئا عن أرض المنطقة عموما والعراق خصوصا، ومع مقاربة حقبة التبديل المتوقع في السياسة الأمريكية الخارجية بفوز مرشح الحزب الديمقراطي بمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة في تشرين الثاني المقبل، كان لا بد للوزير الأمريكي أن يمهّد لمثل واقعة الاعتراف هذه، لا من باب عودة الوعي إليه وإلى قادته، ولا من باب حسن النيّة، بل من قبيل وضع الأحجار الثقيلة في درب الإدارة الأمريكية القادمة، بغرض جعلها تتعثّر في حال عملت على إعادة النظر بشأن البقاء أو عدم البقاء في العراق في وقت بدأت تُسمع فيه أصوات عراقية، كما نلاحظ، لجهة الوصول إلى " تفاهم " حول اتفاقية أمنية مرتقبة مع الحكومة العراقية وإعلانها، بلسان وزير دفاعها العبيدي ، عزم بلاده على شراء مقاتلات أمريكية قادرة على حماية أجزاء البلاد كافة.

وفي سياق الإشارة إلى الحدث الذي يعنينا، نحن عرب المنطقة قبل الآخرين، القول بمنطق " اللعبة " الذي أعلنه الوزير غيتس، كأنما حياة الناس ومصائر بلادهم هي رهن البرهان على نجاح اللعبة أو عدم نجاحها. إن " لعبة " من هذا النوع مدانة مهما كان هدفها عندما تدفع سلام العالم إلى حافة الانهيار لا الانزلاق فقط في خندق حرب عالمية يمكن أن تبدأ في مكان ما ولكن لا يمكن لأحد أن يتكهن أين ومتى وكيف يمكن أن تنتهي إذا ما غرق اللاعبون في بحر الشعور بنشوة اللعب، وذلك على نحو ما شاهدنا فصوله في دول البلقان وفي أفغانستان وأخيرا في العراق، وكدنا نشاهد مثيلا لما حدث هناك في لبنان الشقيق لولا يقظة حكماء في المنطقة، مرورا بمن هم في سورية ودولة قطر وبعض الأصدقاء وصولا إلى ما نحن عليه اليوم حيث بدأنا نقرأ، في ثنايا المستقبل القريب، ما يوحي بهزيمة التآمر على لبنان وما وراء لبنان، وانتصار الحق على أعدائه.

إن اعتراف اللاعب، أي لاعب في الحقل السياسي، بأن دوافعه للاعتداء على أمن العالم وسلامة أبنائه، كانت لمجرد اللعب وأن وقت نهايتها قد حان، لا يمكن أن يلقى ترحيبا من أحد بل سوف يلقى استنكارا واستهجانا دوما من قبل شعوب العالم كافة.

وهذا ما سيقابل به اعتراف وزير دفاع الولايات المتحدة روبرت غيتس، القائل بتاريخ العاشر من الشهر الحالي، وبالحرف الواحد: " إن الولايات المتحدة الأمريكية وصلت الآن إلى نهاية اللعبة في العراق ". فبعد هذا الاعتراف كيف يمكننا أن نصدّق مستقبلا ما يقال عن مسعى ما تبذله أو سوف تبذله الولايات المتحدة الأمريكية، لجهة الدفاع عن الديمقراطية أو السيادة أو الاستقلال، في أي بلد من بلدان العالم ؟
"شام برس"

التعليقات