31/10/2010 - 11:02

هزيمة إسرائيل وإرادة الانتصار على الذات../ عطا مناع*

هزيمة إسرائيل وإرادة الانتصار على الذات../ عطا مناع*
راهنوا على سحق المقاومة، صمتوا واتهموا وحاصروا ورقصوا على أشلاء أطفالنا، اختلفوا معنا واتفقوا علينا وهتفوا من أعماقهم تسقط المقاومة، لم يدركوا أن الشعوب وحدها تصمد وتنتصر، وأنها دائما تًسقط كل الرهانات الغبية ومراسيم القمع والبوليس المستنسخ الذي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، بوليس لا يعرف سوى لغة العصا وإرهاب المواطن، لكنهم فشلوا وخاب رجاؤهم، وصمدت المقاومة في وجه الموت وهمجية الموقف وغياب الذات العربية الرسمية الغارقة في غابة من القمم.

نعم لقد صمدت المقاومة وانتصرت وخرجت من تحت الرماد كما الفنييق لينقلب السحر على الساحر وتذهب الخطابات والتصريحات المتساوقة مع العدوان هباء، لتتحول صدى لأصوات آلاف الأطنان من المتفجرات التي أسقطت على غزة لتحصد أكثر من 6000 شهيد وجريح لهم المجد لأن دماءهم كانت العامل الأساس في الكشف عن عقيدة القتل الإسرائيلية التي تتعامل مع الفلسطينيين كأهداف وليس كبشر تنطبق عليهم ما يسمى باتفاقية جنيف والقوانين والأعراف الدولية التي تضمن للمدنيين حقوقهم في زمن الحرب.

المقاومة صمدت وانتصرت ومعها المئات من الملايين الذين وقفوا لجانبها وهتفوا باسمها ودعموها بخروجهم في شوارع العواصم العربية والأجنبية ليسقط القناع عن ديمقراطية الدجل التي تنادي بها دولة الاحتلال الإسرائيلي وعن النظام الرسمي العربي الذي سيعاني من نتائج صمته على إبادتنا على مدار 22 يوما، وبذلك هزم ما يسمى بالتيار العربي المعتدل هذا التيار الذي يتحمل مسئولية كبيرة عن جرائم الحرب التي ارتكبتها دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين.

لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية بصمودها والالتفاف الذي حققته أن ثقافتها هي الأساس لأي تحرك وطني فلسطيني في التعامل مع المحتل الذي اعتقد أن حربه ستكون مجرد نزهة أو ضربة جوية وانتهى الأمر، لكن الصمود الأسطوري للشعب أولا وللمقاومة ثانيا فاجأ التحالف غير المقدس الذي تشكل بعض الأنظمة العربية أحد أعمدته الفاعلة في العلن والخفاء، حيث جاءت النتائج بعكس رياح ما يسمى بالتسوية والتفريط بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ليعاد ترتيب أولويات المشهد السياسي الفلسطيني والفعل الوطني لشعبنا وقواه المقاومة التي ستمسك بالحلقة المركزية لمستقبل الشعب الفلسطيني مما يعني غياب الفعل التسووي، وانبعاث ثقافة المقاومة التي ستواجه ضغوطات هائلة كنتيجة لانتصارها وعدم اقتناع الآخر بانتصارها أو محاولة تفريغ الانتصار من مضمونة.

من المفترض أن تتغير قواعد الصراع الفلسطيني الداخلي بعد ما حققته المقاومة وشعبها من صمود وانتصار، وأهم ما يقلق المواطن الفلسطيني بعد هذا الصمود قواعد الصراع الداخلي وكيفية الوصول للانتصار الكبير ألا وهو إعادة اللحمة السياسية وتجاوز الخلافات الفلسطينية الداخلية التي كانت دافعا أساسيا للاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جريمة غزة، مما يدعوني للاعتقاد أن المرحلة المقبلة حساسة وخاصة مع بقاء الفجوة الداخلية خلال العدوان على غزة وتنامي ثقافة الانتقام في بعض الأوساط التي ما انفكت على توجيه اللوم للمقاومة وحماس والرهان لصالح الثالوث الإسرائيلي اولمرت باراك ليفني واتخاذ إجراءات ميدانية باسم القانون لمنع الفلسطيني في الضفة الغربية من المشاركة الفعلية بصد العدوان.

رغم كافة الخطايا التي ارتكبت بحق الذات الفلسطينية ميدانيا أو سياسيا أو دبلوماسيا والمتمثل في غياب رأس الهرم الفلسطيني عن قمة غزة الطارئه التي عقدت في الدوحة، فنحن في أمس الحاجة لتتويج انتصارنا على الإسرائيلي بانتصار آخر على الذات الفلسطينية، ولن يتأتى هذا الانتصار إلا بتجاوز الخطايا والإخفاقات من خلال وقفة فلسطينية حقيقية صادقة بمشاركة القوى الفاعلة للشعب، وقفة تتسم بالوضوح والمكاشفة واستخلاص النتائج والعبر ومعالجة أسباب الانقسام بعد سقوط ورقة التوت عن المدعي الإسرائيلي الذي تشدق بالسلام ولعب على عامل الزمن للانقضاض على الشعب الفلسطيني وقضيته.

من المعيب وبعد هذا الصمود أن لا تحترم القيادة الفلسطينية تضحيات شعبها، والمنتظر من هذه القيادة اتخاذ خطوات فك الارتباط مع الذين يجاهرون بضرب الشعب الفلسطيني بقنبلة ذرية وهذا ما نطق به عضو الكنيست المتطرف زعيم إسرائيل بيتنا افيغدور لبيرمان وما اتفق علية الشارع الإسرائيلي بأغلبية 85 % لسحق المقاومة وغزة. إذن هم متفقون على ذبحنا وإبادتنا والمطلوب من المفاوض الفلسطيني أن يفهم العقلية الإسرائيلية المماطلة، مع علمي الأكيد أن طاقم المفاوضات يعرف إسرائيل أكثر من غيره، لذلك لا مجال إلا للحوار ولن يستوي الحوار إلا بالجلوس على الطاولة ولن يكون الجلوس مجديا إلا بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين من سجون السلطة، والاعتراف بالواقع الذي يقول إن دولة الاحتلال لا تصبو للسلام، وأن تحقيق المصالح الوطنية الفلسطينية والثوابت المشروعة لشعبنا يتم بالوحدة الداخلية التي أدركنا الحاجة الملحة لها في الحرب على غزة.

التعليقات