23/06/2011 - 10:46

حينما يغدو المشهد الإسرائيلي مثقلا بـ"نقاط التحول"؟!../ نواف الزرو

"نقطة تحول"!.. هي تلك المناورات والتدريبات والاستعدادات الحربية الإسرائيلية الجارية على قدم وساق لمواجهة احتمالات وسينارياهات الرعب القادمة على تلك الدولة الصهيونية

حينما يغدو المشهد الإسرائيلي مثقلا بـ
"نقطة تحول"!..
هي تلك المناورات والتدريبات والاستعدادات الحربية الإسرائيلية الجارية على قدم وساق لمواجهة احتمالات وسينارياهات الرعب القادمة على تلك الدولة الصهيونية.
 
نقطة تحول!..
هي... وللمرة الأولى في "تاريخ إسرائيل" التي يجتمع فيها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينيت" داخل حصن موجود تحت الأرض فى مدينة القدس، وموفر له كامل الصلاحيات لإدارة الأمور أثناء الحرب وأحداث الطوارئ/ عن معاريف الأربعاء 22 / 06 / 2011".
 
نقطة تحول...بدأت بالرقم-1- ثم تسلسلت لتصل إلى الرقم-5-...
ونقطة التحول الخامسة هذه –ولن تكون الأخيرة- انطلقت الأحد 2011-6-19 بأضخم عملية مناورات وتدريبات عسكربية حربية صهيونية تحت اسم:"نقطة تحول-5".
هذا ما أطلقوه عليها..
 
 فالماثل أمامنا انهم على مستوى المؤسسة العسكرية والسياسية والإعلامية، وكذلك على مستوى الرأي العام الإسرائيلي، يربطون ربطا جدليا ما بين هذه التدريبات والمناورات "المتحولة.. المتسلسلة من 1-5 حتى الآن ..."، وما بين حرب الصواريخ القادمة التي باتت تهيمن على الخطط والقناعات والمناخات والسيكولوجيا الاسرائيلية!
 
فالإسرائيلي عموما، من الرئيس، إلى رئيس الوزراء، إلى الوزراء، إلى كبار الجنرالات والضباط، إلى الجنود في كل مكان، إلى رجال الدين-الحاخامات، إلى رجال الإعلام والأكاديميا، إلى عصابات المستوطنين في أنحاء الضفة، كلهم بالإجماع أصبحوا ينتظرون اندلاع حروب، وهم يرون حرب الصواريخ القادمة عبر هذه التدريبات العسكرية الأوسع والأشمل في تاريخ تلك الدولة الصهيونية!
 
فنقطة التحول، في مضمونها العسكري، تشكل نقطة تحول ليس على مستوى التدريبات والاستعدادات الحربية لديهم فقط، وإنما أخذت تتكرس كنقطة تحول إستراتيجي في المواجهات العسكرية الحربية منذ الهزيمة الحارقة التي لحقت بجيشهم الذي لا يقهر في تموز/2006، وشكلت بالتالي نقطة تحول سيكولوجي في استعداداتهم النفسية لمواجة حروب أخرى مع حزب الله وعلى الجبهات الأخرى!
 
بل يبدو أن المشهد الإسرائيلي بات مثقلا بـ"نقاط التحول" المقترنة بسيكولوجيا الرعب والقلق، وهواجس الوجود، من الحرب ومن الخسائر ومن الهزيمة المحتملة، ومن المستقبل الغامض، ومن احتمالات الانهيار الشامل!
 
وزير "الجبهة الداخلية" الإسرائيلية، الجنرال متنان فيلنائي، رسم سيناريو الرعب الإسرائيلي المتوقع في أية حرب مستقبلية مع العرب، ويتمثل بسقوط آلاف الصواريخ يوميا، لمدة شهر كامل على الأقل، واستهداف محطات إنتاج الطاقة والبنى التحتية، والمؤسسات الاقتصادية، وتعرض مدينة تل أبيب لقصف مكثف/ 06/06/2011".
 
وحينما يرسم فيلنائي سيناريوهات الرعب الماثلة في الأفق، فإن في ذلك معان ودلالات حربية صريحة!
 
فقد قال فيلنائي في لقاء مع أرباب الصناعة والتجارة والأعمال: "ستسقط آلاف الصواريخ يوميا على إسرائيل، وسترتفع ألسنة النيران من مواقع استخراج الغاز، ينبغي أن نكون مستعدين لحرب شاملة مع سوريا وحزب الله وحماس"، واصفا مواقع التنقيب عن الغاز في عرض البحر بأنها الخاصرة الرخوة لإسرائيل. موضحا: "السوريون ليسوا بحاجة لإطلاق عشرات الصواريخ على تلك المواقع، فلديهم منظومات دقيقة، ويكفي بضعة صواريخ لإحراق كل شيء". وقال فيلنائي "إن العرب يعرفون استخلاص الدروس، هم لا يخافون، ولا يهربون كما علموكم ذات مرة، انسوا ما علموكم إياه، هم يعرفون أنهم لا يمكنهم هزيمة إسرائيل في ساحة المعركة، لهذا يستعدون لضربها في العمق بواسطة الصواريخ، يمكنكم احتساب كم صاروخ بحوزتهم، كم منها يمكننا قصف مواقع إطلاقها، وكم سنسقط منها قبل وصولها، سيطلقون علينا آلاف الصوارخ والقذائف، وستسقط مئات الصواريخ وما في منطقة المركز، هذا ما سيحصل هنا، وسيستمر شهرا عل الأقل، دون توقف".
 
والمحلل الاسرائيلي جدعون ليفي كتب في /هآرتس 12/12/2010 تحت عنوان: "ربما لا يوجد خيار عسكري" يبشر الاسرائيلييين-أو يضعهم في صورة الحقائق القائمة والقادمة- قائلا: "ستكون الحروب الآتية هي حروب الجبهة الداخلية. وهذه المرة ستتضرر الجبهة الداخلية الإسرائيلية على نحو لم نعرفه من قبل، فقد كانت حرب الخليج الأولى وحرب لبنان الثانية من هذه الناحية المقدمة لما قد يحدث فقط. إن هجوما بآلاف الصواريخ، كما يتنبأ الخبراء، سينشئ واقع يصعب على إسرائيل الصمود فيه، فهي غير مجهزة لذلك، وقد رأينا هذا في الكرمل، وهي غير مستعدة لذلك، وقد رأينا هذا في حرب لبنان"، مضيفا: "يجب أن يفهم كل زعيم إسرائيلي، مغامر وخريج دورية القيادة العامة، أن خيار الهجوم ليس خيارا في الحقيقة، صحيح أننا نجحنا في عدة عمليات قصف في الماضي لكن الحصانة لن تظل أبدا، ولن تكون صواريخ سكاد جوفاء دائما. لن تكون ألف وحدة إطفاء جديدة ولا حتى "القبة الحديدية" حماية – لانه لا يمكن بناء قلعة لكل مواطن، ومن هنا ينبع الاستنتاج الثاني غير الممتنع، الذي يجب أن يتغلغل عميقا عميقا، لا عند الساسة والقادة العسكريين فحسب، بل عند مُؤججي الحرب الكثيرين عندنا، وهو أن الخيار الوجودي الوحيد هو الاندماج في المنطقة (وهذا مصطلح أبدعه أوري افنيري قبل عشرات السنين)، فلينظر القوميون والمستوطنون والرافضون والعسكريون والأمنيون ومؤيدو الضم، والصقور واليمينيون وذوو الشعور الوطني، والمتحمسون والخلاصيون فيما حدث في الكرمل، وليقولوا لنا إلى أين يريدون المضي بهذا، ليُبيّنوا لنا من فضلهم أي خيارات تواجه إسرائيل عندما تقول "لا" لكل احتمال سلام، وجبهتها الداخلية ضعيفة إلى هذا الحد، أي أمل لها إذا استمرت على العيش على سيفها فقط الذي كان ذات مرة قويا مُهدِّدا، وأخذ يصدأ الآن"، مذكرا برابين وحدود القوة الاسرائيلية: " كان رئيس الحكومة إسحق رابين هو الذي اعترف ذات مرة في حديث خاص، بأن التقدير المركزي الذي بعثه على المضي إلى مسيرة أوسلو هو الاعتراف بحدود القوة الإسرائيلية".
 
وانتقالا إلى التنفيذ على الأرض، فحينما تباشر وحدات جيش الاحتلال الصهيوني المناورة العسكرية السنوية الأكبر في تاريخها التي أطلق عليها اسم (نقطة تحول 5)، فإن لذلك حسابات ودلالات!..
 
 فقد نقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة/ الأحد 19 / 06 / 2011 -عن الجيش قوله إن هذه المناورة تهدف إلى اختبار مدى جاهزية الجيش لخوض حرب تجرى على جبهات عدة في ذات الوقت وتحاكي احتمالية سقوط مئات الصواريخ على المدن والتجمعات السكنية الإسرائيلية ومنها تل أبيب والكنيست الاسرائيلي في القدس، تطلق من إيران وسوريا ولبنان وقطاع غزة. وتشارك فيها إلى جانب الجيش كافة الأجهزة الأمنية "راحيل – سلطة الطوارئ الوطنية" و"قيادة الجبهة الداخلية" والشرطة و"نجمة داوود الحمراء" ووزارات الحكومة والسلطات المحلية ومنظمات تشغل بنى تحتية استراتيجية، وتركز على تدريب قيادات قوات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية وعمل الوزارات، وستحاكي تعرض الجبهة الداخلية المدنية الاسرائيلية لهجمات صاروخية مكثفة في جميع أنحاء إسرائيل، وسيتم خلالها أيضا اختبار مدى استعداد الجبهة الداخلية في إسرائيل لسقوط صواريخ غير تقليدية في جميع أنحائها وتضرر البنى التحتية الوطنية فيها... ويعمل الجيش الإسرائيلي على "وضع مختلف الاستعدادات والآليات الخاصة بكيفية التعاطي مع سيناريوهات عدة قد تتعرض فيها البنى التحتية في إسرائيل كشبكتي الحواسيب والاتصالات لهجوم الكتروني".
 
وفي إسرائيل يسود شعور جديد في ظل التحولات التي تشهدها بعض الدول العربية بوجود إشكالية حقيقية تتعلق بتغيير واضح في موازين القوى في المنطقة التي تتجه شعوبها نحو مزيد من العداء لها.
 
إلى ذلك، وقبل ذلك، صادقت لجنة التخطيط والبناء القطرية في إسرائيل على "خطة تقضي باختيار أماكن متعددة في جميع أنحاء إسرائيل لكي تكون بمثابة مقابر جماعية في حالة حدوث كارثة ما في إسرائيل، تؤدي لمقتل الآلاف.
 
وجاءت هذه الخطوة في إطار استعدادات الحكومة الإسرائيلية لاحتمالات تعرض اسرائيل لهجوم كبير بالصواريخ في حالة نشوب نزاع"، وأشارت صحيفة يديعوت- الثلاثاء 14 / 06 / 2011 -إلى أن الطاقم حدد ثمانية أماكن رئيسية لجمع الضحايا فيها، وهي (روش بينا، العفولة، حيفا، تل أبيب، موديعين، الرملة، اللد، ومنطقة السبع) موضحة أن رئيس الوزراء نتنياهو يقف وراء الفكرة المذكورة بعد مشاورات مع الأطقم الأمنية والاستخبارية في الدولة.
 
وكانت عرضت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست خريطة للمناطق الإسرائيلية الواقعة تحت تهديد الصواريخ في أي حرب مستقبلية، مرجحة سقوط عشرات الصواريخ على مدينة تل أبيب والقدس الغربية ودخولهما تحت دائرة التهديد. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت- الثلاثاء 14 / 06 / 2011 أنه جرى تقديم هذه المعلومات من قبل الجنرال "يائير جولان" قائد الجبهة الداخلية خلال جلسة خاصة للجنة الخارجية والأمن، وبحضور رؤساء السلطات المحلية، حيث تناولت الجلسة استعدادات السلطات المحلية في أوضاع الطوارئ، بناء على المعطيات الجديدة التى قدمتها الجبهة.
 
وقال جولان أمام اللجنة إن "مدة الحرب خلال أية مواجهة مقبلة ستكون طويلة أكثر وعدد الصواريخ سيكون أكبر، وكذلك مداها سيكون كبيرا، وسيلاحظ تحسن ودقة فى إصابتها للأهداف".
 
من جهته أوضح العقيد "آفي ميشور" رئيس الفرع السكاني بالجبهة الداخلية أن "المعطيات المقدمة مبنية على معطيات استخبارية ومعطيات أخرى، وكل رئيس بلدية تسلم سيناريو لتعامل مع كم الصواريخ المتوقع سقوطها خلال أية مواجهة مقبلة وحجم الضرر الذى ستحدثه".
 
وفي السياق نفسه، قال رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست شاوؤل موفاز إن "المراكز السكانية أصبحت هدفاً في الحرب المقبلة والصواريخ التي ستتساقط ستخلق شللاً فى الحياة العامة".
 
وأظهرت المعلومات الإسرائيلية الجديدة للجبهة أن مدينة القدس ستتعرض لسقوط مئات معدودة من الصواريخ ستنطلق من الشمال والجنوب، كما سيسقط المئات منها على "كريات شمونا" وصفد والكرمل وحيفا وهذه القرى صنفت بأنها مهددة، وأضافت "يديعوت" أن قيادة الجبهة الداخلية تعتقد أنه ستسقط العشرات من الصواريخ على مدينة تل أبيب و"حولون" و"بات يام" وبئر السبع، ونقلت "يديعوت أحرونوت-: 15/06/2011 - " عن مصادر استخبارية غربية قولها إن مدينة إيلات أيضا لن تكون بمأمن من تهديد صواريخ "سكاد" في الحرب القادمة، مشيرة إلى أنه في حرب الخليج الأولى عام 1991 تحولت إيلات إلى ملجأ للإسرائيليين الهاربين من منطقة المركز التي كانت تتعرض لقصف الصواريخ العراقية.
 
 واستتباعا- بات واضحا تماما، أن كل هذه التدريبات البرية والجوية والبحرية التي أجرتها وتواصلها دولة الاحتلال، وصولا إلى تدريبات المؤخرة أو العمق أو الجبهة الداخلية الأخيرة "نقطة تحول.." على تماس مباشر باحتمالات حروب الصواريخ القادمة، وتجمع في هذا السياق جملة من الاعترافات والشهادات الإسرائيلية المتتابعة على تفاقم حالة القلق والرعب مما يطلقون عليه "انكشاف الجبهة الداخلية للصواريخ"، التي أخذوا هم يطلقون عليها أيضا "البطن الإسرائيلية الرخوة"!..
 
فـ"إسرائيل" لم تتوقع أبدا ولا حتى في أسوأ كوابيسها أن تنكشف الجبهة الداخلية الإسرائيلية على هذا النحو المرعب، فكتب المحلل يونتان شم –اور في صحيفة معاريف معلقا على تأثير الصواريخ التي ضربت العمق الإسرائيلي: "يعرفون الآن ما الذي يفعلونه، يعرفون الآن كيف يهزموننا".
 
ويمكن القول إن هواجس الرعب والقلق من ضرب وتدمير العمق – بمعنى المدن والبنية التحتية الإسرائيلية في أي حرب قريبة، إنما تفاقمت وتكرست، فقد كان رئيس وزرائهم نتنياهو، بحث في جلسة خاصة "جهوزية الجبهة الداخلية لحالات الطوارئ، بمشاركة قادة الأجهزة الأمنية الذين قدموا خلال الجلسة سيناريوهات محتملة لمواجهات في المنطقة، وبحثوا في خطط لإخلاء مئات آلاف السكان من منطقة المركز إلى المستوطنات في الضفة الغربية ومدينة إيلات في حال تعرض الجبهة الداخلية لقصف صاورخي/ يديعوت /7/3/2010".
 
و"البطن الإسرائيلية الرخوة" إن ضربت بقوة تدميرية كبيرة، من شأنها أن تهز أركان المجتمع الإسرائيلي، وهذه الاحتمالية حاضرة في مخططاتهم، ففي المشهد الاستراتيجي الحربي الإسرائيلي يعترفون بـ"أن إسرائيل بكاملها باتت في هذه الأيام تقع تحت مرمى الصواريخ وكذلك تحت وطأة مناخات ما يطلقون عليه عسكريا "تدريبات ومناورات الجبهة الداخلية لإعدادها لحرب الصواريخ القادمة".
 
يشعرون هناك بأن المخاطر تتعاظم على هذه الجبهة، أكثر من أي وقت مضى، وليس صدفة أن القادة والمعلقين الإسرائيليين يتحدثون حول رقم 40-60 ألف صاروخ من مختلف الانواع والمديات التي يقولون إنها غدت تشكل ردعاً يردع الردع الإسرائيلي المعهود".
 
ويمكن القول، إن هواجس الرعب والقلق من ضرب وتدمير العمق –بمعنى المدن والبنية التحتية الإسرائيلية في اي حرب قريبة، إنما تفاقمت وتكرست، ووصلت إلى مرحلة قال عنها بعضهم "إن العد التنازلي لخراب إسرائيل بدأ يقترب"!..

التعليقات