26/12/2013 - 15:19

عن مقومات الإنسان الأساسيةِ ونقاط قوتِهِ../ فراس غنادري

بالإضافة لأنماطِ التفكيرِ والشعورِ والسلوك الشخصية، يتمتع كل إنسان ببعضٍ من المقومات الأساسية ونقاط القوة، التي تتكون وتتبلور بتأثير الوراثةِ والتربية ومرحلةِ الطفولةِ المبكرةِ والأحداث والتجارب والتفاعلات مع بيئاتهِ المختلفةِ وكيفيةِ تأثيرها عليهِ وتأثيرهِ عليها

عن مقومات الإنسان الأساسيةِ ونقاط قوتِهِ../ فراس غنادري

 بالإضافة لأنماطِ التفكيرِ والشعورِ والسلوك الشخصية، يتمتع كل إنسان ببعضٍ من المقومات الأساسية ونقاط القوة، التي تتكون وتتبلور بتأثير الوراثةِ والتربية ومرحلةِ الطفولةِ المبكرةِ والأحداث والتجارب والتفاعلات مع بيئاتهِ المختلفةِ وكيفيةِ تأثيرها عليهِ وتأثيرهِ عليها.

وكما هو مطلوب من الإنسان أن يعي مشاعره ليمكنهُ هذا الوعي من التحكم بسلوكه، كذلك على الإنسان أن يعي ما هي مقوماته الأساسية ونقاط القوة لديه ليُسخرها في سلوكه عامةً وفي عمليةِ التعلمِ وتطوير القدرات والتدفق في مواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات والنجاح، وربما الاكتفاء والسعادة.

وفقاً لنموذج  “Ofman Hjorth” على الإنسان أن يعي أيضاً أنه يُنظرُ إلى المبالغةِ في تسخير وممارسة نقاط قوته (Core Qualities) كشَراكٍ (Pitfalls) يوقع ذاته فيها! حيث يتوقع مجمل الناس من الشخص الذي يبالغ في استحضار نقاط قوته في تصريحاتهِ وتواصلهِ وتفاعلاتهِ المختلفةِ (رغم تقديرهم الأساسي لها) أن يتصرف بشكلٍ آخر، وأن يأتي بنقيضها ولو في بعض الأحيان! لكن هذا يُشكلُ تحدياً (Challenge) وأمراً يكاد أن يكون مستحيلاً! حيثُ أن مقوماتنا الأساسيةِ ونقاطِ قوتنا هي انعكاس عميق ومتجذر لمعتقداتنا، ولما نحتت فينا تجارب الحياة وتفاعُلاتها، ولا يمكننا أن نكون ولا أن نتصرف بعكس حقيقتنا وطابعنا ومقوماتنا، وكل سلوك من هذا القبيل يكون بمقام "حساسية" (Allergy) وفقاً لمفاهيمنا... فمقولة "كن ذاتك" لم تأتِ من فراغ"..

وللتوضيح أورد هنا بعض الأمثلة لبعض نقاط القوة ولشراك المبالغةِ بها من منظور الناس ولتوقعاتهم المتناقضة مع ذات الفرد ومقوماتهِ:

1- الثبات على المواقف: ينظر الناس إلى الإنسان الذي يبالغ في الإصرار على مواقفه كمتعنت ويتوقعون منه بعضاً من الليونة في سلوكه ومواقفه، الأمر الذي يعتبرهُ هو تراخياً في القيم التي يؤمن بها وعدم مبدئية؛

2- العاطفية: يرى الناس الإنسان الذي يُكثر من العواطف والأحاسيس كضعيفٍ، ويتوقعون منهُ بعضاً من العمليةِ في سلوكهِ، وهذا ما لا يتقبلهُ هو لأنه يرى فيه عدم إحساس وقساوة وجمود في المشاعر والتصرفات؛

3- المتابعة والمنهجية: تُستوعب المبالغة في المنهجية والحث في التواصل مع الناس على أنها إزعاج ومضايقة، ويتوقعون من الشخص المنهجي التحلي بالصبر وإعطاء الأمور مساحة من الوقت، فيكون هذا عدم نجاعة وقصورا في الأداء حسب تفكيره ومعتقداته هو؛

4- النظام: تُستقبل المبالغة في النظام على أنها صلابةً وتزمت، ويتوقع الاّخرون مساحةً من العفويةِ، وهذا يشعِر الانسان المنظم بفقدان الهيكليةِ والسيطرة؛

5- الفُكاهة: تُعتبر المبالغة في المُزاح والفُكاهةِ على أنها عدم جدية، وربما استهزاء بالأمور و/أو بالناس الذين يتوقعون جديةً أكبر في السلوك، لكن هذا ما يعتبرهُ الشخص المرح على أنهُ جُمود في شخصيته يتناقض مع ذاته وطبيعته!


ويمكننا تطبيق وتفعيل منطق نموذج “Ofman Hjorth” على جميع ومختلف نقاط القوةِ لدينا. وهنا يُسألُ السؤال: ما هو الحل؟ وما المخرج من التناقض الحاصل بين نقاط قوتنا وممارستنا وتفعيلنا لها، وبين عدم قدرتنا وعدم قابليتنا لأن نكون على عكس ما نحن بالواقع؟

بحسب نموذج “Ofman Hjorth” يكمنُ الحلُ في وعينا للشراكِ التي قد نقع فيها نتيجةً للمبالغةِ في مدى وكميةِ استحضارنا لنقاط قوتنا في سلوكنا، وطُغيانها على ممارساتنا المختلفةِ بحيث يجب أن نديرها ونتحكم بوتيرتها وأن نُفعلها بشكلٍ متزنٍ يبقي ويحافظ على تأثيرها الايجابي في وصولنا لأهدافنا ولنجاحاتنا المتوخاة من دون الوقوع في مصائد المغالاة بها، أي بالإضافة لأهمية الحفاظِ على نقاطِ القوةِ المختلفةِ يجب الوعي والتعود الفعال والتنبه لعدم المبالغةِ بها وفقاً للمثل الشعبي القائل: "كُلشي زاد، نَقَص".

وأما عن الأمثلة أعلاه، فالمطلوب الوعي وعدم المغالاة في الإصرار كي لا يُحسب تعنتاً، ولا في العواطف كي لا تُعتبر ضعفِاً، ولا في ملاحقةِ الناس كي لا تكون إزعاجاً، ولا في النظامِ كي لا يصبح تزمتاً، ولا في الفكاهة كي لا تكون مسخرةً.

عزيزي الإنسان كن ذاتك مع قدرات ووعي.

التعليقات