12/06/2015 - 16:39

"جنيف" اليمني بلا أفق/ بشير البكر

يلتقي اليمنيون في جنيف خلال يومين، تحت مظلة الأمم المتحدة بعد أشهر من القتال والدمار، وسط غموض حول جدول الأعمال، وتضارب شديد بين مواقف الأطراف التي ستجلس حول طاولة المفاوضات،

يلتقي اليمنيون في جنيف خلال يومين، تحت مظلة الأمم المتحدة بعد أشهر من القتال والدمار، وسط غموض حول جدول الأعمال، وتضارب شديد بين مواقف الأطراف التي ستجلس حول طاولة المفاوضات، وهي، من حيث المبدأ، تتكون من طرفين رئيسيين، الشرعية التي يمثلها رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، والجهة التي انقلبت على الشرعية، وتتكون من الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح. وإلى هاتين الجهتين، سوف تحضر أطراف أخرى، يمنية وعربية وأجنبية. ومن الأطراف اليمنية سوف يشارك فاعلون من ممثلين ذوي ثقل في الأزمة، كأحزاب وشخصيات، لكن هؤلاء ينقسمون بين معسكري النزاع.

ليست طريق جنيف مرسومة المعالم بوضوح، وهذا أمر تتحمل الأمم المتحدة مسؤوليته بالدرجة الأولى، لأنها لم تضع جدولاً محددا للأعمال، يحظى بموافقة مسبقة من الطرفين اللذين تفصل بينهما هوة كبيرة، ولذا بدا موقف الأمم المتحدة مرتبكاً، منذ بادرت إلى الدعوة إلى مؤتمر جنيف، وضربت له موعدا في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، وكان الارتباك واضحا من نص الدعوة التي تضمنت "محادثات"، ما يشي بأن جدول الأعمال مفتوح، ولكل طرف الحرية أن يحدد نقطة البداية التي تناسبه، ويهم الأمم المتحدة، قبل كل شيء، عقد اللقاء، لأنها تراهن على إمكانية إقناع الطرفين بالوصول إلى قواسم مشتركة تسمح بتطوير الحوار إلى حل.

ولكن المؤشرات الأولية لا توحي بأن طرفي الأزمة في وارد التفاهم على جدول أعمال مشترك، فالحوثيون وممثلو صالح قرروا الذهاب إلى جنيف، وهم يقولون إنهم قبلوا المشاركة من دون شروط مسبقة، بينما اعتبرت الشرعية أن لقاء جنيف ليس للتفاوض، بل من أجل الاتفاق، برعاية الأمم المتحدة، على آلية لتطبيق قرار مجلس الأمن 2216، الذي يتضمن، في جوهره، استعادة الدولة من يد الحوثيين. وحين يقول هؤلاء إنهم ضد وضع شروط مسبقة للحوار في جنيف، فمعنى ذلك أنهم يريدون، أولا، تثبيت الموقف عند النقطة التي وصل إليها يوم اجتياح صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي، والذي أسفر عن "اتفاق السلم والشراكة" برعاية مبعوث الأمم المتحدة السابق، جمال بنعمر. وهم في كل مواقفهم يعتبرون هذا الاتفاق أمرا مقضيا ولا رجعة عنه. والمسألة التي تعني الحوثيين، في هذه الفترة أكثر من غيرها، هي الحرب والأضرار التي ترتبت عليها. وقد تسرب من محادثاتهم في مسقط مع الطرف الأميركي أنهم يطالبون بتعويضات مالية ضخمة تصل إلى 200 مليار دولار، حتى يقبلوا بوقف إطلاق النار، والانسحاب من مناطق محددة في الجنوب مع الاحتفاظ بحق التدخل. وحين يتمترس الحوثيون وأتباع صالح وراء هذه المطالب، فإنهم يقومون بذلك من منطلق تسلحهم بورقتين هامتين. الأولى، الموقف الميداني والسيطرة العسكرية على مواقع في المدن الرئيسية، وخصوصا صنعاء وعدن وتعز. والثاني، التفاهمات بينهم وبين الولايات المتحدة التي تمت بمشاركة إيرانية في مسقط، وأحد بنودها الأساسية محاربة تنظيم القاعدة.

وما لا يقوله أحد، حتى الآن، أن لقاء جنيف يأتي بضغط أميركي، أولاً، فبالنسبة للولايات المتحدة تبدو الحاجة ماسة لإيقاف القتال في هذه المنطقة، لعدة أسباب، منها الخوف من أن يتطور إلى حرب حدودية واسعة بين السعودية والحوثيين الذين تضع إيران ثقلها من خلفهم. وثانياً، تريد واشنطن الهدوء في هذه المنطقة، لكي تذهب باتفاقها النووي مع إيران حتى النهاية. ولا يخفى على أحد أن محصلة الضغط الأميركي سوف تترجم عناصر قوة لصالح الحوثيين وأتباع صالح على طاولة المفاوضات، الأمر الذي لا يقدم حلاً مقبولاً على الصعيدين، اليمني والإقليمي.

(العربي الجديد)

التعليقات