09/02/2016 - 18:40

البرلماني وغير البرلماني في ترتيب نتنياهو الجديد../ سليمان أبو ارشيد

نتياهو يستكمل مخططا يهدف إلى تغيير قواعد اللعبة التي تحكم العلاقة بين الدولة (إسرائيل) وبين الفلسطينيين في الداخل

البرلماني وغير البرلماني في ترتيب نتنياهو الجديد../ سليمان أبو ارشيد

عندما يتحرك رئيس حكومة إسرائيل بنفسه للنيل من نواب التجمع على خلفية اجتماعهم بعائلات شهداء القدس، بثلاثة مسارات متوازية تتمثل بالتوجه الى ما تسمى بلجنة 'الأخلاق' في الكنيست، والإيعاز للمستشار القضائي لحكومته بالتحقيق في الواقعة، وفحص إمكانية تقديمهم للمحاكمة، إلى جانب الدفع بقانون ييسر إقالتهم من الكنيست، عندما يفعل نتنياهو ذلك فإنه لا يبغي سحب البساط من تحت أقدام 'ليبرمان' و'بينيت' الواقعين على يمينه، وإظهار مدى هزالهما فقط، بل هو يستكمل مخططا يهدف إلى تغيير قواعد اللعبة التي تحكم العلاقة بين الدولة (إسرائيل) وبين الفلسطينيين في الداخل.

إن ما يحرك نتنياهو ليس فقط السباق مع الخصوم من داخل معسكره، والحق يقال فهو لا يقل عنهما يمينية أو تطرفا، لكن أفعاله اكتسبت قيمة مضافة عندما نجح في الآونة الأخيرة، وفي أكثر من قضية في قطع الطريق على ليبرمان وبينيت وغيرهم من 'المزاودين'. فعلها عندما وقف على دماء قتلى عملية تل أبيب ليعلن الحرب على العرب في إسرائيل، وفعلها عندما أعلن ومرر قرار حظر الحركة الإسلامية في حكومته رغم تحفظ 'الشاباك'، وهاهو يفعلها بالتصدي شخصيا لما يبدو أنه حلقة أخرى في معركته ضد العرب في إسرائيل، حلقة يسعى من خلالها إلى ترتيب تمثيلهم البرلماني بعد أن رتب أو اعتقد أنه رتب تمثيلهم غير البرلماني.

من يخطط لخلق أو لتأبيد واقع  تكون فيه هذه البلاد من البحر إلى النهر وحدة جيوسياسية واحدة تفصل بينها جدران وحواجز أمنية وليس حدودا سياسية، لا بد أن 'يحسب حسابا' لمن يستفيد أو يفكر باستثمار هذا الواقع في سبيل الدفع بالقضايا المشتركة من خلال نضال مشترك وآليات مشتركة على امتداد مساحة الوطن، فنتنياهو الذي دمر الحدود السياسية التي رسمها الفلسطينيون في أحلامهم (حلم الدولة المستقلة، وإن اقتصرت على الضفة والقطاع) يريد الإبقاء على واقع التجزئة في الوعي الفلسطيني، وهو بهذا المعنى يريد أن يحرم الفلسطينيين ليس من حلم الدولة فقط بل من حلم الوطن المشترك حتى لو كان تحت الاحتلال. فالحركة الإسلامية ممنوع عليها التدخل في الأقصى حتى بعد أن أصبحت مكانة القدس القانونية (بعد ضمها لاسرائيل) توازي مكانة أم الفحم. والتجمع محظور عليه الاجتماع إلى عائلات شهداء القدس حتى لو كان ذلك بغرض رفع مطالبهم إلى حكومة نتياهو.

نتنياهو الذي يهدم الحدود السياسية بين طرفي الخط الأخضر، ويطبق فعليا المقولة التي تضع 'أرئيل' و'تل أبيب' على قدم المساواة، ليس أنه لا يقبل أن تكون نابلس وتل أبيب على قدم المساواة بالمقاييس الإسرائيلية بل إنه يرفض أن تكون القدس موازية للناصرة في وعينا وسلوكنا السياسي، ولا نتحدث هنا عن نابلس أو جنين.

في هذا السياق يصبح اجتماع وزيرة قضاء في حكومة إسرائيل بعائلة مستوطن  متهم بحرق عائلة دوابشة شرعيا، واجتماع نواب التجمع بعائلات شهداء القدس غير شرعي، إنها سياسة فصل عنصري (أبرتهايد) باتجاهين، فصل بين السكان الأصليين والمستوطنين في الضفة والقطاع، يتمتع بموجبه المستوطنون بامتيازات ومكانة أرفع من السكان الأصليين، يستتبعه فصل عنصري داخل الخط الأخضر يتمثل بحق مجموعتي المستوطنين بالتواصل والتكامل السياسي والذي وصل ذروة غير مسبوقة من حيث نفوذ مستوطني الضفة الغربية في حكومة نتنياهو، في وقت يحظر هذا التواصل والتكامل بين الفلسطينيين هنا وهناك.

على مسار آخر في نفس الملعب، تمكن زعيم حزب العمل ورئيس كتلة 'المعسكر الصهيوني'، يتسحاك هرتسوغ، من بتجاوز نتنياهو من اليمين وهو يخوض سباقا مع الحزب المعارض 'يش عنيد'، الواقع على يمينه بعد أن أعلن عن خطته التي تقوم على التخلي (مؤقتا) عن حل الدولتين، والتخلص من أكبر عدد من الفلسطينيين، واستكمال جدار الفصل، بحيث يقع خلفه أكبر عدد ممكن من قرى القدس داعيا إلى توحيد ما وصفها بالقدس الحقيقية بدون مئات الاف الفلسطينيين الذين سيقعون في الطرف الآخر من السور.

وفي حمأة السباق نحو اليمين توعد هرتسوغ باستعمال قبضة حديدية ناجعة ضد حماس، وعدم الاكتفاء بقصف جوي 'شكلي' على مناطق خالية، مهددا بإسكات التلفزيون والراديو وقطع الهاتف والإنترنت عن غزة واستهداف القيادات.

ولا غرابة والحال كذلك في أن يغطي هرتسوغ تحريض نتنياهو وإجراءاته التي تستهدف العمل السياسي للعرب في إسرائيل، حيث هاجم هرتسوغ الذي غطى حتى الآن بنجاح حروب نتنياهو ضد الفلسطينيين على امتداد الوطن، بما فيها حربه على فلسطينيي الداخل، حيث رحب بقرار إخراج الحركة الإسلامية عن القانون واعتبره متأخرا، هرتسوغ لم يخيب ظنا في قضية التجمع أيضا حيث غطى قرارات نتنياهو واتهم أعضاء الكنيست من التجمع باستفزاز دولة اسرائيل وبدعم الإرهاب وإشعال الكراهية وتجاوز الخطوط الحمراء.

التعليقات