23/08/2016 - 18:49

الصهيونية الدينية والزحف نحو مواقع القوة..

اليمين الديني الاستيطاني يجهد من أجل تغيير وجه الدولة، ونجح وينجح في إسقاط موقع بعد الآخر، المواقع الاقتصادية والتربوية والقانونية والعقلانية والثقافية تسقط تباعا في أيدي ممثلي ذلك الجهد والمتعاونين معه

الصهيونية الدينية والزحف نحو مواقع القوة..

يزداد الاعتقاد لدى العديد من أصحاب الرأي والباحثين الإسرائيليين بأن صمود حكم اليمين هذه الفترة من الزمن وتعزز قوته الانتخابية فترة بعد أخرى، لا يمثل حالة سياسية طارئة بل هو نتيجة تحولات اجتماعية/ أيديولوجية حفرت عميقا في بنية المجتمع الإسرائيلي وآلت إلى انقلاب على/ في النخبة المهيمنة على مفاصله الأساسية.

جهد اليمين الديني الاستيطاني من أجل تغيير وجه الدولة (إسرائيل)، ونجح وينجح في إسقاط موقع بعد الآخر، المواقع الاقتصادية والتربوية والقانونية والعقلانية والثقافية تسقط تباعا في أيدي ممثلي ذلك الجهد والمتعاونين معه، كما يقول الصحفي ران ادليست، الذي يعبر بذلك عن القدرة التي استطاع فيها تيار الصهيونية الدينية من احتلال مواقع القوة وصنع القرار وتحريرها من أيدي التيار الصهيوني العلماني الذي صنعها وسيطر عليها سنوات طويلة.

هو انقشاع 'حضارة' إسرائيلية معينة وسيطرة أخرى مكانها، أو اندحار موروث بن غوريون أمام موروث الراب كوك الذي بدأ يسيطر على دولة إسرائيل، كما يصفه الكاتب آري شفيط، مشيرا إلى أن رجال 'مركز الراب' و'غوش ايمونيم' قاموا خلال 49 عاما بالتجنيد والتربية والانتقال من مركز قوة إلى آخر والسيطرة عليهم بشكل شرعي، حيث عملوا وفق الطريقة القديمة والناجعة المتمثلة بالسيطرة على دونم بعد الآخر، وهكذا تحولوا بالتدريج إلى نخبة، بل صاروا هم النخبة الوحيدة، كما يقول، وحولوا ' الكيباة المنسوجة' إلى المنظومة الحاكمة.

ويكشف استطلاع للرأي العام أجراه معهد جيوكرتوغرافيا مؤخرا، عمق هذا التحول، حيث يشير إلى أن كتلة اليمين (الليكود والبيت اليهودي) سيحصل على 41 مقعدا مقابل 13 مقعدا فقط لكتلة اليسار الصهيوني ( العمل وميرتس)، وأن حزب 'البيت اليهودي' الذي يرأسه نفتالي بينيت سيحصل على 16 مقعدا، مقابل ثمانية مقاعد فقط لحزب العمل الذي يرأسه يتسحاق هرتسوغ، ما يعني أن معسكر اليمين يحظى بدعم يقدر بثلاثة أضعاف ما يحظى به 'معسكر السلام'، وأن الحزب الصهيوني الديني الذي يرأسه بينيت يحظى، بلسان شفيط، بدعم مضاعف من الحزب الذي اقام الدولة.

وبينما يرى البعض أن تنامي قوة الصهيونية الدينية هو اشتقاق لحكم الليكود بقيادة نتنياهو، الذي عزز من قوة أحزاب اليمين المتحلقة حوله، يرى آخرون أن هذا التصاعد هو نتيجة فشل نتنياهو في الحكم، فضلا عن الاقتصاد الضعيف وتدهور الأمن الشخصي و'الوطني' خلال فترة حكمه، وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي يسرائيل هرئيل إن تصاعد قوة الصهيونية الدينية بهذه الوتيرة سيجعلها القوة الأولى في إسرائيل بغضون عقد أو عقدين من الزمان.

ويلاحظ أن تأثير الصهيونية الدينية أصبح ملموسا في جميع مناحي حياة الدولة (إسرائيل). ولذلك ستصب كما يقول هرئيل، أصوات كثيرة، ولا سيما الشباب الذين ليسوا بالضرورة من حافظي التوراة والفرائض، لصالح 'البيت اليهودي'.

وفي حين صفق البعض لما وصفوه بـ' تصدع داخل الصهيونية الدينية' إثر الخلاف الذي نشب مؤخرا بين القيادة السياسية للبيت اليهودي وبين الحاخامات إثر تصريحات حاخام الكلية التحضيرية العسكرية في مستوطنة 'عيلي' الحاخام يغئال ليفنشتاين التي وصف فيها المثليين بأنهم شواذ ويجب أن يكونوا منبوذين، والتي سارع نفتالي بينت إلى استنكارها ومطالبته بالاعتذار عنها، يرى آخرون ومنهم هرئيل أن القيادة المتحررة من الحاخامات هي التي ستدفع بـ'البيت اليهودي' إلى قيادة دفة الدولة.

التعليقات