28/08/2016 - 13:54

تجارنا وتجارتنا وبضائعنا وزبائننا الكرام...

​تشهد الكثير من القرى والمدن العربية نهضة تجارية كبيرة ونشوء مصالح مختلفة في السنوات الأخيرة، خصوصًا في البلدات التي يمر بمحاذاتها شارع رئيسي، الأمر الذي يعني دخول ناس (رجل غريبة) إليها للتسوق أو لتصليح أو خدمات للسيارات وحاجات منزلية.

تجارنا وتجارتنا وبضائعنا وزبائننا الكرام...

تشهد الكثير من القرى والمدن العربية نهضة تجارية كبيرة ونشوء مصالح مختلفة في السنوات الأخيرة، خصوصًا في البلدات التي يمر بمحاذاتها شارع رئيسي، الأمر الذي يعني دخول ناس (رجل غريبة) إليها للتسوق أو لتصليح أو خدمات للسيارات وحاجات منزلية ومطاعم ومقاهي وغيرها، هذا يعني اتساع أفق الإمكانيات التجارية والمصالح على  أنواعها، وبالتالي نقل اقتصاد هذه البلدان أو فئة التجار وأصحاب المهن، من حالة الضعف والتبعية المطلقة للمدن والمجمعات والمراكز التجارية الكبيرة إلى حالة من نمو رأس مال محلي واستقلالية نسبية، ويعود هذا بالخير على أصحاب المصالح وعلى العاملين فيها، وعلى السلطات المحلية التي تجبي ضريبة الأملاك على المتاجر والورشات.

من حق كل إنسان أن يجتهد وأن يبحث عن مصادر دخل جديدة، أن يجرب حظه ليتطور في التجارة أو غيرها، ولكن، كي تنجح المغامرة الاقتصادية، يجب أن تكون مدروسة! ولهذا على المتحمسين لافتتاح متاجر أو ورشات جديدة، فحص إمكانيات السوق وحاجته، من المفروض أن تعرض ما هو جديد وليس غمر السوق بالبضائع نفسها، وأن تقدر أعداد المستهلكين الذين تتوقع التعامل معهم في هذه المنطقة!

-مهم جدًا ضمان موقف لسيارات للزبائن، لأن موقف السيارات بات من أهم مقومات أي مصلحة ناجحة! ليس صدفة أن كثيرا من الناس مستعدون للسفر عشرات الكيلو مترات إلى حيث يضمنون موقفا للسيارة، ويبتعدون عن المتاجر التي سيضطرون للمشي مسافة طويلة إليها، ولهذا يجب أخذ إمكانيات الوقوف بعين الاعتبار، وهنا تقع مسؤولية، أيضًا، على المجالس البلدية في دعم التجار من خلال توفير أماكن وقوف لسيارات الزبائن المتوقعين.

-هناك الكثير من الناس الذين يقصدون دعم (ابن البلد)، ومن قناعات وطنية، هذا ليس خطأ، ولكن على التاجر (ابن البلد) أن يكون منافسًا في أسعاره ونوعية بضائعه، أيضًا، وخصوصًا في مواجهة المجمعات الكبيرة، وعدم استغلال إصرار البعض على الشراء من ابن البلد بشكل سيئ!

-مهم جدًا الوضوح أكثر بالنسبة لنوعية البضاعة المعروضة، إذا كانت من صنف (أ) أو صنف (ب)، إذا كانت تركية أو صينية أو ألمانية، يجب الوضوح، هناك فرق طبعا في التسعيرة، والزبون يقرر إذا كان يريد صنف (أ) لنفس السلعة ودفع أكثر أو صنف (ب) ودفع أقل، الكثيرون يحتجّون بأن كثيرًا من المتاجر العربية لا توضح هذا الفارق المهم في النوعية، هذا قد ينجح مرة ولكنه يؤدي إلى النفور والابتعاد على المدى البعيد!

-من المعروف أن العرب "يفاصلون" على الثمن، يحاولون تخفيض ثمن السلعة المعروضة وأحيانا يبالغون في مقارعة التاجر خصوصا إذا كان عربيا، وتكون المفاجأة أحيانا أن "المفاصلة" تثمر وتنجح الزبونة بتنزيل الثمن بينما الزبون "الساذج" الذي لا يفاصل يدفع الثمن الأولي الذي نطق به التاجر أو الثمن المرتفع المسجل على السلعة، هذا غير عادل وغير صحي، يجب أن يكون السعر المسجل على البضاعة هو السعر النهائي للسلعة، وأن تباع بثمن موحد لمن يفاصل ولمن لا يفاصل، لبناء الثقة بين التجار والزبائن.

-يعاني بعض التجار العرب من بعض أبناء بلدتهم، هؤلاء حين يملكون ثمن السلعة نقدًا أو معهم بطاقة اعتماد شاغرة، يذهبون إلى المتاجر في المدن خارج بلدانهم، ولكنهم حين يفتقرون للنقد ولبطاقة الاعتماد يلجؤون إلى ابن البلد بالشيكات المؤجلة، وحتى بالتسجيل على الدفتر -وإن كانت هذه الطريقة قد تقلصت كثيرا- هذا يعني، أن الصفقات المربحة والمضمونة 100% تتم بعيدًا عن تجارنا، والصفقات المعرضة للمخاطرة من نصيب التاجر ابن البلد، وهذا ليس عادلا، يجب إنصاف التاجر العربي وابن البلد بالذات حين نملك قدرة الدفع نقدا.          

-تقدم بعض الشركات من باب التسويق هدايا مجانية لمن يشتري سلعتها، بعض التجار يأخذ هذه الهدية لنفسه ويبيعها ولا يعطيها لزبونه، مثلا في فروع الأدوات الكهربائية، هذا يضر كثيرا بسمعة التاجر حين يكتشف الزبون أن هناك هدية مجانية على سلعة معيّنة لم يحصل عليها أو أنه دفع ثمنها بينما من اشترى الجهاز نفسه من مكان آخر حصل عليها مجانا.

-هناك إعلان ساحر جدًا مثل "خذ سلعة أولى بسعر كذا والثانية ببلاش"!! لماذا ببلاش؟ يجب أن تعرف الثمن الحقيقي للسلعة الأولى كي لا تدفع ثمنها مضاعفا، وعمليا تدفع ثمن سلعتين! ثم هل أنت بحاجة للسلعة ذاتها مرتين! وهل هي السلعة الأصلية! مثال ذلك زجاجات العطر! لا تثق كثيرا حتى في المتاجر المعروفة جدا، قد تبيعك منتوجات مزيفة أو ذات نوعية منخفضة من المنتوج نفسه!

-يجب الانتباه إلى تاريخ نهاية الاستعمال... هناك فرق بين سلعة سينتهي تاريخ استخدامها بعد أيام وأخرى سينتهي بعد أشهر، الأولى صارت نوعيتها منخفضة والثانية مرتفعة، ولهذا قد تجد ثمن الأولى منخفضا والثانية الأجود أغلى!

-مؤسف أن معظم المتاجر الجديدة تكتب لافتاتها باللغة العبرية والإنكليزية بالبنط العريض حتى لو كانت في وسط سخنين أو مجد الكروم ونحف وغيرها، بدون ولا حرف عربي، للفت نظر الزبائن اليهود! هذا حق للتاجر، ولكن بأي حق لا يحظى المستهلك العربي برؤية لغته الجميلة على أبواب ولافتات الورش والمتاجر، علما أن العرب يشكلون النسبة الأعلى من الزبائن! ألا يلاحظ أصحاب المحلات العرب أن اليهود باتوا يهتمون بكتابة اللغة العربية على محلاتهم القريبة من التجمعات العربية! ألا يلاحظون أن الشركات الكبرى تهتم بأن تقدم للمستهلك العربي ما يلائم حاجته وإمكانياته الاقتصادية وكثيرا ما يكون بلغته!

 أخيرًا، نتمنى التوفيق والتجارة المربحة لتجارنا ومصالحنا، ونتمنى من أهلنا وإخواننا أن يدعموا اقتصادنا، لأن ما يعود على تجارنا ومصالحنا بالفائدة يعود في النهاية على مجتمعنا كله بالخير.

التعليقات