18/01/2017 - 16:01

أم السحالي أيضا كانت بروفة لهبة القدس والأقصى

مثلما كانت أم السحالي مقدمة لهبة القدس والأقصى 2000 ستكون أم الحيران مقدمة لما هو أشد من ذلك، إذا لم يوقف نتنياهو الحرب التي أعلنها على العرب في إسرائيل

أم السحالي أيضا كانت بروفة لهبة القدس والأقصى

المخطط الذي يستهدف قرية أم الحيران هو نموذج مصغر عن المخطط الصهيوني في فلسطين، حيث تم اقتلاع وتشريد أهلها الاصلييين من بيوتهم، وإحلال مستوطنين يهود على أنقاضها، على أراضيهم وفي مدنهم، وأحيانا في بيوتهم التي ظلت عامرة في يافا وحيفا وصفد وبيسان وغيرها من المدن الفلسطينية، التي أفرغت من أهلها في نكبة 48.

عملية الإجلاء والإحلال تتكرر في أم الحيران من خلال مخطط نافذ لإقامة مستوطنة حيران على أنقاض بيوت أم الحيران بعد إخلاء سكانها الأصليين وهدم قريتهم، تماما، مثلما بنوا 'تسيبوري' على أنقاض صفورية، و'بيت شان' على ركام بيوت بيسان، و'أشكلون' على أطلال عسقلان، ها هم وبعد 67 عاما على النكبة، يفترض أن الفلسطينيين الذين ظلوا في وطنهم تحولوا خلالها إلى مواطنين متساوي الحقوق، يسعون وفي 'وضح النهار' لاقتلاع السكان الأصليين لأم الحيران وإحلال مستوطنين يهود محلهم بعد مصادرة أرضهم واسم قريتهم.

معاناة أهالي أم الحيران بدأت عام 2003 بعد مصادقة المجلس القطري للتخطيط والبناء على المخطط الذي  يقضي بإقامة مستوطنة حيران التي سيصل عدد سكانها إلى 12 ألف مستوطن على أراضيهم، حيث استلم أهالي القرية أوامر إخلاء وإبعاد، وفي عام 2004 بدأ سكان القرية بتلقي أوامر هدم على بيوتهم. وبعد مسار قضائي طويل، ردت المحكمة العليا في شهر أيار/مايو 2015 الالتماس الذي قدمه السكان ضد هدم قريتهم، وأجازت إخلاءهم من بيوتهم، وهدمها وإقامة مستوطنة لليهود مكانها.

وأم الحيران هي واحدة من 36 قرية في النقب لا تعترف بها إسرائيل رغم أن جميعها تستوفي معاییر دائرة الإحصاء المركزیة لتعریف بلدة، من حيث كونها مكانا مأھولا بصورة ثابتة، یقطنه أكثر من 40 بالغا، توجد بھا إدارة مستقلة، وھي غیر موجودة ضمن مسطح النفوذ البلدي التابع لبلدة أخرى، في حين أن المعیار الوحید الناقص ھو إعلان وزیر الداخلیة أن المكان هو بلدة. ويبلغ عدد سكان أصغر هذه القرى 400 نسمة فيما يصل عدد سكان أكبرها إلى 5800 نسمة، بينما ييلغ مجموع سكانها 85 ألف إنسان، وتبغي إسرائيل من وراء اقتلاعها إلى استكمال السيطرة على مليون دونم إضافية من أراضي النقب.

خطوط التقاطع والشبه واضحة مع ما جرى في الجليل والساحل عام 1948 من إجلاء وإحلال لإحكام قبضة المؤسسة الإسرائيلية على الأرض، وكأن 'نكبة النقب' تأخرت 69 عاما، استكملت إسرائيل خلالها سياسة الإجلاء والإحلال في الشمال والمركز قبل أن تتجه جنوبا وتستكمل مهمتها هناك.

'نكبة النقب' التي يجب منع وقوعها اليوم تتشابك مع تداعيات نكبة 48 في الجليل والمثلث، وما رافقها من عمليات إجلاء وسيطرة على الأرض في الجليل والمثلث، وما زالت حلقاتها المتعلقة بمحاصرة مسطحات بناء القرى والمدن العربية ومصادرة مناطق نفوذها تتواصل، وتتسبب ما يسمى بالبناء غير المرخص كسلاح وحيد لكسر حالة الحصار تلك، حيث يقدر عدد البيوت العربية غير المرخصة والتي يتهددها شبح الهدم، بما فيها بيوت القرى غير المعترف بها في النقب بحوالي 50 ألف بيت.

وكانت عملية الهدم، المفاجئة بتوقيتها وبسهولة تنفيذها، والتي شملت 11 بيتا في قلنسوة، الطلقة الأولى في الحرب التي أعلن عنها نتنياهو، وأراد لها ان تتواصل بعملية إخلاء أم الحيران التي فاجأت المؤسسة الإسرائيلية بجاهزيتها وتصديها ودفاع أهلها البطولي عن بيوتهم، مسطرة مثالا ونموذجا في كيفية مواجهة مخططات السلطة الاقتلاعية وإحباطها.

أم الحيران تستطيع أن تقول بفخر اليوم إنها أوقفت زحف 'قوات' نتنياهو، وتقدم 'مقاتلي' شرطة إسرائيل كما وصفتهم الناطقة بلسانها بعد "عملية أم الحيران"، لأن هذا النموذج هو بمثابة ضوء أحمر لمتخذي القرار ومؤشر للغضب القادم، في حال أصرت السلطة على مواصلة مخططاتها العدوانية ضد العرب في النقب والجليل والمثلث، مؤشر ينذر بانتفاضة لم تدخر المؤسسة بقيادة اليمين الاستيطاني الذي يقوده نتنياهو أي جهد في مراكمة أسباب وعوامل انفجارها، ومثلما كانت أم السحالي مقدمة لهبة القدس والأقصى  في العام 2000 ستكون أم الحيران مقدمة لما هو أشد من ذلك، إذا لم يوقف نتنياهو الحرب التي أعلنها على العرب في إسرائيل.

التعليقات