18/03/2017 - 08:50

القصف الإسرائيلي والرد السوري: تغيير في قواعد اللعبة

دفع اندلاع صفارات الإنذار في غور الأردن ومحيط القدس المحتلة، سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى الخروج عن الصمت الرسمي في ما يتعلق باستهداف مواقع في سورية.

القصف الإسرائيلي والرد السوري: تغيير في قواعد اللعبة

دفع اندلاع صفارات الإنذار في غور الأردن ومحيط القدس المحتلة، سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى الخروج عن الصمت الرسمي في ما يتعلق باستهداف مواقع في سورية. وقد اضطر جيش الاحتلال إلى الاعتراف بأن الطيران الحربي الإسرائيلي قصف ليلة الخميس - الجمعة عدة مواقع في سورية، فيما كشفت الصحف الإسرائيلية أن الهدف كان ضرب مخازن وقوافل أسلحة إستراتيجية كان يُفترض أن تصل إلى "حزب الله" في لبنان.

في المقابل، كان لافتًا أن النظام السوري أعلن هو الآخر عن حصول القصف الإسرائيلي، واستهداف مواقع سورية قرب منطقة القلمون الشرقية، ليقول إنه نجح بإطلاق صواريخ دفاعية باتجاه المقاتلات الإسرائيلية، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنها أطلقت فقط بعد أن كانت المقاتلات الجوية الإسرائيلية قد غادرت الأجواء السورية.

وعلى الرغم من أن إعلام النظام السوري تحدث عن إسقاط طائرة إسرائيلية وإصابة أخرى، إلا أن إسرائيل نفت ذلك، فيما أشار بيان جيشها إلى أنها اعترضت صاروخًا فوق منطقة القدس سقطت شظاياه في الأراضي الأردنية. وبالتالي فإنه يمكن القول إن وصول الشظايا إلى الأردن، دفع الاحتلال إلى الاعتراف بقيامه بقصف المواقع السورية، بالتزامن مع إطلاق صفارات الإنذار، ما يؤسس على ما يبدو لمرحلة جديدة، أو نمط جديد في مسألة الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع في سورية، أو قوافل للسلاح الموجه لـ"حزب الله".

وتعني المرحلة الجديدة، في حال تكرر نمط سلوك النظام السوري في محاولة التصدي للمقاتلات الجوية الإسرائيلية، خروج كل العمليات الإسرائيلية للعلن، مع أنها كانت دائمًا مكشوفة، ومعروفة، على الأقل وفق التعبير الإسرائيلي المعتمد في الصحافة الإسرائيلية والمعروف بكلمات "وفقًا لتقارير أجنبية".

كذلك يبدو أن رد الدفاعات الأرضية للنظام السوري على الغارة الإسرائيلية، جاء هذه المرة بخلاف التفاهمات الإسرائيلية الروسية التي تم التوصل إليها في سبتمبر/أيلول 2015 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. تلك التفاهمات كانت قد أفضت إلى تشكيل لجنة تنسيق عسكرية إسرائيلية روسية مشتركة، لضمان تفادي وقوع اشتباكات جوية بين الطيران الإسرائيلي وبين الطيران الروسي في الأجواء السورية، وتقاسم أجواء سورية بين الطرفين، فيما بدا في حينه أن روسيا سلمت عمليًا ولم تعترض على "حرية سلاح الجو الإسرائيلي" في ضرب أهداف أو قوافل أسلحة مخصصة لـ"حزب الله". ويعني هذا أيضًا أن روسيا قد تكون أيّدت النظام السوري، هذه المرة، أو غضت الطرف عن تفعيل الدفاعات الأرضية السورية، لتعزيز مكانتها في محادثات التسوية في سورية وما يمكن لها أن تحققه من مكاسب، باعتبارها القادرة إذا شاءت على ضبط النظام وردعه عن خطوات قد تجر لمغامرة إقليمية. لكن هذا يستوجب في المقابل دفع ثمن لصالح روسيا في ميادين وساحات أخرى. يشار إلى أنه عندما قامت إسرائيل باستهداف مواقع في سورية في سبتمبر/أيلول الماضي، ترددت تكهنات عن علم روسيا المسبق بالغارة الإسرائيلية، لا سيما أن روسيا كانت قد نشرت بطاريات صواريخ وأجهزة رادار متطورة يفترض فيها أن تلتقط من مسافات بعيدة عمليات استهداف أو إطلاق صواريخ باتجاه أهداف داخل سورية.

زيادة على ذلك، فإن استخدام سورية للمرة الأولى صواريخ أرض جو من طراز "إس 200" الروسية الصنع، يُشكّل بحسب قراءات إسرائيلية، نقلة أو تغييرًا في موقف النظام السوري، لجهة تعاظم ثقة النظام بنفسه أخيرًا، وفق ما ذهب إليه رون بن يشاي، في صحيفة "يديعوت أحرونوت". وبحسب بن يشاي، فإن مرد هذه الثقة بالنفس هو الدعم الروسي للنظام متمثلًا بالتواجد الروسي على الأراضي السورية، وسقوط حلب تحت ضربات الطيران الروسي، ناهيك عن أن الرد السوري جاء على ما يبدو بفعل أهمية المواقع التي تم استهدافها ودورها الاستراتيجي في الحرب السورية.

إضافة إلى ذلك، اعتبر بن يشاي أن رد الدفاعات الأرضية السورية، حتى ولو أنه تم بعد خروج الطائرات الإسرائيلية من الأجواء السورية، يحمل لإسرائيل أنباء غير سارة، ويزيد عمليًا من التوتر إلى درجة يمكن أن تتدهور فيها الأمور إلى اشتباكات قد تقود إلى اندلاع الحرب.

في المقابل، يحمل قيام إسرائيل باستخدام منظومة "حيتس 2" لاعتراض الصواريخ السورية وإعلان استخدام هذه المنظومة، نوعًا من الرسالة الإسرائيلية لاستكمال دائرة الحماية الجوية لإسرائيل من خطر الصواريخ عشية الإعلان الرسمي الذي كان مقررًا مطلع الأسبوع المقبل، عن بدء عمل وحدة "مقلاع داوود" التي ستشغل منظومة الدفاع للطبقة الوسطى "العصا السحرية" لاعتراض الصواريخ المتوسطة المدى، بعد تدشين منظومة القبة الحديدية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة قبل ثلاثة أعوام.

ووفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية، فقد جاء الاعتراف باستخدام منظومة صواريخ "حيتس 2" بعد ثلاثة أشهر من تسلم الجيش الإسرائيلي لمنظومة صواريخ "حيتس 3" التي يفترض فيها أن تشكل الطبقة الثالثة من الحماية في وجه الصواريخ بعيدة المدى. وبحسب موقعي "والاه" و"يديعوت أحرونوت"، فقد أصبحت منظومتا "مقلاع داوود" و"حيتس 3" فاعلتين في سلاح الجو الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة. ويعني هذا، بحسب المواقع الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي تمكّن من تأسيس منظومة دفاع جوية بشكل كامل على مختلف مكوناتها: "القبة الحديدية"، "العصا السحرية"، صواريخ "باتريوت" وصواريخ "حيتس 2" و"حيتس 3".

وعلى صعيد المواجهات المقبلة، فإن ما حدث ليلة الخميس - الجمعة، ينذر بنهاية عهد الإنكار المزدوج من قِبل الطرفين السوري والإسرائيلي، وحتى "حزب الله"، لوقوع هجمات إسرائيلية على مواقع داخل سورية، وهو ما كان اصطُلح على تسميته قبل عامين بـ"هامش الإنكار" الذي مكّن "حزب الله" والنظام في سورية، ما لم تكشف إسرائيل ذلك، من إنكار وقوع هجمات على النظام والحزب، ما كان يضعهما في حالة دفاع عن النفس في كل ما يتعلق بالسكوت عن الاعتداءات الإسرائيلية على سورية وعلى مواقع أو قوافل لسلاح متطور موجه لـ"حزب الله" وعدم الرد عليها.

مع ذلك ليس واضحًا ما إذا كان سلوك النظام السوري ليلة الخميس - الجمعة سيتحوّل إلى نمط متكرر من الرد السوري على الاعتداءات والغارات الإسرائيلية، أم أن إسرائيل ستسعى من خلال التفاهمات العسكرية المشتركة مع روسيا إلى الضغط لجهة إرغام النظام على عدم التعرض للطيران الإسرائيلي، لا سيما إذا كان هدف القصف مخازن سلاح أو قواعد تابعة لـ"حزب الله"، أو قوافل تحمل سلاحًا تعتبره إسرائيل كاسرًا للتوازن. 

اقرأ/ي أيضًا | إسرائيل ومستقبل سورية

 

التعليقات