21/03/2017 - 12:22

من أجل حركة وطنية سورية

"الحركة الوطنية السورية" هي مطلب ضروري وإلزامي لاستكمال مسيرة الشعب السوري وبناء دولته الحرة والديمقراطية التي جرى اختطافها طيلة نحو ستة عقود بأيدي العسكر. هي معركة مكملة للمعركة ضد الاستعمار ومعركة من أجل سيادة سورية وحرية السوريين.

من أجل حركة وطنية سورية

حلت يوم ١٥ آذار/ مارس، الذكرى السادسة لانطلاقة الثورة السورية المجيدة، ولا أجد أكثر إخلاصًا من إطلاق نداءٍ من 'شقيق لكم من الداخل الفلسطيني'، لم ير نفسه يوماً، فلسطينياً أكثر من كونه سورياً أو مصرياً أو مغربياً أو جزائرياً أو تونسياً... من أجل حركة وطنية وديمقراطية سورية، تؤكد على المساواة بين المواطنين السوريين وترفض التقسيمات الطائفية والمذهبية والإثنية، تؤكد على التعددية وترفض الشمولية، تؤكد على وحدة الأرض وترفض التقسيم.

حركة وطنية وديمقراطية سورية تخرج من رحم ألم السوريين الناتج عما يسميها النظام بالانتصارات العسكرية والتحرير، لتكون الصوت الوطني والديمقراطي لكافة السوريين، وترى مهمتها استكمال النضال ضد الاستعمار، الخارجي أو الداخلي، ومخلفاتهما وأدواتهما، ومن أجل بناء سورية لكل المواطنين.

قد تكون الثورة السورية وصلت إلى باب موصد بسبب التآمر عليها من كل الأطراف، الصديقة قبل العدوة، ودفع السوريون بمئات الآلاف ثمن رفضهم للذل وتواطؤ العالم. وتبدو كأن غيمة سوداء خيمت على سورية، لكن تجربة الشعوب، والعربية تحديداً من فلسطين إلى الجزائر، تؤكد أن لا معركة تحرير من دون حركة وطنية، كما لم تصمد أي ثورة في العالم أمام استخدام النظام لكافة تراسناته العسكرية من الطائرات المقاتلة مرورا بالصواريخ الباليستية وصولا إلى الأسلحة الكيماوية.

طيلة ست سنوات ناضل السوريون دون 'حركة وطنية مؤطِرة'، وطغى الخارج على الداخل، وفاقت وحشية النظام كل التوقعات، حتى سقطت الثورة فريسة بأيدي 'تنظيمات' لا تحمل الهم السوري ولا توقه للحرية، وهي بتقديرنا أحد أهم العوامل المباشرة والرئيسية، إلى جانب وحشية النظام وحلفائه، التي أودت بالثورة السلمية وأجهزت عليها.

علمتنا تجربة الشعب العراقي الشقيق، أن التخلص من الاستبداد من دون حركة وطنية وديمقراطية هي مهمة مستحيلة بل و'خائنة'، وأن مواجهة الاستبداد الذي هو أيضا استعمار داخلي مهمة الوطنيين العراقيين. وفي حالتنا السورية، التعويل على أي طرف خارجي، حتى لو كان عربياً لن يجدي أبداً من دون حركة وطنية ديمقراطية، وتجربة فلسطين ٤٨ والعراق ٢٠٠٣ ماثلة أمامنا.

نحن بأمس الحاجة لبناء حركة وطنية سورية رايتها الديمقراطية ووحدة وسيادة الدولة وتحرير الأراضي المحتلة. ولا يمكن تأسيس حركة وطنية من دون وطنيين، تماماً كما لا يمكن التأسيس لديمقراطية سورية من دون سوريين ديمقراطيين.

نضالنا ضد الاستبداد ومن أجل العدالة ليست حرب آخرين، بل هي مهمة الحركة الوطنية السورية التي يجب أن تتعلم من تجارب الشعوب بما فيها العربية، بأن سيادة الأوطان الحرة والديمقراطية لن تأتي بالبوارج ولا بالساخوي، وأنه مهما تستر النظام تحت الحماية الروسية والإيرانية، فإن وجود حركة وطنية سورية منظمة سيكون محرجا له ويؤكد عدم شرعيته.

لا حرب تحرير من دون حركة وطنية، ولا ديمقراطية من دون مشروع وطرح ديمقراطي، تماما مثلما لا هوية وطنية جامعة من دون مواطنة عادلة ومتساوية.

مهمة الحركة الوطنية السورية كبيرة، وهي جزء من حرب تقرير المصير للشعوب العربية والتي لم تتوقف منذ نكبة فلسطين، لكنها اختطفت كل مرة من جديد، مرة بأيدي العسكر ومرة بأيدي تنظيمات إسلاموية مثل داعش وأخواتها.

خطاب الحركة الوطنية السورية إلى الداخل هو خطاب مساواة ومواطنة متساوية للجميع بلا تمييز بين عرق وقومية وجنس ولون، وخطابها إلى الخارج هو خطاب ديمقراطي يدعو إلى احترام سيادة البلاد الحرة وحقها في تحرير أراضيها المحتلة سواء بأيدي قوى داخلية أو خارجية مثل إسرائيل.

خطاب الحركة الوطنية السورية للعرب هو خطاب عروبي ديمقراطي يؤكد أن مصير الشعوب العربية مشترك، وعلى حق المواطن العربي في تقرير مصيره الشخصي، ويكسر احتكار النظام الحالي للشعارات القومية الجوفاء. الحركة الوطنية السورية مع المقاومة التي هي حق الشعوب العربية بلا استثناء.

'الحركة الوطنية السورية' هي مطلب ضروري وإلزامي لاستكمال مسيرة الشعب السوري وبناء دولته الحرة والديمقراطية التي جرى اختطافها طيلة نحو ستة عقود بأيدي العسكر. هي معركة مكملة للمعركة ضد الاستعمار ومعركة من أجل سيادة سورية وحرية السوريين.

والأهم من كل ذلك، أن تحافظ الحركة الوطنية السورية على جذوة الثورة وألا يطبع الناس مع اغتصاب الإرادة وارتهان سورية للأجنبي. مهمة الحركة الوطنية السورية أن ترفض التطبيع مع الاحتلال على مختلف جنسياته، وأن تلم شمل السوريين حيثما توجدوا، وأن تحول ألم الناس من مأساة إنسانية إلى برنامج سياسي واضح المعالم في صلبه بناء النظام الديمقراطي.

التعليقات