21/04/2017 - 17:30

"فيسبوك" ضد فلسطين: دعم ضمني للقمع

قامت إسرائيل بين عامي 2015 و2016، باعتقال أكثر من 400 فلسطيني بسبب المضامين التي نشروها على الإنترنت، وعلى "فيسبوك" غالبا، وهي مضامين زعمت إسرائيل أنها تشكل "تحريضا".

"فيسبوك" ضد فلسطين: دعم ضمني للقمع

قامت إسرائيل بين عامي 2015 و2016، باعتقال أكثر من 400 فلسطيني بسبب المضامين التي نشروها على الإنترنت، وعلى 'فيسبوك' غالبا، وهي مضامين زعمت إسرائيل أنها تشكل 'تحريضا'. وهناك حوالي 200  شخص من ضمن أولئك يتعرضون لمحاكمات جنائية. وإن واحدة من أشهر القضايا في هذا الإطار هي قضية الشاعرة الفلسطينية دارين طاطور، التي تواجه احتمالا بالسجن لمدة ثمانية أعوام، بسبب قصيدة نشرتها على صفحة 'فيسبوك' الخاصة بها عام 2015. وقد أدلى آخر الشهود في قضيتها، شهادته، في 28 آذار/ مارس الماضي، ومن المتوقع أن يصدر الحكم ضد طاطور في غضون بضعة شهور.

وفي الوقت ذاته، تتعاون 'فيسبوك' مع الحكومة الإسرائيلية في إزالة المحتوى الذي تعتبره الأخيرة غير مقبول، ويشمل هذا التعاون إغلاق صفحة حزب سياسي، المتمثل بحركة 'فتح'، في آذار/ مارس الماضي، بسبب صورة قديمة جرى نشرها على الصفحة يظهر فيها الزعيم الراحل ياسر عرفات وهو يحمل بندقية.

ومن جهة أخرى، يقوم الإسرائيليون، ومن ضمنهم مسؤولون حكوميون، وبشكل روتيني، بنشر محتوى تحريضي ضد الفلسطينيين دون أن تتعرض منشوراتهم للرقابة من 'فيسبوك' أو من شركات الإعلام الأخرى. في العام 2014 مثلا، وقبل شروع إسرائيل بقصف غزة، نشرت عضو الكنيست، آنذاك، ووزيرة القضاء الحالية، أييلت شاكيد، رسالة على 'فيسبوك' تعلن فيها أنه يتوجب قتل أمهات المقاتلين الفلسطينيين وينبغي هدم منازلهم. ولم تقم لا الحكومة الإسرائيلية ولا شركة 'فيسبوك' باتخاذ أي تصرف إزاء شاكيد.

التواطؤ مع جرائم إسرائيل

لا توضح 'فيسبوك' سياساتها الرقابية، كما أنها لا تنشر تفاصيل قيامها بمشاركة معلومات حسابات المستخدمين مع الحكومات. ومع ذلك، فإن 'فيسبوك' تنشر إحصائيات عن عدد الطلبات المتمثلة في الحصول على بيانات المستخدمين، تلك الطلبات التي تتلقاها من الحكومات، كما أن 'فيسبوك' تنشر إحصائيات عن عدد الحالات التي تستجيب لها. بين شهري كانون الثاني/ يناير وحزيران/ يونيو عام 2016، مثلا، تجاوبت فيسبوك مع أكثر من 70% من المطالب الـ432 الإسرائيلية للحصول على معلومات المستخدمين. وعلى سبيل المقارنة الإقليمية، فقد تجاوبت 'فيسبوك' مع 16% من الطلبات المماثلة التي تلقتها من الحكومة الأردنية، رغم أن الأردن قد طالبت بالحصول على معلومات حول المستخدمين في 25 حالة فحسب.

لا عجب في الأمر، فإن إسرائيل تمارس ضغوطا على 'فيسبوك' من خلال إستراتيجيات عدة على غرار القانون الذي من شأنه إجبار الشركة على التعاون مع إسرائيل فيما يتعلق بالمنشورات التي تعتبرها الدولة تحريضا. وإلى جانب ذلك، يجري حاليا النظر في قضية محكمة محلية في نيويورك يطالب فيها 20000 إسرائيلي، 'فيسبوك'، بحجب التحريض الفلسطيني المزعوم. في حين أن هنالك فئة خاصة لفلسطين في تقرير 'فيسبوك' حول الطلبات الحكومية المقدمة إليها، إلا أن هذه الفئة لم تكن فاعلة منذ العام 2014. وهذا لا يعني، على أي حال، أن الإسرائيليين لا يقومون بنشر خطاب الكراهية والدعوة إلى العنف تجاه الفلسطينيين.

وقد نشرت الجمعية، التي أعمل فيها مديرا، وهي مركز 'حملة' (المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي)، مؤخرا، تقريرا مرتكزا إلى بحث أجرته الجمعية حول العنصرية والتحريض في وسائل الإعلام الإسرائيلية.

ولقد وجدنا أن عدد المشاركات التحريضية التي نشرها الإسرائيليون اليهود ضد العرب والفلسطينيين قد ارتفعت إلى أكثر من الضعف في العام 2016، مقارنة بالعام 2015، لتصل إلى 675000 منشور. وقد تركزت معظم هذه المنشورات على صفحات 'فيسبوك'؛ وتشمل الأمثلة على هذه المنشورات التحريضية عبارات على غرار 'اغتصبوا جميع العرب وألقوا بهم إلى البحر' و 'صباح مليء بطاقات ذبح العرب'. ولم يتم فتح قضية واحدة حتى ضد إسرائيلي متعلقة بالتحريض.

هذا، وتقول شركة 'فيسبوك' إنها تحافظ على الحياد السياسي عبر اتباعها للقوانين المحلية. ولكنها، عبر مساعدتها للحكومة الإسرائيلية، تلك الحكومة التي تسيطر على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ولا تمنحهم في إطار هذه السيطرة حقوقا سياسية أو مدنية، ومن ضمنها حرية التعبير، فهي تقوم بدعم المحتل في اضطهاده لمن يتعرض للاحتلال. وهذا يعد موقفا سياسيا متحيّزا. ولأن إسرائيل تنتهك القانون الدولي عبر قيامها بممارسات على غرار بناء المستوطنات غير القانونية، فإن 'فيسبوك' متورطة أيضا، بشكل تلقائي وافتراضي في تلك الممارسات. وفي خطوة أكثر مباشرة، فإن 'فيسبوك' تسمح بنشر إعلانات لبيوت في المستوطنات في الضفة الغربية على صفحاتها.

تفعل فيسبوك حسنا إن أعادت النظر في تعاونها مع إسرائيل. وبدلا من قيامها بهذه الخطوة الجريئة، يمكن للشركة، كما دعاها مؤخرا ائتلاف للحركات الاجتماعية والعرقية في الولايات المتحدة، أن تتبنى إصلاحات تستهدف المحتويات المسيئة، وأن توقف الرقابة على الخطاب السياسي. أو لعلها ببساطة تصوغ سياساتها عن الرقابة ومشاركة المعلومات بشكل واضح، بحيث يصبح من الواضح للمستخدمين مخاطر خدماتها. إن حقوق وحياة، الفلسطينيين معرضة للخطر.

اقرأ/ي أيضًا | شبكات التواصل الاجتماعي في خدمة الاحتلال


*نديم ناشف هو محلل سياسي في شبكة السياسات الفلسطينية 'الشبكة'، والمدير التنفيذي للمركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي 'حملة'.

التعليقات