لم يهنأ شعبنا منذ عشرات السنين بساعات صفاء وطمأنينة، كما ولم يحصل على حقوقه كاملة ولا حتى منتقصة، وكل ذلك لأنه يعيش تحت وطأة نظام كولونيالي استعلائي ويمارس سياسة قمعية مجحفة بحق فلسطينيي البلاد.
عمليا، الظروف الاستثنائية وحالات القمع والملاحقة أمست كثيرة وباتت يومية أو أسبوعية، فلا يعقل أن تتخذ بعض تيارات المشتركة الأحداث في الآونة الأخيرة كحجة أو عائق لإتمام واجباتها والتزاماتها تجاه بعضها واتجاه شعبها.
نحن نعي أهمية نداء الواجب وضرورة تحشيد الطاقات في مواجهة الترسانة العسكرية الإسرائيلية، ولكن علينا أن نعي أيضًا أن المشتركة إرادة شعب وعليها التزامات اتجاه مركبات هذا الشعب حيث ائتمنت على مقدراته ومصيره، ويجب على المشتركة الالتزام بالقرارات التي هي أصلا أمانة في أعناق مركباتها، وكل نفور من أي التزام هو صفعة في وجه الشعب الذي وثق بالقيادة.
الكل يعرف أن المشتركة ولدت بعملية قيصرية ولم تكن سهلة خاصة في ظل الخلافات والاختلافات بين الحركات والأحزاب السياسية الفاعلة على الساحة المحلية، واستثمرت طاقات كثيرة في حينه، أما اليوم، فمن العار أن نهدر طاقات على تنفيذ الالتزامات فالواجبات كثيرة وشعبنا يستحق بأن ينشغل بأمور أكثر قيمة خاصة تلك التي تحدد مصيره وتحميه.
وبما أن مركبات المشتركة التزمت أمام الناس وتعهدت بأن تحترم التزاماتها، لذا يجب أن تقوم بالالتزام باتفاقية التناوب بكل شروطها وصورتها النهائية، بحيث يحصل كل مركب من مركباته على تمثيله الذي يستحقه وكل سيناريو غير ذلك هو تلاعب بأعصاب وبثقة الناس.
حتى اللحظة السيناريو المعروف هو أن النائب عبد الله أبو معروف أعلن عن استقالته وقدمها خطيا للجنة الوفاق وتلاه من بعده النائب أسامة السعدي وصرح عن استقالته وقدمها خطيا للجنة الوفاق.
نحن بدورنا نثمن عاليا مثل هذه الخطوات التي تعمل على مد الجسور وتوطيد العلاقات بين مركبات المشتركة، ولكن هاتين الاستقالتين ما هما إلا خطوة أولية من الالتزام الأخلاقي ويجب على الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير إتمام باقي الالتزام بسحب ترشيح يوسف العطاونة ووائل يونس ليتسنى للمرشحة نيفين أبو رحمون الدخول كممثلة عن التجمع للبرلمان، وبهذا يكون قد اكتمل الالتزام وغير ذلك ما هو إلا ألاعيب ومماطلة لا تصب في مصلحة الوحدة والشراكة.
حتى اللحظة لم نسمع سوى هذه الأخبار المهدئة التي لا تفي بالغرض، أنا لا أعرف حتى اللحظة ما هو المعيق للالتزام بالعهود كاملة، أم أن هناك من يغرد خارج السرب ويلقى تأييدا من داخله بتبني مصطلحات مثل أوساط في الحركة الوطنية أو بث روح خلافية مثل حمائم وصقور وكأنه ما زال في البيضة محميا بقشرها.
إن الالتزام واضح ويجب تبنيه وكل قرار لا يفي بغرض التمثيل المنصف للمركبات هو نقض للوعود سيعاقب عليها من قام بها ومن حفز لها.
الأمر واضع ولا يستدعي مشاورات ولا خبراء، فالمماطلة لا تصب بالمصلحة العامة، بل بمصالح بعض المتسلقين الذاتيين الذين يختبئون وراء حركات وهمية وكأن الناس كلها لا تعي من هم وما هو دورهم الحقيقي.
فبعض مركبات المشتركة تم احتوائها على مبدأ 'مرغم أخاك لا بطل'، إضافة لبعض التنازلات هنا وهناك على أمل أن يتوحد عرب البلاد تحت مظلة وحدوية تخدم مشروع فلسطينيي البلاد، أما أن يظن بعض نجوم شبكات التواصل أن لعبته غير مكشوفة وأنه محنك سياسي كالذي يلعب ذات اللعبة في منظمة التحرير الفلسطينية، فهو مخطئ ولن تسامحه الجماهير على دوره السيء منذ عشرات السنين.
إن ضمه للمشتركة كان من باب احتواء الابن الضال، أما الطامة الكبرى عندما ظن الابن الضال أنه مرجعية وبوصلة ولا يمكن للأمور أن تتيسر بدونه.
إن الابن الضال ليس وحيدا، إنما وجد بيئة خصبة عند بعض ضعاف النفوس والذاتيون الذين ينظرون إلى العالم من منظورهم وكأنهم مركز العالم ويجب على العالم وضع كل ثقته وطاقاته في السامري الأخير.
برأيي، يجب مناداة كل باسمه فقد فات أوان مراعاة مشاعر فاقدي الإحساس، كما ويجب أن يغربل المتسلقين والانتهازيين، فنحن شعب نستحق قيادة أكثر صلابة وجدية.
آن أوان اختيار قيادات حقيقية تعي هموم شعبها وتفضلها على نفسها، كما وأن هناك من لم يعد في مسيرتهم أي بريق ولا أمل فقط خارت قواهم خاصة بعد أن قطعوا شوطا طويلا بالعدو وراء نجوميتهم وشخصهم.
نحن شعب ذاق المر ويستحق قيادة حقيقية تمثيلية بعيدا عن المشاريع الشخصية، لميادين النضال هنالك متطلبات خاصة غير تلك التي تعني نجومية البعض، فمن يبحث عن نجومية فليذهب ويبحث عنها في ميادين كثيرة أخرى.
نحن شعب واع بوصلتنا القيم والأخلاق وتنفيذ الوعود، أولا يجب تنفيذ الالتزام بدخول الممثل الرابع عن التجمع والرابع عن الحركة الإسلامية ولكل حادث حديث، يكفي مماطلات وألاعيب، فشعبنا يستحق أكثر بكثير من هكذا تصرفات، كما وأنه لن يسامح على أي تلاعب بمصيره ولا أي تلاعب ونقض للوعود.
التعليقات