16/11/2016 - 13:15

ثغرة في الدستور الأميركي قد تعزل ترامب!

بعد حوالي أسبوع من انتهاء الانتخابات الأميركيّة، ما زال السياسيون والمحللون يحاولون فهم كيفية وصول ترامب إلى الحكم، خاصة وأنّ نتائح الانتخابات خالفت كلّ التوقّعات والإحصائيات

ثغرة في الدستور الأميركي قد تعزل ترامب!

بعد حوالي أسبوع من انتهاء الانتخابات الأميركيّة، ما زال السياسيون والمحللون يحاولون فهم كيفية وصول ترامب إلى الحكم، خاصة وأنّ نتائح الانتخابات خالفت كلّ التوقّعات والإحصائيات، وهو ما يعكس خللًا واضحًا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وخوارزمياتها المتّبعة، إذ يعتمد 44٪ من الأميركيّين على مصادر أخبارهم من موقع فيسبوك، حسب دراسات وإحصائيّات، وهو ما دفع مارك زوكربيرغ مؤسس موقع فيسبوك، إلى الدفاع عن فيسبوك أمام الاتهامات التي طالت فيسبوك بالتأثير على نتائج الانتخابات الأخيرة.

وأثارت مواقع التواصل الكثير من المتخصصين للبحث عن الخلل في الخوارزميات المسؤولة عن إظهار المنشورات في فيسبوك على سبيل المثال، وذلك من خلال معايير الخوارزميات المستخدمة، وأهمّها قابلية القصص للانتشار والرواج والتفاعل، بغضّ النظر عن مدى مصداقية الأخبار المقدّمة.

مقدمة لعنوان كاذب

في الحقيقة ليست هناك أيّة ثغرات في الدستور الأميركي استغلها ترامب للتفوّق على منافسته الديمقراطيّة هيلاري كلينتون، إذ اختبر الإعلامي والناشط الأميركي 'مات ماسور' في مقال له على النسخة الأميركيّة من 'هافنغتون بوست'، قوّة العناوين الكاذبة، ومدى الجذب الذي يمكن أن تقدّمه مثل هذه العناوين، حيث قدّم ماسور الثغرة التي يمكن من خلالها استبدال 'بيرني ساندرز' الديمقراطي بـ'دونالد ترامب' الجمهوري' على شكل عنوان جذّاب، وراهن على تفاعل الناس مع المقال، دون أن يزعجوا أنفسهم حتّى بقراءته، على الرغم من أنّه لا يقدّم أي معلومة صحيحة، ويبدو أنّه كسب رهانه.

وقال ماسور في المقال الذي يشبه الفخ إلى حدّ كبير، 'إليكم ما نحتاج إلى فعله بالضبط لننقذ مجتمعنا العظيم. المعلومات الموجودة هنا هي ما كنّا ننتظره جميعًا. يمكننا إن أقمنا على هذا أن نجعل بيرني ساندرز الرئيس في يوم التنصيب بدلًا من دونالد ترامب'.

وتابع ماسور 'في الواقع لا، لا يمكننا ذلك، لا توجد ثغرة تسمح لشخص عشوائي بتولي منصب الرئيس. إنّه أمر منطقي. لكنّك دخلت لقراءة هذا المقال، وربما شاركته على أيّة حال. وهذا بالضبط هو الهدف الحقيقي من هذا المنشور'.

مواقع التواصل ... الحقيقة الكاذبة

لم تكن  المنشورات الكاذبة تشكّل خطرًا حقيقيًّا على ما يبدو، إلا أنّه ومع موسم الانتخابات الأميركيّة، انفجرت كلّ هذه المعلومات مرّة واحدة، وساعدت بشكل أو بآخر بإغراق مواقع التواصل بسيل من المعلومات الكاذبة والمغلوطة، والتي ساعدت على تشكيل الرأي العام، ثمّ إلى انتخاب دونالد ترامب رئيسًا.

وحسب ماسور، فإنّ القرّاء لا يدخلون في التفاصيل، لذلك ستجد الأغلبيّة العظمى التي تفاعلت مع منشور آخر دون غيره، بسبب العنوان الجذاب، وعلى الأغلب لا ينقرون لقراءة القصّة أو المقال بشكل كامل، والمثير للسخرية أنّ هؤلاء هم أحوج الناس إلى الدخول في التفاصيل.

وحسب تقرير منشور في موقع 'فوكس'، يشير أنّ فيسبوك قد ألحق الأذى البالغ بالسياسة الأميركيّة، وذلك لرفض مؤسسه مارك زوكرربيرغ الاعتراف بحقيقة أنّ الموقع يعتبر من أهمّ المنابر الإعلاميّة في العالم، ووفقًا لهذا الاعتراف الذي يرفضه فيسبوك، فإنّه يتحمل مسؤوليّة تعديل الخوارزميات المستخدمة في ترشيح وإظهار المنشورات.

إشاعات استغلّها ترامب

الجميع يذكر ذلك. تلك الأخبار التي انتشرت كالنار في الهشيم عند افتتاح العمليّة الانتخابيّة، والتي تداولها ملايين المستخدمين لمواقع التواصل حول العالم، ومنها أنّ البابا فرانسيس كان قد أعلن تأييده لدونالد ترامب، وأنّ أحد المشتبه بهم بتسريب رسائل البريد الخاص المتعلّق بهيلاري كلينتون، قد عُثر عليه مقتولًا، وغيرها الكثير من المعلومات المغلوطة.

ومن هذا المنطلق، يعتمد زوكربيرغ على تجنّب تصنيف فيسبوك كشركة إعلاميّة، وتحقق ذلك في تصريحاته على أنّها شركة تكنلوجيّة، إذ يخلي بذلك مسؤوليته عن المحتوى المنشور بها، حيث أنّها كشركة إعلاميّة، تحتاج إلى تطوير وسائل لمراقبة المحتوى، لكن فيسبوك يحاول التملص من ذلك مرارًا وتكرارًا.

وفيما يتعلّق بحالة الإنكار هذه، فقد أصبحت مشكلة فيسبوك الرئيسيّة هي قضيّة الأخبار الوهميّة، حتّى أنّ المواقع الإخباريّة أصبحت تستقي معلوماتها من منصات التواصل، والعكس صحيح، فالكثير من المواقع الإخبارية أصبحت تقوم بنشر أخبارها التحريضيّة لتحقيق الانتشار على فيسبوك.

فيسبوك بين المطرقة والسندان

على الرغم من كلّ الادعاءات التي يحاول زوكربرغ التملّص منها، إلا أنّ فيسبوك يعتبر منصة توزيع رئيسية لمعظم وسائل الإعلام الرقميّة، وأغلب الأموال التي تجنيها الشركة تأتي عن طريق الإعلانات.

وبخصوص الأخبار الكاذبة، فقد كتب زوكربيرغ على صفحته في فيسبوك '99٪ من المنشورات التي يشاهدها الناس على فيسبوك أصيلة، وجزء صغير منها وهمي وخادع'.

قد يكون أمرًا مستفزًّا لإدارة فيسبوك مراقبة الأخبار الوهميّة، والأكثر استفزازًا هو الاعتراف بأنّ جزء كبير من هذه الأخبار كاذبة بالفعل، ولذلك تصبح الحملات الترويجيّة والإعلانيّة المدفوعة أكثر وضوحًا للمستخدمين، مما يصعب عمليّة تحقيق الأرباح من خلالها.

وفي وقت سابق، أعلنت شركتا جوجل وفيسبوك، أنّهما ستعملان على فرض عقوبات على المواقع الإخباريّة الوهميّةـ وذلك على خلفية تزايد المخاوف من الانتشار السريع للمعلومات غير الدقيقة على شبكة الانترنت، وكذلك أعلنت أنّها 'لن تظهر أية إعلانات على الصفحات أو الحسابات التي تنشر محتوى مضللًا، أو تحتوي على أخبار كاذبة'.​

لقد أنفقت الملايين لمحاولة إقناع الناخبين على فيسبوك، فإذا لم يكن لذلك أي أهميّة، هل يمكنني استرجاع أموالي؟

خمس نصائح للتحقق من المحتوى حسب ما جاء في مقال ماسور:

1. اقرأ أولًا.. ثمّ شارك

أنا نفسي مُذنب بالتعليق أو حتى نقر زر المشاركة بناءً على عنوان القصة. هذا أسوأ شيء يُمكن لأي منا فعله. توقفوا عن التكاسل.

2. تفقد المصدر ومصادر المصدر

في عصر الإعلام الجديد، تأتي المعلومات الحقيقية والصحيحة من مصادر غير تقليدية، لكن الأمر يسري على الكثير من الكلام الفارغ. ينبغي على أي مقال ينشر حقائق، أو أرقامًا، أو اقتباساتٍ أن يقدّم مصدرًا لهذه المعلومات. إن لم يوجد شيءٌ يدعم مزاعم المقال، تجاوزه.

3. احذر من القصص المُعاد تدويرها

أحد الأمور التي يبدو أنّها تُغذي مشكلة المعلومات المغلوطة هي القصص القديمة عندما تُقدّم على أنّها تحدث الآن. تفقد تاريخ القصة قبل أن تُكمل القراءة. ستصدمك رؤية العدد الكبير منها الذي ينتمي إلى زمنٍ قديمٍ ولا يُمكن تطبيقه على الحدث الراهن الذي ظننت أنّ القصة تتحدث عنه.

4.  إن كنت تهتمّ بشأن الحقائق.. تجاهل المحتوى الموجّه

امتلاك وجهة نظرٍ أو أخذ موقفٍ في قصة صحفية ليس أمرًا خاطئًا في ذاته. لكن الخطأ هو عندما تؤخذ هذه الأفكار على أنّها حقائق غير منحازة. يمكنك تفادي كل هذا ببساطة عن طريق تفادي هذه المواقع المنحازة. أي موقعٍ يحمل كلمات: محافظ، ليبرالي، ديمقراطي، جمهوري… إلى آخره في العنوان هو فقط يعرض بضاعته المنحازة. وهذا لا بأس به إن اخترت العيش في فقاعة الجانب الذي تنتمي إليه، لكن أرجوك لا تتوهم للحظة أن هذه القصص تعكس الصورة الكاملة.

5. استخدم جوجل

إن رأيت قصة لا تُصدق أو لا تحتوي على مصادر، وحتى إن احتوت، تحقّق من صحتها. تفقد ما إذا كانت الحقائق ذاتها منشورة على منصات متعددة. تفقد ما إذا كان أحدهم يشكك في هذه الحقائق. اقرأ هذه المقالات ثمّ كوّن وجهة نظرك.

إن  اتّخذنا كلنا هذه الخطوات البسيطة، سيصير مجتمعنا مكانًا أفضل. كلّنا لدينا آراؤنا وانحيازاتنا، لا مشكلة في هذا، لكن هل يمكننا على الأقل أن ننطلق من نقطة بداية مشتركة مبنية على الحقائق والواقع؟

اقرأ/ي أيضًا | موت الرجل الأبيض وصعود ترامب

الحق أنّ مشاركة الأشياء غير المنطقية يبدأ في النيل من مصداقيتك أنت، ويجعلك تبدو أحمق. ثق في كلامي، إنني أتحدث عن خبرة.

التعليقات